هل تستغل "إسرائيل" المشهد الجديد في الشرق الأوسط لمهاجمة اليمن؟

 تحولات كبيرة تعيشها المنطقة، بعد السقوط المدوي لنظام بشار الأسد في سوريا، وسعي "إسرائيل" لاستغلال الظروف الراهنة لفرض واقع جديد، وانتزاع أكبر قدر ممكن من المكاسب.

وبينما ينشغل العالم بتداعيات سقوط الأسد، وترتيب المشهد في سوريا، تتجه "إسرائيل" لتوجيه ضربة لجماعة الحوثي في اليمن، رداً على استمرار هجماتها على الأراضي المحتلة، وفق هيئة البث الإسرائيلية.

وخلال الأيام القليلة الماضية أعلنت الجماعة عن عدة هجمات استهدفت مواقع داخل الأراضي المحتلة، لتشكل بذلك التهديد الأبرز لـ"إسرائيل" بعد تحييد "حزب الله" وإيران، فهل يُقدِم جيش الاحتلال على شن عملية واسعة في اليمن؟

توجيه رسالة

وفقاً لهيئة البث الإسرائيلية فإن جيش الاحتلال يدرس توجيه رسالة أكثر إيلاماً للحوثيين؛ بسبب استمرارهم في إطلاق الصواريخ والمسيرات باتجاه الأراضي المحتلة.

ونقلت الهيئة عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن الجيش الإسرائيلي يدرس شن هجوم كبير في اليمن، بعد إطلاق جماعة الحوثي صاروخين خلال الأيام القليلة الماضية.
 
ووفق المسؤول الإسرائيلي فإن الحوثيين استمروا في تنفيذ هجماتهم، في الوقت الذي خفضت الفصائل العراقية من هجماتها على الأراضي المحتلة، ما يتطلب توجيه رسالة أكثر إيلاماً للجماعة اليمنية.

ومنذ أكتوبر 2023، نفذت جماعة الحوثي عشرات الهجمات على الأراضي المحتلة، رداً على استمرار جرائم الاحتلال الإسرائيلي، واعترفت "إسرائيل" بوقوع أضرار من جراء العديد من تلك الضربات.

وسبق أن نفذ جيش الاحتلال هجومين على جماعة الحوثي في اليمن؛ الأول في 20 يوليو، والثاني في 28 سبتمبر الماضيين، استهدفا مدينة الحديدة غرب البلاد، رداً على هجمات الحوثيين، خصوصاً بعد مقتل إسرائيلي بسقوط طائرة مسيرة أطلقتها الجماعة على مبنى في تل أبيب يوم 19 يوليو الماضي.

هجمات مستمرة

أعلنت جماعة الحوثي، مساء امس الثلاثاء، عن تنفيذ عمليات هجومية ضد سفن ومدمرات أمريكية، وأهدافا عسكرية في إسرائيل.
 
وقال المتحدث العسكري لجماعة الحوثي في بيان له على منصة إكس، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت من خلالها ثلاث سفن إمداد أمريكية بعد خروجها من ميناء جيبوتي، بالإضافة لمدمرتين أمريكيتين في خليج عدن كانت ترافق سفن الإمداد.
 
وأشار إلى أن العملية نفذت بعدد من الصواريخ والطائرات المسيرة، لافتا إلى أن الاستهداف لهذه السفن والمدمرات هو الثاني خلال عشرة أيام.
 
وأوضح أن الجماعة نفذ صباح امس الثلاثاء، عمليتين عسكريتين استهدفتا أهدافاً عسكرية في منطقتي يافا وعسقلان في فلسطين المحتلة بطائرتين مسيرتين.
 
ويوم الاثنين (9 ديسمبر)، أعلنت جماعة الحوثي عن هجوم بطائرة مسيّرة على "هدف حساس" في منطقة يفنة في أسدود، جنوب يافا، بالأراضي المحتلة.

الجماعة قالت إن الهجوم أصاب الهدف بدقة، مؤكدةً استمرار عملياتها حتى إيقاف العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، في الوقت الذي تداول ناشطون مشاهد تظهر لحظة إصابة أحد المنازل من جراء سقوط الطائرة المسيرة جنوب تل أبيب.

