ثغرة في لعبة التخادُم: «القاعدة» يضرب جنوباً

 لم تستقرّ الأوضاع الأمنية في محافظة أبين بعد، على الرغم من التحرّكات العسكرية التي تقوم بها قوّات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة من أجل السيطرة على المحافظة، وخلْق أمر واقع جديد فيها. ومع أن هذه القوّات حيّدت تنظيمَي «داعش» و«القاعدة» من العملية العسكرية التي أطلقتها أخيراً تحت اسم «سهام الشرق»، باغت «القاعدة» كتيبة «مكافحة الإرهاب»، المُشكَّلة من قِبَل أبو ظبي، والتي كانت تتمركز في مديرية أحور في المحافظة، بهجوم واسع أعقبه اشتباك، أدّيا بمجملهما إلى سقوط 22 عنصراً من الكتيبة، بينهم قائدها ياسر شائع، و8 عناصر من «القاعدة».

 وأثار هذا الهجوم ردود فعل واسعة في الجنوب، وجدلاً كبيراً بين مَن حمّل الإمارات المسؤولية عنه من بوّابة الإهمال والتقصير، خصوصاً أن المنطقة واقعة عملياً تحت السيطرة النارية لـ«القاعدة»، وتُجاورها العديد من المعسكرات التابعة للتنظيم في الخبر وجبل المراقشة؛ وبين مَن رأوا في الحدث مصلحة للرياض وأبو ظبي معاً، من زاوية السعي لـ«صناعة عدو جديد» يُفترض أن يرِث حزب الإصلاح الذي استخدمت الإمارات خصومتها معه في فتح معارك أرادت من خلالها تحقيق أجندتها، قبل أن تتواطأ مع السعودية أخيراً من أجل تقليم أظافره.

وأيّاً يكن، فالأكيد أن ثمّة علاقة تخادُم غير معلَنة بين «القاعدة» والتحالف، توالت فصولها منذ العام 2015. إذ إن كلّ تحرّكات التنظيم مذّاك، وما تخلّلها من سيطرة على بعض المحافظات ومن ثمّ انسحاب منها إلى الأرياف والجبال، تمّت من دون قتال، في ما بدا أشبه بـ«التسلُّم والتسليم». وممّا يعزّز تلك الحقيقة أن الحملة الأخيرة للقوّات الموالية للإمارات لم تتحرّك صوب المناطق التي يعسكر فيها التنظيم، سواءً في أبين أو شبوة، بل اكتفت بالسيطرة على الخطوط العامّة التي يتواجد فيها «الإصلاح».
 
كما أن طيران التحالف لم يقصف معسكرات «القاعدة» ولا عناصره، في وقت يستهدف فيه القوّات المحسوبة على حزب الإصلاح حصراً. وفي المقابل، وعلى الرغم من أن تنظبم القاعدة شنّ هجوماً مماثلاً قبل شهرَين على مواقع «الإصلاح» في أحور، إلّا أن الجماعات المدعومة إماراتياً تتّهم الأخير بتحريك الأوّل في المحافظات الجنوبية.

وبمعزل عن ذلك التراشق، يبدو أن القوات الموالية لأبو ظبي تَعتبر عملية «سهام الشرق» فرصة لتمهيد الطريق لخوض معركة في حضرموت والمهرة، والإجهاز على ما تبَقّى من قوّات لـ«الإصلاح» في هاتَين المنطقتَين. 

كما ترى فيها فرصة للاستثمار إقليمياً ودولياً في ملفّ «مكافحة الإرهاب» في المحافظات الجنوبية، وهذا ما تطرحه قيادات «المجلس الانتقالي الجنوبي» في أكثر من مناسبة، مُصدِّرةً نفسها بوصْفها «شريكاً فاعلاً» إلى جانب الولايات المتحدة في هذا الملفّ، وهو ما يوجب على الأخيرة تسريع تنفيذ تعهّداتها بدعم القوّات الأمنية وقوّات خفر السواحل.

الأخبار - أحمد الحسني