شريان التهريب مستمر.. كيف وصلت الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين؟
لم يَحُل الحضور الدولي العسكري المكثف في البحر الأحمر دون استمرار تدفق الأسلحة الإيرانية إلى جماعة "الحوثيين" المتمردة في اليمن، وهذا ما أكدته الشحنة الضخمة التي كشفت عنها المقاومة الوطنية (فصيل موالٍ للحكومة اليمنية)، أواخر الأسبوع الماضي.
وقالت المقاومة الوطنية اليمنية (16 يوليو) إن قواتها البحرية تمكنت من ضبط سفينة تحمل على متنها 750 طناً من بينها أنظمة صاروخية بحرية وجوية، ومنظومات دفاع جوي ورادارات حديثة، وطائرات بدون طيار.
توقيت ضبط الشحنة، خصوصاً في ظل استمرار التوترات الإقليمية الراهنة، يؤكد أن طموحات إيران في الهيمنة الإقليمية لا تزال قائمة، وفق مراقبين، وفشل الجهود الدولية بتقييد وصول الأسلحة للجماعة التي أصبحت على قوائم الإرهاب العالمية.
شحنة ضخمة
ونشر الإعلام الحربي التابع للمقاومة الوطنية مقطعاً مصوراً وثائقياً عن الشحنة الضخمة التي جرى ضبطها على متن سفينة والتي تقدر بـ750 طناً، وكانت في طريقها من إيران إلى المتمردين الحوثيين.
وقال العميد طارق صالح، عضو مجلس القيادة الرئاسي في اليمن وقائد قوات المقاومة الوطنية التي تشكلت مطلع العام 2018، وتفرض سيطرتها حالياً على المنطقة الممتدة من الخوخة وحتى باب المندب:
إن "ضبط الشحنة بمثابة ضربة كبيرة لشبكات التهريب للمتمردين"، مشيراً إلى أن الشحنة المضبوطة تحتوي على:
- منظومات صاروخية بحرية وجوية.
- منظومات دفاع جوي.
- رادارات حديثة.
- طائرات من دون طيار.
- أجهزة تنصت.
- صواريخ موجهة مضادة للدروع.
- مدافع بي-10.
- قناصات.
- عدسات تتبُّع.
- ذخائر متنوعة.
ووفقاً للإعلام العسكري التابع للمقاومة الوطنية، فقد جرى ضبط الشحنة بعد متابعة استخباراتية، على متن سفينة إيرانية تُدعى "الشروا" في البحر الأحمر، في 27 يونيو الماضي، أي قبل أقل من شهر.
ووفقاً للإعلام العسكري للمقاومة الوطنية فإن "كمية السلاح الكبيرة تكشف زيف ادعاء مليشيا الحوثي الإرهابية بالتصنيع الحربي، وتؤكد استمرار النظام الإيراني في نقل أسلحته النوعية إلى اليمن بعد خسارة معاقله في لبنان وسوريا".
التسليح الإيراني
الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، أدانت بشدة استمرار تدفق الأسلحة الإيرانية للحوثيين، معتبرةً ذلك انتهاكاً صارخاً لميثاق الأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.
كما قالت في بيان للخارجية اليمنية، إن "شحنة الأسلحة الإيرانية الأخيرة التي تم ضبطها في المياه الإقليمية اليمنية، من قبل قوات المقاومة الوطنية وخفر السواحل، ليست سوى حلقة جديدة ضمن سلسلة طويلة من انتهاكات إيران، واستمرار تسليحها للحوثيين".
وتكشف هذه العملية جانباً من شبكة التهريب المعقدة التي تغذي الصراعات في المنطقة، وتؤكد استمرار الدعم الإيراني لوكلائها المسلحين، والتحديات المستمرة في كبح جماح عمليات التهريب والتمويل غير المشروع، والتي تغذي صراعات متعددة وتطيل أمد الحروب بالوكالة في المنطقة.