وأكد جيش الاحتلال إصابة مبنى جنوب تل أبيب، من جراء سقوط طائرة مسيرة أُطلقت من اليمن، حيث قالت القناة "13" الإسرائيلية إن الطائرة أصابت الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنة، وألحقت دماراً كبيراً بشقتين، في حين تم تأكيد عدم وقوع إصابات.

وخلال الأسبوعين الماضيين، أعلنت الجماعة عن هجمات استهدفت مواقع وأهدافاً في تل أبيب وحيفا وأسدود وأيضاً إيلات، متحدثة عن إصابات دقيقة، في الوقت الذي يكتفي فيه الإعلام الإسرائيلي بالحديث عن اعتراضات لبعض تلك الهجمات دون وقوع إصابات.
 
تهديد إسرائيلي

وبنظر "إسرائيل" فإن اليمن جبهة حرب أخرى يخوضها جيش الاحتلال ضد الحوثيين المدعومين من إيران، وسبق أن هدد نتنياهو، منتصف سبتمبر الماضي، جماعة الحوثي بدفع ثمن باهظ بسبب استمرار هجماتهم على الأراضي المحتلة.

وبالنظر لخارطة الصراع الحالية، ونجاح "إسرائيل" في تحييد خطر "حزب الله" اللبناني نسبياً، واستمرارها في ارتكاب الجرائم بغزة، وأيضاً انشغال إيران بملفات أخرى، وسقوط الأسد، تبقى جماعة الحوثي الخطر الأبرز في وجه حكومة الاحتلال، أو هكذا يرى القائمون على هذه الحكومة.

وقد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي (9 ديسمبر)، إن دولة الاحتلال تعمل بطريقة منهجية على تفكيك ما أسماه "محور الشر"، لافتاً إلى أنها تقوم حالياً بـ"تغيير الشرق الأوسط"، وذلك في إشارة للجبهات التي أشعلتها تل أبيب ومنها اليمن.

لكن وبالنظر للضربات السابقة التي وجهتها "إسرائيل" والولايات المتحدة للحوثيين، ثمة شكوك حول نجاح أي عمليات قادمة تستهدف الجماعة.

وفي 21 أكتوبر الماضي، قالت صحيفة "ذي تايمز أوف إسرائيل"، إن حكومة الاحتلال تفتقر إلى استراتيجية واضحة للتعامل مع خطر هذه الجماعة وسط انشغالها في الحرب في غزة وغيرها من التحديات.

ويبدو أن ثمة خيارات عدة أمام "إسرائيل" لمواجهة الحوثيين، من بينها الهجوم المباشر، لكن الاعتماد على الولايات المتحدة وإدارة دونالد ترامب المقبلة، ربما تكون الخيار المثالي لوقف هجمات الجماعة على الأراضي المحتلة.

سيناريو مختلف

ويرى البعض أن "إسرائيل" لن تتورط في عملية عسكرية واسعة ضد الحوثيين في اليمن، ويقول الخبير العسكري والاستراتيجي محمد المقابلة، إن دولة الاحتلال ومن ورائها الولايات المتحدة قد تحاولان استغلال الظروف الحالية وتحويلها إلى فرص، عبر توجيهها.

وأضاف المقابلة : "بالنسبة للحوثيين فإن "إسرائيل" أو أمريكا لن تتدخل تدخلاً مباشراً على الإطلاق، ولن يصنعوا الحدث وإنما سيوجهونه".

ولفت إلى أنه "بعد تحجيم إيران في المنطقة، بقي لـ"إسرائيل" ذراع الحوثيين في اليمن، ولا بد من قطعه".
 
بدوره يقلل الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني علي الذهب، من احتمالية قيام "إسرائيل" بتوجيه عملية عسكرية واسعة ضد الحوثيين، مشيراً إلى أن المرجح أن يكون هناك عمليات فردية كالسابقة.

وأوضح الذهب : "أستبعد وقوع شيء في الوقت الراهن، ويبدو أن الاتجاه نحو العراق لا اليمن في الوقت الراهن وحتى بداية العام، فالهدف إيران، والحوثيين مجرد أداة لديها".

واختتم حديثه بالقول: "أتوقع في الوقت الراهن ضربة منفردة مثل الضربات السابقة، وأستبعد عملاً واسعاً".

