المحادثات السعودية الحوثية.. 4 ملفات تحسم نجاح تمديد الهدنة باليمن

 "توقف الأعمال العدائية في الحرب اليمنية لمدة 9 أشهر مدعاة للأمل".. هكذا أبدى عضو هيئة تحرير وكالة بلومبرج "بوبي غوش" تفاؤله باستئناف الحوثيين محادثات القناة الخلفية مع المملكة العربية السعودية، عبر عمان، ما قد يعزز فرص تمديد أطول هدنة في الصراع المستمر منذ 8 سنوات، والذي دمر أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية وعرّض للخطر بعضا من أهم طرق التجارة في العالم.

وذكر "غوش"، في تحليل نشره موقع الوكالة، أودت الحرب بحياة قرابة 400 ألف شخص، أكثر من نصفهم بسبب الجوع والمرض، وامتد أثرها إلى حدود الدول المجاورة اليمن، مع ضربات الحوثيين الصاروخية على البنية التحتية النفطية الحيوية وأهداف مدنية أخرى في السعودية والإمارات.

كما وضعت الحرب البحر الأحمر على شفا كارثة بيئية، فقد منع الحوثيون الوصول إلى ناقلة نفط عملاقة متهالكة محملة بـ 1.1 مليون برميل من النفط الخام، والتي كانت تصدأ في مرسى قبالة ميناء رأس عيسى.

ولذا، فإن أي احتمال لإنهاء الأعمال العدائية، مهما كان ضئيلاً، ينبغي الترحيب به، حسبما يرى "غوش"، مشيرا إلى أن مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن، "هانز جروندبرج"، قال في إفادة لمجلس الأمن الدولي: "إننا نشهد خطوة محتملة لتغيير مسار هذا الصراع المستمر منذ 8 سنوات".

لكن ثمة وجهة نظر أخرى، مفادها أن محادثات القنوات الخلفية تمكّن الحوثيين من تجديد ترساناتهم المستنفدة، تمامًا كما فعلوا خلال هدنة أقصر في عام 2019.

فمنذ انتهاء وقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة في أوائل أكتوبر/تشرين الأول، يرجح عديد المراقبين حصول الحوثيين على إمدادات جديدة من إيران.

كما أن البحرية الأمريكية ضبطت عدة سفن لتهريب وقود الصواريخ وبنادق هجومية وأسلحة أخرى من الجمهورية الإسلامية إلى اليمن.

ونظرًا لأن الساحل اليمني طويل جدًا، بحيث لا يمكن إغلاقه، فمن المحتمل أن تكون الكثير من الذخائر قد أفلتت من الحظر الدولي إلى الحوثيين.

كما يعزز الحوثيون موقفهم السياسي بممارسات، آخرها الإعلان عن قواعد جديدة تقيد حقوق المرأة، والاستمرار في منع تصدير النفط، وحرمان الحكومة الشرعية من إيراداته الحيوية، وعدم إظهار الحد الأدنى من حسن النية بشأن الموافقة على محادثات مباشرة.  

ويعترف "غوش" بأن الحوثيين لا يسمحون حتى الآن للوكالات الإنسانية بالوصول غير المقيد إلى ملايين اليمنيين الذين هم في أمس الحاجة إليها، رغم أن ما يقرب من ثلاثة أرباع سكان البلاد، البالغ عددهم 33 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات الإنسانية.

كيف يرى "غوش" إذن قنوات الاتصال الخلفية المستمرة بين الحوثيين والسعوديين أمرا إيجابيا؟ يجيب عضو هيئة تحرير بلومبرج بأن 4 علامات عملية هي ما سيعطي المغزى لإحراز تقدم، أولها "الرفع غير المشروط لجميع القيود المفروضة على الإمدادات الإنسانية".

وأشار إلى أن رئيس الوكالة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة اشتكى من تدخل الحوثيين، قائلا: "هذه المشكلة خطيرة بشكل خاص في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون ، حيث تحاول السلطات في كثير من الأحيان الإجبار على متعاقدين معينين، أو تقييد سفر عمال الإغاثة، أو السعي بطريقة أخرى للتأثير على عمليات الإغاثة".

وفي المقابل، على الحكومة اليمنية أن تقدم العلامة الثانية بإزالة المتطلبات البيروقراطية المعقدة التي تعيق المساعدات وتثبط عزيمة المانحين، حسبما يرى "غوش"، مشيرا إلى أن برنامج الغذاء العالمي، التابع للأمم المتحدة، أصدر تقريرا أفاد بأن 17.8 مليون يمني لم يكن لديهم إمكانية الوصول إلى مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي والنظافة في نهاية عام 2022 ، وأن 17 مليونًا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأن أكثر من 6.1 مليون شخص يواجهون مستويات "طارئة" من انعدام الأمن الغذائي.

ولذا يشدد "غوش" على ضرورة بدء الحوثيين محادثات مباشرة مع الأطراف اليمنية الأخرى، بما في ذلك الحكومة والجماعات المعارضة للحركة المدعومة من إيران، كعلامة ثالثة على جدية تمديد الهدنة.

ويلفت عضو هيئة تحرير بلومبرج إلى أن وقف لإطلاق النار لن يكون ذا مصداقية إلا إذا كانت جميع الأطراف المتحاربة على الطاولة، معتبرا أن محادثات مباشرة ستكون هي الحل الأكثر نجاعة لحل أزمة اليمن، بدلا من تحدث الحوثيين إلى السعوديين من خلال وسطاء عمانيين.

أما رابع علامات حسم تمديد الهدنة، فهي تأمين الحوثيين والمجتمع الدولي بسرعة لناقلة النفط في البحر الأحمر SFO Safer، ما اعتبره "غوش" ضروري لإزالة فتيل أحد أبرز الملفات الخطرة جراء الحرب.

فالسفينة ممنوع الوصول إليها منذ عام 2015 ، حيث استخدم المتمردون التهديد بحدوث كارثة بيئية لمحاولة ابتزاز المجتمع الدولي، وجمعت الأمم المتحدة مبلغ 75 مليون دولار المطلوب لإزالة النفط من السفينة، إذا تسبب صدأ هيكلها في حدوث تسرب، وقد تكلف عملية إزالة النفط حال تسربه بالكامل ما يصل إلى 20 مليار دولار.

وسبق أن أشار الحوثيون إلى استعدادهم للسماح بعملية أممية تمنع حدوث كارثة بيئية، لكن دون تحرك فعلي يجعل المياه أكثر أمنا.

 المصدر: بلومبرج