اليمن... أزمة إنسانية مرعبة لا تهم ولا تقلق دول الغرب الديمقراطية

يعيش اليمن، منذ اندلاع الحرب قبل ما يزيد عن 8 سنوات، أزمة إنسانية قاسية تزداد أثقالها ومخاطرها يوماً بعد يوم.

حالة مأساوية من القتل والتشرد والدمار للبيوت والمدارس والمسشتفيات والبنى التحتية والصروح العلمية والمراكز الصحية ، حتى الآثار التاريخية لم تسلم من شر الحرب التي شردت وقتلت الملايين من أبناء الشعب اليمني جلّهم من النساء والأطفال وكبار السن في ظل واقع مرير زاد من نقص في الغذاء والمياه النظيفة والأدوية وانتشار الجوع و الأمراض السارية والأوبئة بين السكان في وقت يقف فيه الغرب المتبجح بالحريات والدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية متفرجاً لا يفعل شيئًا سوى القلق وتسعير الخلافات البينية لمنع التسوية السياسية وإيقاف الحرب وإنقاذ السكان الأبرياء من ويلات الموت والدمار .

وزيرة الشؤون الإجتماعية والعمل السابقة والمستشارة السابقة للرئيس اليمني لشؤون المرأة والطفل وحاليا الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام لقطاع منظمات المجتمع المدني، السيدة فائقة السيد أحمد باعلوي، قالت في حديث خاص لـ "سبوتنيك ":

"أثناء تواجدي مؤخراً في موسكو ولقاءاتي مع السيد ميخائيل بوغدانوف وفي مجلس الفيدرالية ومعهد الاستشراق و المسؤولين في موسكو، وضّحت بأن الحرب في اليمن أفضت إلى ازدياد تشابك وتشعب الحالة الإنسانية سوءاً وتوسع جيش المعاقين خاصة بسبب الألغام المزروعة في كل مكان، وأن أكبر فئة تأثرت بها هي الأطفال الذين باتوا بين الإعاقة والموت"

وأضافت الوزيرة باعلوي: "نتجت عن الحرب مشاكل كثيرة، منها تحجيم الرعاية، تدمير الطرقات والبنى التحتية، تعثر العملية التعليمية، تعثر الجانب الصحي وعدم القدرة على مواجهة الأمراض التي انتشرت مع الحرب كحمى الضنك والكورونا والثلاسيميا واللوكيميا خاصة عند الأطفال والتي تتطلب علاجاً باهظ الثمن وغير متوفر وغيرها الكثير من الأمراض، مثلاً حصلت مأساة في صنعاء عندما تم حقن 18 طفلاً بلقاح الثلاسيميا واللوكيميا بلقاحات فاسدة في مشفى الكويت بصنعاء حينها فقد جزء منهم حياته".

وتابعت بالقول: "هناك حالات نزوح من كافة المناطق المشتعلة إذ يهرب الناس من الموت إلى الموت نحو المناطق الآمنة لكنهم يقعون ثانية في ساحات الحرب، مثلا الهاربين من نيران المدافع والرشاشات في منطقة الجوف نحو مآرب يقعون تحت وطأة الحرب في مآرب أيضاً. هناك توسع لانتشار مخيميات النزوح من تعز إلى المخا والتحيتة ومناطق الحديدة وصولاً إلى مأرب ولحج في الجنوب ومناطق أخرى. الجانب الإنساني بحاجة إلى مواجهة وهي قضية كل إنسان شريف، الأطفال يحتاجون إلى علاجات وإلى مساعدتهم للذهاب إلى مدرسة، هناك ازدياد في عدد الأطفال المرضى بأمراض مختلفة كالتصلّب اللويحي والمكفوفين والمعاقين جميعهم يحتاجون إلى دعم شديد، كل هذه الفئات كانت تحظى برعايتنا في المؤتمر الشعبي العام في وقت تواجدنا في وزارة الشؤون الإجتماعية، لكن بعد عام 2017 والحرب على المؤتمر الشعبي العام من قبل الحوثيين (أنصار الله) في صنعاء فقد الناس الداعم الكبير والمؤهل لتقديم هذه الخدمات والقيام بواجبات الدولة بحكم الخبرة والتجربة وسوء الأحوال بشكل كبير بحيث لا رواتب لموظفي الدولة مع ضعف القدرة على مواجهة الاحتياجات".

