Logo

قوات «الانتقالي» تفرض سيطرتها على مدينة سيئون ووادي حضرموت

  أكدّ المجلس الانتقالي الجنوبي ، سيطرة قوات المجلس، من خلال عملية سماها «المستقل الواعد»، على وادي حضرموت شرقي اليمن، مع استمرار هذه القوات، حتى مساء أمس الأربعاء، في استكمال فرض سيطرتها على بقية مواقع ومعسكرات المنطقة العسكرية الأولى على امتداد المديريات في الوادي والصحراء كآخر معاقل القوات الحكومية اليمنية وفق بُنية ما قبل حرب 2015.

وسيطرت قوات الانتقالي على مقر قيادة المنطقة العسكرية الأولى صباحًا، بالتوازي مع إسقاط مدينة سيئون عاصمة الوادي في حدث مفاجئ، وذلك غداة تأكيد قيادة المنطقة جاهزيتها العالية، في خبر نشره المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنيّة، عن تفقدها للمواقع، وتعزيز القوات على مداخل المدينة.

ووفقًا لوسائل إعلام الانتقالي، فقد حققت قوات المجلس تقدمًا سريعًا اكتسحت خلاله القوات الحكومية من خلال اشتباكات محدودة في عدة محاور، وسيطرت على مواقع حيوية في مدينة سيئون.

ومن بين المواقع التي سيطرت عليها هناك: قيادة المنطقة العسكرية الأولى، والقصر الجمهوري، المجمع الحكومي، البنك المركزي، المطار، وغيرها من المرافق، 

في خطوة فارقة تمثل تطورًا جوهريًا حقق، من خلاله، المجلس هدفًا هامًا لمشروعه السياسي في بسط سيطرته على وادي حضرموت، الذي كان يمثل امتدادًا استراتيجيًا لنفوذ قوات المنطقة العسكرية الأولى الحكومية.

وقالت مصادر في الانتقالي إن المواجهات أسفرت عن قتلى وجرحي وأسرى من قوات المنطقة العسكرية.

كما سيطر الانتقالي على عدد من المدن في مديريات الوادي والصحراء، التي تمثل مساحات شاسعة من حضرموت، المحافظة التي تمثل جغرافيا ثلث مساحة الجمهورية اليمنيّة.

ونقلت قناة عدن المستقلة التابعة للانتقالي، عن الناطق العسكري للمجلس، المقدم محمد النقيب، قوله إن قواتهم المسلحة «تمكنت وبدقة وسرعة من السيطرة على حاضرة وادي حضرموت، مدينة سيئون».

وباركت الأمانة العامة للمجلس الانتقالي الجنوبي، ما اعتبرته «انتصارات القوات المسلحة الجنوبية بتحرير وادي وصحراء حضرموت بالكامل وفرض السيطرة الشاملة على مواقع كانت تُعد معاقل للعناصر الإرهابية والجماعات المسلحة الخارجة عن القانون».

 وأكدّ الانتقالي أن ما حصل «يعزز من حضور المشروع الوطني الجنوبي على طريق تحقيق تطلعات شعب الجنوب في التحرر واستعادة دولته».

كما أكدَّ سيطرة قواته على معسكر «عارين» في مديرية عرماء بمحافظة شبوة، في سياق ما اعتبره خطوة هامة لقطع خطوط الإمداد بين شبوة ووادي حضرموت.

وفي بيان النصر، قال المجلس الانتقالي الجنوبي، «إن عملية «المستقبل الواعد» التي انطلقت أمس تأتي بعد استنفاد كافة الخيارات التي طُرحت خلال الأعوام الماضية لإعادة الاستقرار لوادي حضرموت، وإنهاء حالة الانفلات الأمني».

وأعلن الانتقالي «عفواً عاماً، لكل من يلتزم بوقف أي أعمال عدائية أو تخريبية، والاهتمام الفوري بالجرحى، والحفاظ والالتزام بحماية المدنيين وتأمين الممتلكات العامة والخاصة».

الهضبة

ما زالت هضبة حضرموت، بما فيها من حقول وأنابيب ومنشآت نفطية تحت سيطرة قوات حلف قبائل حضرموت، التي خاضت صباحًا اشتباكات مع قوات للانتقالي في منطقة كوة، واستطاعت تعزيزات الحلف دحر قوات الانتقالي.

وذكر المركز الإعلامي أن قوات حماية حضرموت، تمكنت صباح الأربعاء، بقيادة ميدانية من القائد الأعلى للقوات ورئيس الحلف، الشيخ عمرو بن علي بن حبريش، والقائد العام اللواء مبارك أحمد العوبثاني، من صدّ هجوم مسلّح نفذته قوة تابعة للمجلس الانتقالي في عقبة كوة بهضبة حضرموت.