تقرير أمريكي: حلفاء إيران بالمنطقة في التراجع إلا في اليمن.. هل الدور القادم على الحوثيين؟

قال موقع أمريكي إن حلفاء إيران في الشرق الأوسط تراجعوا، إلا في اليمن الذي تشن منه جماعة الحوثي المتمردة هجمات على سفن الشحن في البحر الأحمر.
 
وأضاف موقع " maritime-executive" المتخصص بأخبار الملاحة الدولية في البحار في تقرير إن طهران خسرت أذرعها في لبنان وسوريا، وتبقى الحوثيون في اليمن يواصلون هجماتهم بالبحر الأحمر.
 
وتابع "محور المقاومة الإيراني - شبكتها من الحلفاء في جميع أنحاء الشرق الأوسط، والتي رعت واستثمرت بكثافة لعقود - تحت الضغط وفي كل مكان تقريبًا، حيث فقدت حماس في غزة قيادتها والكثير من قوتها القتالية، وتعثر حزب الله بالمثل في لبنان وهو على أعتاب فقدانه المهيمن على النظام السياسي اللبناني، اثر الحرب مع إسرائيل.
 
في سوريا - حسب التقرير - فإن عمليات الاستحواذ على الحكومة من قوات المعارضة السورية وسقوط نظام بشار الأسد تعني نهاية الوجود الإيراني - وربما الوجود الروسي الطويل الأمد أيضًا. حتى في العراق، سادت الحكومة التي يراسها السوداني في الأسابيع الأخيرة في استقلالية ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من الإيرانيين، خائفة من التعرض للإفراط في التعرض.
 
يقول التقرير "لكن في أحد إقطاعات إيران، لا يزال محور المقاومة قويًا في اليمن"، مشيرا إلى أن حملة الحوثيين ضد الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن لا تظهر أي علامات على التراجع.
 
وأردف "لم تؤدِ الضربات الأمريكية والبريطانية ضد الصواريخ المناهضة للشحن والطائرات بدون طيار ودعم البنية التحتية إلى قمع شدة الهجمات. تستمر شركات الشحن في تحويل حركة المرور حول Cape ، وكلا من العمليات البحرية الأمريكية والاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر ، في حين أنها فعالة عند وجودها ، لم يكن لديها سفن كافية في البحر لتحييد التهديد. هذه المعركة بالذات تبدو عالقة في طريق مسدود.
 
وذكر أن الطوائف السنية في المنطقة تجلس على الهامش مقيدة من خلال عدم التغلب على المشاعر الشعبية الداعمة على نطاق واسع لحماس والقضية الفلسطينية، وقال إن "الحكام في المنطقة صامتون ولم ينضموا بشكل علني محاولات للحد من الأنشطة الحوثي".
 
واستدرك الموقع الأمريكي "لكن الغضب يتصاعد داخل الحكومات بتكاليف تفرض حملة الحوثي، ولن يكون الأمر مفاجأة إذا كان حكام الخليج يفكرون في نشر جزء صغير من التكاليف الإضافية الكبيرة المفروضة عليهم، مع التفكير في ما إذا كان من الأفضل إنفاق بعض هذه الأموال على محاولة متجددة لإزاحة أو تحييد الحوثيين".
 
وزاد "مع ضربات الحوثي بدون طيار جنوب تل أبيب يوم أمس الاثنين، ستفكر إسرائيل في عملها".
 
وأفاد أن دول الخليج كانت مترددة في اتخاذ موقف عدائي للغاية تجاه الحوثيين، حيث يسعى السعوديون على وجه الخصوص إلى تمديد وقف إطلاق النار مع الحوثيين الموقع في عام 2022 - كوسيلة للخروج من حرب كارثية ومكلفة.
 
 واستطرد "لكن الصبر يتجسد، مع كل من إيران وروسيا على القدم الخلفية، ومحور انهيار المقاومة، فإن توازن الميزة يتحول. وهناك إزعاج خاص لم ينسحب الحوثيون من ميناء الحديدة، وهو جزء من اتفاق عام 2022 الأمم المتحدة الذي كرم خصومهم ولكنهم استفادوا من الحوثيين بدلاً من ذلك".