وختمت الوزيرة باعلوي: "أثناء زيارتي مؤخراً إلى روسيا والتي وصفت من قبل الرفاق الروس بأنها تاريخية لأنها جاءت في ظرف مهم وخطير بالنسبة لنا في اليمن وبالنسبة لروسيا وفي العالم ككل. طالبنا بأن يكون هناك مبعوث دولي روسي ينضم إلى المبعوثين السويديين والأمريكي لإحداث توازن لصالح العمل وتفعيل حركة المبعوثين الدوليين وتحقيق تقدم في العملية السياسية، نحن نعول على ذلك ونعلق عليه أملاً كبيراً، ونريد لرفاقنا وشركائنا الروس أن يستعيدوا مكانتهم في باب المندب والبحر الأحمر وخليج عدن، فهذه المنطقة كانت تحظى باهتمام القادة الروس منذ العهد السوفييتي وفيها كل الكوادر الذين درسوا وتأهلوا في الجامعات والمعاهد الروسية. أكبر القيادات العسكرية اليمنية درست في المعاهد والأكاديميات الروسية كأكاديمة الصورايخ وأكاديمية فرونزا العسكرية وغيرها، نحن نأمل بأن تساعدنا روسيا في مواجهة هذا المأزق وهذه الأزمة الإنسانية الأخلاقية لكن لا نضغط كثيراً على روسيا لأنها تمر الآن بظرف صعب ولديها نازحين ومشاكل كثيرة بسبب الحرب الإمبريالية النازية والفاشية عليها. نحن نناهض هذه الحرب ونقف ضدها مع روسيا ليس فقط كأصدقاء بل كشركاء أيضاً".

سفيرة الأعمال الخيرية، السيدة نتاليا سيرغيفنا ميزينتسيفا، رئيسة صندوق "القديس الشهيد فونيفاتيا" الخيري الذي يبذل جهوداً في دعم الشعب اليمني و إحلال السلام وتقديم المساعدات الإنسانية ضمن إطار مشروع "حوار مع العالم بأسره"، قالت لـ"سبوتنيك":

"مرت ثمان سنوات على بدء الحرب المرعبة في اليمن وباتت تراجيديا كبيرة في بلد يعيش كارثة إنسانية كبيرة. أنا كرئيسة صندوق "الشهيد القديس فونيفاتيا" نحاول على مدار خمس سنوات بكافة الإمكانات تأمين المساعدات الإنسانية للأطفال والنساء كونهم أكثر من يعاني من هذه الحرب الشنيعة لكن الحصار أثر بشكل سلبي كبير. لقد رأينا مشاهد مرعبة لموت الأطفال الخدج جوعاً لأن الأمهات ليس لديهن ما يأكلونه ليطعموا أطفالهن، كم هي صورة قاسية عندما يموت الطفل الرضيع في حضن أمه جوعاً قبل أن يبدأ حياته. كيف يمكن أن يفكر اليمن بمستقبله عندما يموت الأطفال من الجوع والقصف بالقنابل والمدافع والأمراض وفقد الغذاء والأدوية التي لايمكن إدخالها لليمن، لقد خطفوا منهم حق الحياة وكل ما يلزمهم في بداية حياتهم لينموا ويعيشوا ويكبروا ويصبحوا مواطنين فاعلين في بلدهم، لقد أخذوا منهم حقوقهم بصورة قاسية وفظيعة".