وأضاف: «أحبطت قوات حماية حضرموت، بمساندة مجاميع قبلية من حلف قبائل حضرموت والقبائل المحيطة، الهجوم المسلح، وتمكنت من إصابة عدد من المهاجمين وإلحاق أضرار بآلياتهم العسكرية».

وأعلن حلف قبائل حضرموت، أمس الأربعاء، النكف القبلي، وهي دعوة قبلية للنصرة، تُلزم القبائل بتلبية من يرفعها.

وذكر إعلام حلف القبائل أن قائد قوات حماية حضرموت، رئيس الحلف، تفقد، أمس الأربعاء، عددًا من مواقع قواته في الهضبة، مؤكدًا أهمية استمرار اليقظة والثبات في تنفيذ المهام الموكلة.

إلى ذلك، وصل وفد أمني وعسكري سعودي إلى مطار الريان بمدينة المكلا عاصمة حضرموت، «بهدف احتواء التوتر وتطبيع الأوضاع في محافظة حضرموت».

وطبقاً لموقع «عدن الغد»، فقد «التقى محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، ورئيس اللجنة الخاصة في المملكة العربية السعودية، اللواء الدكتور محمد عبيد القحطاني، أمس الأربعاء، بمدينة المكلا، أعضاء مجلسي النواب والشورى، وقيادات السلطة المحلية والعسكرية والأمنية، والشخصيات الاعتبارية والقبلية والاجتماعية،

 لمناقشة تطورات الأوضاع في حضرموت وعلى رأسها أحداث سيئون الأخيرة».

ونقل عن رئيس اللجنة السعودية الخاصة محمد عبيد القحطاني تأكيده «رفض الرياض والتحالف العربي لأي تحركات مسلحة خارج إطار الدولة»، مشددًا «على ضرورة خروج أي قوات عسكرية أو عناصر أمنية وصلت من خارج حضرموت خلال الأيام الماضية».

وأوضح «أن هذه الخطوة باتت ضرورة لضمان تهدئة الأوضاع ومنع توسع دائرة التوتر»، مؤكد دعم المملكة لأمن واستقرار حضرموت.

وكانت السلطات المحلية بحضرموت قد قررت إغلاق جميع مدارس والأعمال في كافة مناطق وادي حضرموت بعد اندلاع حرب بين قوات المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات المنطقة العسكرية الأولى.

قراءات

بعض المراقبين يرى أن التطورات المتسارعة التي شهدها وادي حضرموت في الساعات الأخيرة تؤكد أن ثمة تنسيقاً حكومياً مع التحالف لانسحاب قوات المنطقة العسكرية الأولى وإفراغ الوادي من القوات الحكومية،

 لا سيما وأن قيادة المنطقة أعلنت مساء الثلاثاء عن جاهزيتها لكل شيء، بل إن منشورات بعض قياداتها حُذفت اليوم من حساباتها على «فيسبوك».

يقول الصحافي الحضرمي، عبد الجبار الجريري : «سقوط المنطقة العسكرية الأولى هو ضمن المخطط المرسوم الذي تدعمه أبوظبي من أجل تمكين المجلس الانتقالي الجنوبي من السيطرة على المحافظات الجنوبية»،

 مشيرًا إلى ما سمّاها «خيانة من الحكومة الشرعية، كما حدث في بقية المحافظات الجنوبية، وهذا حدث الآن مع وادي حضرموت»، حد قوله.

وأضاف: «من هذا المخطط يتضح أن هناك نوايا خارجية لتمكين المجلس الانتقالي من حضرموت».

المسألة ليست في الانسحاب فقط، ولكن في مصير عتاد معسكرات ألوية المنطقة العسكرية في الوادي، وهي المنطقة التي تشمل سبع قوات قتالية.

ويرى الصحافي الجريري، فيما يتعلق بالعتاد العسكري للمنطقة: «هناك من يقول إن هذا العتاد تم سحبه إلى مأرب، وهناك من يقول إن هذا العتاد تم توجيهه إلى أماكن أخرى».

وفيما يتعلق بمعركة الهضبة، يقول الجريري: «هناك وساطات تقودها السعودية والأوضاع تتجه نحو التوافق والهدوء».

بمختصر العبارة، سقطت حضرموت في سلة نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي (الانفصالي) بتاريخ 3 ديسمبر/ كانون الأول، وهو تاريخ يدين التحالف بقدر ما يدين الحكومة، 

كما سبق وأدانهما عند سقوط محافظات جنوبية أخرى، وذلك انطلاقًا مما حمله التطور الدراماتيكي لعملية سقوط مدينة سيئون عاصمة وادي حضرموت، وعدد آخر من مدن ومديريات الوادي، وهي العملية التي ما زالت مستمرة في السيطرة على مواقع ومعسكرات المنطقة العسكرية الأولى، آخر معاقل القوات الحكومية في المحافظة الأكبر مساحة والأغنى نفطاً في اليمن.

