Logo

الخلافات داخل «مجلس القيادة الرئاسي» : أسئلة في المتن؟

 منذ إعلان تشكيله، في العاصمة السعودية، خلال نيسان/أبريل 2022، لم تتوقف الخلافات والتباينات بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني؛ بل أن بعضها يظهر على السطح ليس من خلال تسريبات إعلامية، 

بل، أحيانًا، من خلال تصريحات لأعضاء في المجلس نفسه؛ كما حصل، مؤخرًا، في البيان الصادر عن المكتب السياسي ل ”المقاومة الوطنية” التي يرأسها عضو المجلس، طارق صالح، واتهامه لرئيس المجلس بالإقصاء والتمييز؛ وغيرها من الخلافات وصولًا إلى إعلان أحد الأعضاء تعليقه حضور اجتماعات المجلس.

في هذا الصدد؛ قالت ورقة صادرة عن مركز المخا للدراسات، “بين كل فترة وأخرى يتصاعد التباين بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، لأسباب عدة، يأتي على رأسها اختلاف الدوافع والتطلعات، وارتباط أغلب الأعضاء بخلفيات أيديولوجية أو سياسية أو مناطقية متباينة الرؤى والولاءات، 

إضافة إلى تأثير قوى إقليمية حاضرة في المشهد اليمني، وفاعلة في تحريك تفاصيله، ما يؤدي إلى الانعكاس على حالة الانسجام داخل مجلس القيادة الرئاسي، والتأثير على العملية السياسية والاقتصادية، التي تشهد تدهورًا مستمرًا منذ صعود المجلس”.

ورأت الورقة أن “التباين المتصاعد بين المكتب السياسي للمقاومة الوطنية بقيادة طارق صالح، ومجلس القيادة الرئاسي برئاسة رشاد العليمي، يعكس صراعًا عميقًا على النفوذ والقرار السياسي في اليمن، وسط غياب المؤسسية والشفافية”.

وفيما يتعلق بتأثير دولتي التحالف العربي، قالت الورقة: “تعد دولتي التحالف العربي، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، الداعمتين لمجلس القيادة الرئاسي، طرفا في هذه الديناميكية،

 فالعليمي أقرب للسياسة السعودية، وتوازناتها في الملف اليمني، بينما صالح أقرب للسياسة الإماراتية، ويسعى لتعزيز مكانته كلاعب أساسي له وزنه وحصته، وبدعم مباشر ِمن الإمارات، ضمن خطة إماراتية تسعى لتغييب مؤسسات الدولة، وتفتيت الجغرافيا اليمنية، لصالح تعزيز كيانات ما دون الدولة؛ 

وهذا التباين في الرؤى والمصالح، المدعوم أحيانا بتناقضات إقليمية متباينة، يولد احتكاكًا مستمًرا، سواء على مستوى التوافق على القرارات الكبرى، أو عند محاولة ترجمة التوافقات إلى خطوات تنفيذية علـى الأرض، حيث تبرز التناقضات في الولاءات. 

إضافة إلى تباين الأجندة والمصالح بين الرياض وأبو ظبي في بعض الأحيان، الأمر الذي ينعكس بشكل مباشر على أجنحة المجلس الرئاسي”.

فيما يؤكد أستاذ علم الاجتماع السياسي بمركز الدراسات والبحوث اليمني بصنعاء، عبد الكريم غانم أن “الخلافات بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي في كثير من الأحيان، تعد خلافات بالوكالة، أو انعكاس للخلاف بين الرياض وأبو ظبي”.

أما إجابته على السؤال حول الأسباب وراء استمرار الخلافات داخل المجلس منذ تشكيله فيقول عبد الكريم غانم : “بعد سنوات من الصراعات الدامية بين بعض مكونات دعم الشرعية، جاء الإعلان عن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، لإضفاء الشرعية على سلطات الأمر الواقع، 

ومهمة هذا المجلس في جوهرها هي تثبيت الوضع القائم، وإدارة الاختلافات بين مكونات الشرعية، لا القضاء على أسباب الاختلافات، والالتزام بما سمي بالهدنة الأممية كمقدمة للسلام مع الحوثيون ، 

ولعل منبع الخلافات التي تظهر على السطح بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، بين حين وآخر وقوع رئيس مجلس القيادة الرئاسي بين ضغوط قوى الوحدة التي تنتظر منه التصرف كرئيس للجمهورية اليمنية، والضغوط التي تمارسها عليه سلطات الأمر الواقع ليتصرف كشريك محدود الصلاحية، ويلتزم بأسلوب العمل كفريق واحد، 

الأمر الذي يجعل مواقف رئيس المجلس تبدو هلامية، غير واضحة المعالم، في ظل افتقاره للقوة المسلحة على الأرض، وتراجع الدعم السعودي لسياساته”.