وتابعت مزينتسيفا: "كم من نقاشات دارت في الأمم المتحدة عن هول الكارثة الإنسانية التي يعيشها أهل اليمن والذي يفتقد كل حقوقه القانونية وكل ماهو ضروري للبقاء على قيد الحياة، يعاني الملايين من أهل اليمن ونحن في كل العالم نعرف مشاكل اليمن وكلنا مسؤولون عن ما يجري من فظائع إنسانية، كل الدول التي يجب عليها تقديم المساعدات الإنسانية وخاصة الدول الغربية والولايات المتحدة يتحدثون عن أنهم سيقدمون المساعدات الإنسانية، لكن أين هذه المساعدات وكيف يتم إيصالها إلى شعب اليمن...؟. في وقت لا يمكن فيه إيصال أي مواد أو تشغيل معمل أومصنع. حالة الرعب التي يعيشها الشعب اليمني تحت قصف المدافع والرشاشات مهولة و تمنع تقديم أي مساعدة لهم، حتى كل الطرق لإيصال المساعدات مغلقة بما فيها أمام الصليب الأحمر الدولي، هذه المشكلة يجب علينا جميعا أن نتعاون في حلها لإيصال المساعدات خاصة للأطفال".

وأضافت مزينتسيفا: "منذ وقت قصير كانت وزيرة الشؤون والاجتماعية والعمل السابقة في اليمن والأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام لقطاع منظمات المجتمع المدني السيدة فائقة السيد الوطنية الحقيقة المحبة لوطنها وتفعل كل مايمكنها لمساعدة بلدها في هذه المحنة، إذ ناقشنا معها كل هذه التفاصيل وكيف يمكن تقديم المساعدات للشعب اليمني وطرحناها أمام ممثلي مختلف الجهات الروسية المختصة والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني. نحن في صندوق "الشهيد القديس فونيفاتيا" الخيري دائما مستعدون للتعاون لتقديم المساعدات. نحن ضمن إمكانياتنا نحاول أن نقدم الدعم ولفت نظر العالم كله إلى الكارثة الإنسانية في اليمن ونشرح لهم بأنه يجب إنقاذ أطفال اليمن لأن الأطفال هم مستقبل أي بلد، ونطالب بإيقاف الحرب لأن القنابل لا تعرف من تقتل ولاتفرق بين الكبار والصغار، ومن هنا نحن ندعو كل منظمات المجتمع المدني وكل الدول التي تعلن أنها تقدم المساعدات الإنسانية والذين يعلنون أنهم مستعدون لتقديم المساعدات بأن هذا الوضع لايمكن أن يستمر لايمكن تحمّل ما تعانيه النساء والأطفال. كم هي النقاط الساخنة في العالم والحروب مرعبة حيث يموت الأطفال والنساء بالجملة كم هو حجم الألم 

والعذاب للأهل، يجب علينا أن نوحد كل إمكاناتنا وقوتنا من أجل أن نمنع موت الأطفال و الأبرياء، علينا جميعاً أن نصرخ بصوت عال أوقفوا هذه الكوراث وهذه الحروب التي تدمر البيوت وتقتل الأطفال والنساء، علينا نتعاون على مستوى الدول والمنظمات الدولية والصليب الأحمر لوقف مايجري ولايمكن السماح باستمراره ".

المستشار القانوني في وزارة حقوق الإنسان، حميد يحيى الرفيق، قال:

إن "الوضع الإنساني أصبح كارثياً جراء استمرار الحرب والممارسات غير الأخلاقية واللاقانونية للمنظمات الدولية التي من المنوط بها أن تقدم الدعم الإنساني للشعب اليمني المكلوم والأنكا من ذلك أن بعض المساعدات تصل فاسدة وغير صالحة للاستخدام الآدمي، إذا وصلت في وقت سابق شحنة مساعدات من الدقيق الفاسد لبرنامج الأغذية العالمي تحتوي على 250 ألف طن، حتى إن تلك المساعدات يكون إنفاقها في أمورٍ غير مهمة، في ظل تقصير المنظمات الدولية وإهمالها في عملية ترتيب هذه المساعدات التي يتفق عليها المليارات دون أن تصل إلى الشعب اليمني أو يستفاد منها بالشكل السليم".