كان سقوط وادي حضرموت مؤلمًا لليمنيين، وكم كان استياؤهم وشعورهم بالإحباط واضحًا في ردود فعلهم، وبخاصة تجاه إهانة أحد مسلحي الانتقالي لعلم الجمهورية اليمنيّة، وهو يضعه تحت قدميه متباهيًا بزهوة النصر.

قال الصحافي محمد الخامري: «ما حدث ويحدث اليوم في حضرموت ليس مفاجئاً ولا عابراً، بل جزء من سيناريو مُحكم يجري تنفيذه بهدوء في إطار ترتيبات تفتيت اليمن وتشظي وحدته».

وأضاف: «تابعتُ القنوات اليمنية لأفهم ما يجري، فلم أجد حضرموت ولا أهلها في أي شاشة من الشاشات الرسمية والخاصة، وكأن المحافظة خارج الجغرافيا اليمنية، بل خارج الذاكرة تماماً.. كل شيء مرتب ومخطط،

 والدور التالي لن يكون بعيد، فالمهرة لن تبقى خارج العبث الممنهج طويلًا، وسيصل إليها طال الزمن أو قصر».

لكن الموقف في محافظة المهرة المجاورة لحضرموت، والمحادة لسلطنة عمان، كان قويًا، وهو ما حمله تصريح الناطق الرسمي باسم لجنة الاعتصام السلمي لأبناء المهرة، علي مبارك محامد، الذي يرى أن ما جرى في وادي حضرموت لم يكن «سوى عملية استلام وتسليم مفضوحة، تمت دون أي معركة»، بموافقة من التحالف، وما اعتبره «تواطؤاً وخيانة من الشرعية».

وأضاف: «ورغم كل هذا العبث، أكّد أبناء حضرموت أن السيادة لا تُباع ولا تُسلَّم، بعدما وقفت قوات حماية حضرموت بقيادة الشيخ عمرو بن حبريش سدًا صلبًا في وجه القوات الغازية التي حاولت التقدّم نحو قوات الحلف،

 وتمكّنت قوات الحلف من كسر اندفاعهم وإفشال تحركاتهم، لترسخ حقيقة أن حضرموت ليست ساحة مستباحة، وأن إرادة أهلها أقوى من كل مشاريع الهيمنة والوصاية والخيانة».

وقاد المجلس الانتقالي الجنوبي ، منذ نحو أسابيع قليلة، تصعيدًا وتحشيدًا مكثفًا لقواته من خارج حضرموت إلى داخلها، ومن ساحلها إلى واديها، استعدادًا لخوض معركته الفاصلة، في سياق سعيه لبسط نفوذه على كامل المحافظة النفطية والاستراتيجية.

وهدّد أبو علي الحضرمي، قائد قوات الدعم الأمني التابعة لـ»الانتقالي»، الأسبوع الماضي، رئيس حلف قبائل حضرموت بأنه لن يسمح له بالتمدد، واتهمه بقطع الطرقات وممارسة التهريب، 

وهو الموقف الذي واجهه الحلف بالدعوة إلى المقاومة للدفاع عن حضرموت، في مواجهة القوى الوافدة من خارج المحافظة، في رد على التحشيد الذي يقوده المجلس الانتقالي الجنوبي، 

وهو ما عبر عنه بوضوح اللقاء القبلي الموسع، الذي عقد الأسبوع الماضي في الهضبة، وأقرّ «المقاومة بكل الطرق والوسائل» ضد القوات الوافدة من خارج حضرموت.

ويوم السبت الماضي، أعلن الحلف دخول قواته المنشآت النفطية لشركة بترو مسيلة، لتعزيز الأمن والحماية، وفق البيان، في خطوة استباقية استثارت قوات الانتقالي الجنوبي.

وتشهد حضرموت، منذ أكثر من عام، احتقانًا سياسيًا ضد السلطة المحلية والحكومة المركزية يقوده حلف قبائل حضرموت ومؤتمر حضرموت الجامع، على خلفية مطالب حقوقية وسياسية تتعلق بالأوضاع المعيشية لأبناء المحافظة.

وقاد الحلف والجامع تصعيدهما ضد السلطة المحلية والحكومة، بشكل واضح، منذ يوليو/ تموز 2024، 

جراء ما اعتبره الحلف والجامع «سوء إدارة الشأن العام» في المحافظة، وتدهور الخدمات، وهو ما عبّر عنه بيان مؤتمر حضرموت الجامع في 13 يوليو/ تموز، والذي منح السلطة المحلية مهلة شهر لتلبية مطالبه الخدمية.

  تلا ذلك بيان لحلف قبائل حضرموت بتاريخ 31 يوليو طالب فيه بـ: تثبيت حق حضرموت في نفطها قبل أي تصرف فيه. 

أحمد الأغبري