Logo

كيف سيرد الحوثيون بعد هجمات أمريكا على إيران؟

 ما إن شنَّت الولايات المتحدة هجماتها على إيران، حتى أثيرت تساؤلات كثيرة حول موقف حلفاء طهران ومنهم جماعة الحوثيين من هذا التطور العسكري اللافت.
 
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أعلن الليلة الماضية أن جيشه نفّذ "هجوما ناجحا جدا" على 3 مواقع نووية إيرانية، بينها منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض.
 
بينما اعتبرت إيران أن الهجوم الأميركي على منشآتها النووية في فوردو ونطنز وأصفهان "عملا وحشيا ومخالفا للقانون الدولي" وطالبت بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن لإدانة هذا الهجوم.
 
الرد المناسب
 
وفي اليمن، لم يتأخر الحوثيون، وتوعدوا بالرد المناسب على العدوان الأميركي بما يحفظ كرامة إيران وسيادتها.
 
وقالت حكومة الحوثي في صنعاء في بيان لها امس الأحد "نقف بشكل كامل مع الشعب الإيراني الشقيق، في مواجهة العدوان الأميركي والإسرائيلي، ونؤكد على الصمود في وجه التحديات، وسنقوم بالرد المناسب على العدوان، بما يحفظ كرامة إيران وسيادتها".
 
وكان المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع قد توعد أمس باستهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر في حال اعتدت واشنطن على إيران إسناداً لإسرائيل.
 
وأضاف في بيان مصور أن "قواتنا تتابع وترصد كافة التحركات في المنطقة، منها التحركات المعادية ضد بلدنا، وستتخذ ما يلزم من إجراءات مشروعة للدفاع عن بلدنا العزيز وشعبه الأبي".
 
واعتبر أن الوسائل العسكرية التي سيلجأ إليها الحوثيون تكمن باستهداف كافة السفن التجارية الأميركية في البحر الأحمر، والقطع الحربية من البوارج والمدمرات، خاصة أنها تمتلك الصواريخ الفرط صوتية.

  تراجع هجمات الحوثيين ضد تل أبيب خلال الحرب الإسرائيلية - الإيرانية؟ 

لم يشهد الأسبوع الماضي من هجمات حركة الحوثي في العمق الإسرائيلي سوى عملية واحدة تم الإعلان عنها في 15 حزيران/يونيو. 

وبينما أعلنت الحركة بتاريخ 12 الجاري عن عدد من الهجمات، بما فيها التي لم تعلن عنها سابقًا؛ لم تعلن الخميس الماضي عن محصلة الأسبوع من العمليات؛ 

لكنها أكدت استمرار عملياتها العسكرية ضد العدو الإسرائيلي وفي البحر الأحمر؛ ما يدفع للسؤال عن أسباب تراجع الهجمات خلال الأسبوع المنصرم، لاسيما وأن ذلك يأتي بعد مرحلة من الهجمات الحوثية شبه اليومية، في سياق ما أعلنت عنه الحركة من حظر على الملاحة الجوية لمطار بن غوريون والملاحة البحرية لميناء حيفا.

تزامن تراجع هجمات الحوثيين مع اشتعال الحرب الإسرائيلية-الإيرانية، والتي تشهد توالي الهجمات المتبادلة بين الجانبين؛ فهل يمثل هذا مبررا لتراجع هجمات الحركة؟ 

كانت معظم هجمات الحوثيين قبل الحرب الإسرائيلية - الإيرانية تستهدف الملاحة في مطار بن غوريون وميناء حيفا البحري؛   فهل كان هذا سببًا لتراجع هجمات الحوثيين؟

في حال كانت أهداف الحركة محصورة في مطار بن غوريون وميناء حيفا ربما يكون مبرر التراجع وجيهًا من جانب الحرب الإسرائيلية - الإيرانية، لكن العملية الأخيرة لم تذكر أنها استهدفت مطار بن غوريون أو ميناء حيفا،
 
 وقد تناسقتْ هذه العمليةُ مع العملياتِ التي ينفذُها الجيشُ الإيرانيُّ والحرسُ الثوريُّ ضدَّ العدوِّ الإسرائيليِّ المجرم»، وفق المتحدث العسكري باسم الحركة.
 