و أضاف المستشار الرفيق: "حصلت الأمم المتحدة ومنظماتها وهيئاتها الإنسانية على مبالغ مهولة جداً خلال 7 سنوات تحت مسمى توفير المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء وإيواء وغيرها من المسميات الإنسانية التي حددتها خطط الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لليمن (7 خطط إنسانية)، والمبالغ التي استلمتها الأمم المتحدة خلال السنوات الماضية السبع كما يلي: بين عامي 2015 و2019 استلمت نحو 15 مليار دولار من المساعدات الإنسانية وما يقارب 2.5 مليار دولار في شكل دعم للاستقرار الاقتصادي ومنع انهيار العملة التي قدمت لمرتزقة العدوان في المحافظات الجنوبية، وفي 2020 حصلت الأمم المتحدة وهيئاتها الإنسانية على 1.9 مليار دولار لتغطية المساعدات الإنسانية في اليمن وفق خطة الأمم المتحدة لهذا العام، وفي 2021م حصلت الأمم المتحدة وهيئاتها الإنسانية على مبلغ 83.9 مليون دولار كمساهمات من دول مانحة، وتم تخصيص مبلغ وقدره 55.9 مليون دولار تم توزيعه على النحو التالي 2.2 مليون دولار للصليب الأحمر، الهلال الأحمر وشريك ومشروعين، و13.1 مليون دولار للمنظمات الوطنية غير الحكومية وعددها 17 شريكاً و29 مشروعاً، و9.6 ملايين دولار للأمم المتحدة و4 شركاء و6 مشاريع، و31 مليون دولار للمنظمات الدولية غير الحكومية وزعت على 17 شريكأ و26 مشروعاً".

واستطرد الرفيق: "أغلب المنح المقدمة باسم المساعدات الإنسانية كانت من قبل دول شاركت في العدوان على اليمن خصوصاً أمريكا والسعودية والإمارات، وكانت المبالغ التي تعهدت بها تلك الدول أقل بقليل من المبالغ التي تنفقها في شراء الأسلحة التي تقتل الشعب اليمني، كثير من المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة سعت للبحث عن منح بحجة تنفيذها لمشاريع وأنشطة خاصة بالمساعدات الإنسانية وحقوق الإنسان في اليمن، وحصلت على مبالغ كبيرة جداً غير المبالغ التي تم ذكرها في السابق خلال السنوات السبع الماضية، وللأسف فإن تلك المشاريع والأنشطة كان أكثرها وهمية ولم ينفذ منها إلا القليل والتي توجه أغلبها للمشاريع والأنشطة غير المناسبة لتحسين الوضع الإنساني لأكثر من 30 مليون مواطن يمني يعاني معاناة شديدة وفق تقارير وخطط الأمم المتحدة السنوية".

ونوه الرفيق إلى أن "المساعدات المقدمة لا تتناسب أبداً مع الوضع الإنساني ، وقد تم استغلال المساعدات الإنسانية كنفقات تشغيلية، وللسفريات الخاصة بالموظفين الأجانب التابعين للأمم المتحدة ومنظماتها العاملة في اليمن، ومثال على ذلك ما تم صرفه في 2019 لمكتب المبعوث في اليمن للسفر الجوي مبلغ وقدره 1.3 مليون دولار مع إنفاق 3.8 مليون دولار إضافي على الإقامة الفندقية في الحديدة لبعثة الأمم المتحدة لعام 2019 لدعم اتفاق الحديدة".