صحيفة "إيكونوميست" البريطانية ذكرت (17 يوليو) أن "شحنة الأسلحة المضبوطة تمثل تذكيراً بكمية الأسلحة التي تُهرّب وتُسرق دون أن يلاحظها أحد"، مشيرةً إلى أن "الحوثيين ما داموا يمتلكون مخزوناً من الأسلحة،
إلى جانب رغبتهم في استخدامها، فإنهم سيواصلون إثارة الفوضى وتهديد الملاحة في البحر الأحمر".
أما صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية (17 يوليو) فقالت: إن "الشحنة الأخيرة تعيد التأكيد على أن إيران لا تزال تعزز ترسانات وكلائها في اليمن وسوريا ولبنان بأسلحة نوعية ومتطورة"،
لافتةً إلى أن "طهران كثّفت بشكل ملحوظ من عمليات التسليح في الشرق الأوسط خلال الأشهر الأخيرة، في خطوة تُنذر بمزيد من التصعيد في بؤر التوتر الإقليمي".
كما نقلت الصحيفة عن محمد الباشا، مؤسس شركة "باشا ريبورت" الاستشارية للأمن في الشرق الأوسط، قوله: "إن توقيت وحجم هذه الشحنة يشير إلى أن إيران تتحرك بسرعة، لتجديد مخزون الحوثيين الذي استنفدته الغارات الجوية الأمريكية".
لكن في المقابل، نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، (17 يوليو) ما أسماه "ادعاء إرسال طهران أسلحة إلى اليمن"، مؤكداً أنه "لا أساس لها من الصحة".
خيار الاستنزاف
ويبدو أن استراتيجية إيران تجاه وكلائها قد تطورت عقب الضربة التي تعرضت لها مؤخراً من "إسرائيل" والولايات المتحدة الأمريكية،
ووفقاً للخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور علي الذهب، فإن التصور في إيران أن تجدد الحرب أمر قادم لا محالة، مضيفاً :
- هناك تصور لدى إيران بأن المواجهة مع "إسرائيل" أو حتى مع الولايات المتحدة قادمة لا محالة.
- هذه المواجهة إما ستكون أعنف من السابقة أو عملية استنزاف طويلة المدى.
- وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قبل أسبوعين، قال إن بلاده لن تسمح أن تتحول المواجهة مع جماعة الحوثي إلى حرب استنزاف.
- يبدو أن هناك تصوراً إيرانياً بضرورة تقوية حلفاء طهران الإقليميين في إطار حرب استنزاف.
- ستقوم بهذه الحرب إيران بنفسها أو عبر حلفائها الإقليميين من الجماعات المسلحة.
- حرب الاستنزاف المتوقعة تحتاج إلى دعم وتحضير وتهيئة على مستوى التدريب، والتسليح، ولهذا إيران تمدهم بالسلاح.
- ما يحدث اليوم يأتي في إطار الاستنزاف عبر تقوية الفصائل الإقليمية، للقيام بدور استنزافي عسكري، على المستويات البحرية والجوية المتاحة.
- إيران حريصة على دعم حلفائها بالسلاح خصوصاً الحوثيين الذين يقعون على نقطة اقتراب حرجة من "إسرائيل" ما يشكل تهديداً مباشراً لها.
- الدعم العسكري المستمر للحوثيين يأتي ضمن استعداد إيران للحرب، وتخفيف أعباء الدفاع والهجوم عنها في مواجهة "إسرائيل" والولايات المتحدة.
- الحوثي في هذا الموقع وهذا الموقف يلعب دوراً كبيراً وفاعلاً ومؤثراً، وأثبتت الأيام أنه قادر على تحمل الأعباء الإيرانية والمشاركة إلى جانبها.
- ما يقوم به الحوثيون ليس في مصلحة إيران وحسب، ولكن أيضاً لديهم أجندتهم الخاصة في الحكم، إضافة إلى الدوافع الأخرى القومية والدينية وغيرها.
- الحوثيون بأمس الحاجة لتعزيز قدراتهم العسكرية بمختلف الوسائل في سبيل هذه الدوافع، ومن المهم عدم التغافل عن دعم القوى الدولية التي تتعارض مصالحها مع "إسرائيل" وأمريكا لهم.