 وقبل ذلك فالحركة أكدت أن عملياتها العسكرية مستمرة حتى يتم إيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ورفع الحصار؛ ما يعني افتراض استمرار العمليات.

مساعد مدير دائرة التوجيه المعنوي في وزارة الدفاع في حكومة الحوثي ، العميد عابد الثور، أوضح أن إطلاق الصواريخ اليمنية في الوقت الراهن لا يتم إلا بتنسيق مشترك مع الغرف المشتركة لمحور المقاومة وإيران.

وقال إنه «لا يوجد تراجع في العمليات اليمنية؛ لكن العمليات لا تتم إلا عندما يكون لها تأثير على العدو الإسرائيلي؛ علاوة أن العمليات الإيرانية مكثفة، ففي الموجة السابعة عشرة من الهجمات الإيرانية نفهم أن الأسلوب القتالي الإيراني يغطي كل الأرض الفلسطينية المحتلة».
 
وقال: «لا يمكن اعتبار ما يحدث تراجعا في العمليات، ويمكن القول إنه يندرج في إطار الخطط الاستراتيجية، وبالتالي في الوقت الراهن لا يتم إطلاق صواريخ إلا بتنسيق مع الغرف المشتركة لمحور المقاومة وإيران.
 
طبيعة المساندة
 
من جهته، يقول الباحث الأول في مجموعة الأزمات الدولية أحمد ناجي إن الوضع قد يتغير بشكل كبير بعد أن تدخَّل الأميركيون في الصراع وساعدوا إسرائيل بقصف المنشآت النووية الإيرانية.
 
وأضاف "في هذه الحالة، سيكون هناك خطر حقيقي على إيران، ومن المرجح دخول الحوثيين على الخط لمساندتها بشكل واسع".
 
وخلص ناجي إلى أن هذه المعركة ليست محصورة بإيران فقط، بل إنها تحدد مصير "محور المقاومة" بأكمله الذي يُعد الحوثيون أحد مكوناته الرئيسية.
 
وبدوره، يتوقع رئيس تحرير موقع "هنا عدن" الصحفي أنيس منصور هجمات حوثية جديدة، بما في ذلك إمكانية إغلاق مضيق باب المندب، واستهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر وخليج عدن، 

وقال: إن جميع الخيارات والاحتمالات واردة جدًا، ولا يمكن فصل الموقف الإيراني عن نظيره الحوثي.
 
واعتبر منصور أن أفعال الحوثيين امتداد مباشر للسياسة والإدارة والقيادة الإيرانية، مشددا على وجود تنسيق كبير وغرف عمليات مشتركة بين الجانبين، مما يجعل من المستحيل على هذه الجماعة اليمنية الخروج عن الإطار الإيراني.
 
ولفت إلى أن العدوان الأميركي على إيران وتهديد أنصار الله (الحوثي) باستهداف السفن والبوارج الأميركية يشير إلى تطور نوعي يتمثل بأن "اتفاق السلام أو وقف إطلاق النار بين أميركا والحوثيين قد فشل أو تعثر".
 
وأضاف أن "البيان الذي أصدره الحوثيون، السبت، يشير بوضوح إلى أنه في حال ضرب أميركا إيران فإن اليمن سيغلق باب المندب".
 
وتابع "المستجدات الجديدة جراء العدوان الأميركي والإسرائيلي على إيران خلطت الأوراق وأعادتنا إلى مربع جديد من المواجهة".
 
ورقة ضغط
 
وفي تعليقه على هذه التطورات، يرى المحلل السياسي عبد السلام قائد أن التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران ودخول الولايات المتحدة المعركة قد زاد من تعقيد المشهد في المنطقة وسيجعل للحوثيين دور عسكري.
 
وأضاف قائد "بعد تدخل واشنطن بشكل مباشر في مهاجمة منشآت نووية إيرانية قد تطلب طهران من حلفائها التحرك لمساندتها، وسيتمثل دور الحوثيين حينها بإغلاق مضيق باب المندب واستهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر، أو القواعد العسكرية الأميركية بالخليج، وهو ما أكد عليه الحوثيون في بيانهم يوم أمس.
 
ولفت المحلل السياسي إلى أن "تحرك الحوثيين سيكون بمثابة ورقة ضغط قوية في يد إيران وحلفائها في سبيل مواجهة أميركا وإسرائيل".