وختم الرفيق: "تقارير المنظمات الدولية تشير إلى أعداد هائلة من النساء والأطفال الذين هم بحاجة ماسة إلى مساعدات طارئة، ونلاحظ أن تقارير الجهات ذات العلاقة تؤكد أنه لم يتم تحسين ما أشارت إليه تلك المنظمات رغم ادعائها أنها قامت بتمويل مشاريع أو برامج أو شراء مساعدات إنسانية للمواطنين. على سبيل المثال "تشير هذه المنظمات في تقاريرها للأعوام السبع إلى أن أكثر من مليوني طالب خارج التعليم، وأن 4 ملايين طالب سيحرمون من التعليم، فأين الميزانية الخاصة بالتعليم والتي أشارت إليها في خططها السنوية إذا أنها لم تعالج شيئاً ولم تحقق أبسط الاحتياجات الإنسانية التي يمكن أن نقول إنها تحسنت في اليمن، فالمرضى من الأطفال توفوا جراء عدم وجود الأدوية المناسبة لإنقاذ حياتهم، والأجنة أجهضت في بطون أمهاتهم جراء القصف والمعاناة الشديدة خاصة في القرى والمدن التي تم فيها استهداف المستشفيات والمراكز الصحية التي يمكنها إنقاذ حياة النساء الحوامل، إلى جانب ذلك سوء التغذية لم يتحسن لدى النساء والأطفال، ودائماً ما تشير المنظمات الدولية وبالذات صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أن أكثر من 1.5 مليون ونصف امرأة تعاني من سوء التغذية".

مصادر في الأمم المتحدة في تصريح خاص لـ "سبوتنيك" في مضمون يؤكد على بعض ما جاء في تصريح المستشار القانوني في وزارة حقوق الإنسان حميد يحيى الرفيق، إذ قالت المصادر إن "ما يدعو للتساؤل أنه لماذا لا تزال اليمن تعتبر أسوء أزمة إنسانية في العالم بالرغم من أن خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لليمن تعتبر ثاني أكثر استجابة تمويلًا على مستوى العالم بعد سوريا وأكثرها شهرة وتكلفة أيضاّ. وفق عدد كبير من التقارير والتحليلات المحلية والدولية أن السبب الرئيسي لفشل الاستجابة الإنسانية الدولية في اليمن هو ممارسات الفساد في عمليات التشغيل التي تقودها وكالات الأمم المتحدة وعدم ملائمة خطة الاستجابة مع احتياجات المواطنين. على سبيل المثال: خلال قرابة سبع سنوات تلقت الأمم المتحدة أكثر من 18 مليار دولار أمريكي؛ لتمويل خطط الاستجابة الإنسانية في اليمن، لكن أرقام المتضررين من الأزمة ما تزال تتصاعد الى اليوم".

وتابعت المصادر : "حيث تم خلال السنوات الماضية إتلاف أطنان كبيرة من المساعدات الإنسانية من قبل وكالات الأمم المتحدة العاملة في اليمن لوجود أحد السببين إما قرب انتهاء مدة صلاحيتها أو أن بها عيوب في الإنتاج وهذا إن دل انما يدل على أنه لا يتم مراعاة التحقق من الجودة والمقاييس عند استلامها من المصانع وشحنها إلى اليمن. وأيضاً يتم استخدام جزء كبير من الدعم المقدم للخطة الإنسانية كموازنة تشغيلية للأمم المتحدة تصل إلى مبالغ أكثر مما يتم تقديمه كمساعدات إنسانية للمتضررين".

ووفق تقرير حديث صدر من مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية في 2022 ، بـ 85 صفحة، قال إن "أن الغالبية العظمى ممن تلقوا المساعدات في اليمن إعتبروها غير مناسبة لإحتياجاتهم، والعديد من الأشخاص الأكثر ضعفًا استُبعدوا من الحصول على المساعدات، خاصة النساء والأشخاص ذوي الإعاقة".