ووقوفًا أمام السؤال عن أسباب تصاعد الخلافات وصولًا لما آل إليه الوضع في خلاف صالح مع العليمي، يقول غانم إن “عقلية الحاكم العربي تتسم بمحاولات الانفراد بالحكم، ورئيس مجلس القيادة اليمني ليس استثناء، 

إلا إن افتقاره للقوة المسلحة على الأرض وحاجته لموضع قدم لنفسه ولموظفيه تدفعه للتشارك في المهام وتوزيع المناصب مع عضو المجلس الرئاسي عيدروس الزبيدي، كما تدفعه لمحاولات كسب ولاءات بعض أعضاء المجلس في المحافظات النفطية، 

الأمر الذي يفسر استياء العميد طارق صالح من إقصاء بعض أعضاء مجلس القيادة الرئاسي والمكونات السياسية المشاركة في السلطة”.

كما يعتقد أن المكالمة التي تمت بن صالح والعليمي ليست سوى “خفض تصعيد الخلاف وليس إنهاء له،

 فعقب صدور البيان الذي أفصح عن استياء طارق صالح من أسلوب الإقصاء الذي يمارسه العليمي كان من الطبيعي أن يتم احتواء الخلاف عبر هذه المكالمة، بما يتماشى مع مهام المجلس في إدارة الخلافات واحتواء الأزمات التي يمكن أن تنشب بين أعضائه أو بين فصائل دعم الشرعية”.

ويعتقد غانم “أن الصراع قائم وسيظل مستمرًا بين مكونات صارت ممثلة في مجلس القيادة الرئاسي، تبسط سيطرتها على الأرض، وتحظى بدعم إماراتي، ورئيس مجلس، لا يمتلك قوة مسلحة على الأرض، ويتمتع بسلطة رمزية، وصلاحيات غير مطلقة، 

يعتقد أن مصدر قوته أنه امتداد للسلطة الشرعية المدعومة سعوديًا”.

فصائل مسلحة

السؤال هنا: إلى أي مدى يؤثر امتلاك معظم الأعضاء لفصائل مسلحة على مواقفهم داخل المجلس؟ 

يقول غانم: “امتلاك الفصائل لقوة على الأرض يمنحها سلطة تعطيل أي قرارات قد تتناقض مع مصالحها، كما يتيح لها تجيير القرارات والأوامر الرئاسية لخدمة مصالحها، 

إلا إن هذا التأثير لقادة الفصائل المسلحة لا ينفصل عن مدى احتياج المجلس الرئاسي أو الحكومة لحمايتها أو تقاسم الموارد معها”.

ويؤكد غانم تأثير تلك الخلافات على الوضع الاقتصادي والدعم الدولي قائلًا إن “العلاقة تبدو واضحة بين تدهور الوضع الاقتصادي وتراجع الدعم الدولي،

 فبعض الفصائل المشاركة في مجلس القيادة الرئاسي وفي الحكومة اليمنية ترفض الإصلاحات الاقتصادية التي تقدمت بها الحكومة، وتحظى بدعم رئيس مجلس القيادة الرئاسي؛

 فتعثر وصول الدعم الدولي، ولاسيما من دولتي الإمارات والسعودية يرتبط بعجز الحكومة والمجلس الرئاسي على فرض الإصلاحات الاقتصادية، 

فالفصائل المسيطرة على عدن والمحافظات النفطية ترفض تطبيق الإصلاحات الاقتصادية تحسبًا لما سيترتب عليها من ارتفاع في تعريفة الكهرباء وأسعار الوقود والغاز المنزلي، 

الأمر الذي يحد من ثقة المانحين الدوليين في قدرة الحكومة على تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، ويعيق قدرتها على التمويل الذاتي لميزانيتها”.

أحمد الأغبري