كما أن النيابة العامة بعدن نشرت وثيقة ذيلتها بمنع ممثلي برنامج الغذاء العالمي من السفر وأفاد الخطاب بأن النيابة تقوم حالياً بالتحقيق في واقعة الاضرار بالاقتصاد الوطني والمتهم فيه منظمة الغذاء العالمي (WFP) على خلفية ضبط مواد غذائية منتهية الصلاحية في مخازنها بعدن.

أما عائلة الحمادي من تعز والتي مزقتها وشردتها الحرب فلها قصة يندى لها الجبين

تروي لـ "سبوتنيك" مها شاهر سعيد الحمادي 39 سنة حاصلة على دبلوم جراحة عامة "مساعدة طبيب جراح" وتقول: "أنا من مديرية حيفان أغابرة في محافظة تعز، عام 2014 هجرت إلى صنعاء وعائلتي جميعها أصيت بالسرطان، ولدي أصيب بسرطان السحايا، والدتي توفت بالسرطان في عام 2011 وأيضا والدي أصيب بسرطان البروستات والثدي وتوفى بعد معاناة عام 2017. في 2013 كنت حامل وأصبت بورم في الرحم وأضطررت لأن أجري قيصيرية قبل أوان الولادة بسبب الورم الخبيث وتم استئصاله".

وتابعت مها: "تشردنا بسبب الحرب، كان لي أخاً هو الدكتور محمد شاهر سعيدالحمادي كان يعمل مترجماً في المؤسسة الإقتصادية العسكرية وتم تجميده فجلس عاطلاً عن العمل فأضطر للعمل بجمع القوارير والحديد ليعتاش ويعيل أسرته فاستعرت منه عائلة زوجته فعاقبوه وأحرقوه عمداً ، بتاريخ 23.04.2017 تلقيت اتصال من شقيق زوجته وأخبرني بأن أخي مقمقم وليس مترجم وهددوني بأنهم سوف يصفّونه فجلس في البيت وأصيب بحالة نفسية وإكتئاب ولكن بعد يومين تفاجأت بإتصال هاتفي من أحد مشايخ صعدة وكنت في غرفة العمليات كوني رئيسة قسم العمليات في مستشفى سيئون وقال لي شقيقك حرق نفسه لكن قلت له لا أهل زوجته هم من أحرقوه ونفذوا تهديدهم. ذهبت إلى المستشفى فوجدته بحال مذرية ومحروق بالكامل".

وأضافت مها: "أمراض السرطان في عائالتي حديثة العهد جاءت بعد الحرب و لا أدري سببها هل هي بسبب ملوثات الحرب أو مواد مشعة بالمنطقة أم لأسباب أخرى، علما أن أبي من تعز وأمي من منطقة لحج من عدن ولا يوجد سبب عائلي جيني وراثي لانتشار السرطان في كل العائلة، أنا وأبي وأمي وأولادي اثنين وإخواني اثنين أصيبوا بالسرطان. أبي بسبب الضغوط النفسية والحرب أصيب بالضغط والسكر والسرطان وتوفي ومات كمداً وقهراً على أخي الذي أحرقه أهل زوجته وبترت يداه فأصيب أبي بحالة كوما وموت سريري وتوفي بجلطة قلبية ودماغية، وإبنتي كانت في نفس المشفى ترقد في بسبب إصابتها بمرض فيروس الكبد".

وتابعت: "أنا بعد مرحلة نضال وعذاب وصلت إلى روسيا لأني بعد أن قبرت أعزاء من أهلي من بينهم أمي وأخي وأبي وتعرضت أنا للإصابة بالأمراض فذهبت بمنحة للعلاج عن طريق وزير الصحة عبد الله دحان وذهبت لإجراء عمليات عديدة لي ولأبنتي في مراكز متخصصة بالخارخ وتم مخاطبة الحكومة التركية التي قدمت منح علاج لليمن وذهبنا مستشفى الدكتور سادي للدراسات والبحوث، بنتي كان عمرها 15 سنة لم يكن من المكن إجراء عمل جراحي لها، وتفاجأت أن الحكومة التركية في ذاك الوقت تستقبل المريض فقط في حال كان عنده عمليات رقود داخل المشفى لكن إجراء فحوصات و علاجات وأدوية ويجلس المريض في بيته فلا تتحمل الحكومة التركية التكاليف. ذهبت إلى تركيا مديونة وتكلفت مبالغ طائلة وكنت خارجة من حالة وفاة أبي وعمليات أخي ومصاريف إبنتي في المستشقى لم أعد أحتمل ومرض إبني فعدت إلى اليمن".

وختمت مها: "ابنتي تعاني من نزيف دائم دون أن يقدر الأطباء على تحديد حالة وسبب هذا النزيف ، لحد الآن لم يستطع الأطباء تحديد سبب مشكلتها في الدم، يرتفع معها الحديد والفوورتاتين ومصابة بفقر الدم وهي مريضة بتسوس في عظمة الفك وتسوس قريب من الدماغ وبحاجة لزراعة قوعة ومصابة بفيروس الكبد والطحال. وعندما عدت لليمن ناشدت وزارة الصحة لكن الملحق الصحي لليمن في تركيا لم تكن متجاوبة وكنت جاهزة لأبيع كل ما أملكه لعلاج إبنتي فذهبت إلى الأردن إلى مستشفى البشير والمسشفى الإسلامي وإلى مدينة الحسين الطبية ولم أستطيع أن أجد العلاج اللازم عبر الجينات و التعديل الوراثي والكيماوي والإشعاعي، وقال الأطباء أنه لا فائدة من العلاج في الأردن وإبنتي ستموت، فعدت إلى تركيا ومنذ 2020 وحتى دخولي روسيا الآن قبل شهر كان همي علاج إبنتي، أنا منذ 2013 مريضة وفي عام 2018 راجعت الأطباء فظهر عندي ورم أكبر من الذي استئصلوه عام 2013 وأنا المعيل الوحيد لعائلتي فأهملت نفسي فإزداد وضعي سوءاً وعدت الى المستفى الذي كنت أعمل فيه كرئيس قسم للجراحة في مشفى "نبض الحياة " في صنعاء وصلت البيت وجدت إبني في حالة مذرية واسعفته الى المستفى واجريت له عملية زائدة متفجرة 
وفي عام 2018 حدث معي انفجار دموي وأنا في تركيا وأسعفت إلى المشفى في تركيا ورأيت الموت بعيني فطالبت بالعودة لاموت في اليمن لكن ساعدتني بالصدفة إمراة يمنية وادخلتني المستشفى لتعالجني على حسابها حينها كانت الأوضاع مأساوية بسبب الكورونا لم يكن هناك إهتمام كافي فإنتقلت الى مستشفى في اسطنبول وأجروا لي عملية كيّ للشرايين المتفجرة وكنت دون أي مال فإتصلت بتلك المرأة فساعدتني في العلاج" .

وقالت هنا ما نشر عن قصتي وماجرى لي في تركيا

هنا تغص مها بالبكاء ويصعب عليها التعبير وتقول بصوت مكبوت قهراً وحزنا: "كل مآسي عائلتي في الموت والمرض والتشرد كلها كانت بسبب الحرب، نحن من تعز وأمي من عدن هربنا من الحرب بعد أن تدمرت منازلنا، في البداية هربنا إلى قرى أمي في عدن وبعد أن وصلت الحرب إلينا عدنا وهربنا من جديد وأصبحنا مشردين خرجنا من ديارنا نهاية عام 2013 وأنا منذ عام 2019 لم أرى باقي أولادي، ومنذ وقت قريب بسبب القصف أصيب أبن أختي نبيل أحمد سعيد بجراح بالغة وبترت يده وحالته صعبة جداً ،الحرب دمرت عائلتي بالكامل. هنا ينتهي الحديث دون أن تنتهي الكارثة".

تقرير : نواف إبراهيم - سبوتنيك عربي