المجلس الأنتقالي بين الطموح والواقع.. سيناريوهات بلا نهاية سعيدة

اختتم اللقاء التشاوري الجنوبي أعماله أمس الأثنين، بتوقيع رؤساء وممثلي المكونات السياسية الجنوبية "ميثاقًا وطنيًا" بغية دعم ما آسماه خيار الانفصال، وإعلان الجنوب دولة مستقلة.، بدعوى معاناة محافظات الجنوب من تهميش وإقصاء سياسي واقتصادي، وهو ما تنفيه الحكومات اليمنية المتعاقبة، كما أعاد المجلس الانتقالي الجنوبي، تشكيل هيئة رئاسته، لتضمّ 25 عضوًا، إضافة إلى تعيين رؤساء الهيئات داخله.

هذا بينما اعلنت تيارات جنوبية وشخصيات سياسية رفضها لجلسات التشاور وقالت إن المجلس الانتقالي يحاور أو يشاور نفسه وان الهدف من المؤتمر هو اعادة الانتقالي للواجهة وإقصاء من تبقى من الجنوبيين وتهميشهم.

ويري مراقبون إن الإجتماع عُقد في ظل الانقسامات والازمات بين المكونات الجنوبية وفق أجندة قوى خارجية تسعى الى تفتيت البلاد وتقسيمها قبل أن يكون هناك اي حل لايقاف الحرب المدمرة والمستمرة منذ 2014م، كما إن الانتقالي يسعى الى الاستحواذ على الجنوب وطرد مجلس القيادة الرئاسي مجدداً من عدن.

وفي ها الشأن قالت الباحثة اليمنية أفراح ناصر أنه يوجد سيناريوهان بشأن مصير جنوب اليمن المطالب بالانفصال عن شماله، بدعم من الإمارات، مرجحة أن كليهما يقودان إلى "مزيد من الصراع وعدم الاستقرار" في بلد يشهد حربا منذ تسع سنوات بين القوات الحكومة الشرعية، المدعومة من السعودية، وجماعة الحوثي، المدعومة من إيران.

وضمن تفاعلات اتفاق سعودي إيراني، بوساطة الصين في مارس/ آذار الماضي، على استئهاف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، أجرى وفد سعودي مباحثات مع الحوثيين في صنعاء (خاضعه لسيطرتهم) لتثبيت وقف إطلاق النار تمهيدا لحل سياسي دائم للنزاع في الجار الجنوبي للمملكة.

وأضافت أفراح، في تحليل بـ"المركز العربي واشنطن دي سي" (Arab Center Washington DC) ، أن المجلس الانتقالي الجنوبي، يسعى منذ تأسيسه عام 2017 إلى إعادة تأسيس دولة اليمن الجنوبي (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) والتي تم توحيدها في 1990 مع الشمال (الجمهورية العربية اليمنية) بعد أكثر من عقد من الصراع.

وتابعت أن مظالم الجنوب شملت الإقصاء من السلطة السياسية والتهميش من التنمية الاقتصادية، كما "كانت هناك مظالم مماثلة في الشمال، لكن دوافعها كانت مختلفة في كل منطقة".

السعودية والحوثيون

وبعد يومين من زيارة الوفد السعودي إلى صنعاء، كما أضافت أفراح، أعلن المجلس الانتقالي أن الجنوب يسعى إلى استعادة "دولته المغتصبة بسيادة كاملة، ولن يقبل أي بدائل".

وأردفت: كما ورد أن عمرو البيض، المسؤول في المجلس الانتقالي، قال إنه بسبب عزل المجلس فإن الصفقة السعودية الحوثية المحتملة لن تكون ملزمة للمجلس.

واعتبرت أن "المحادثات السعودية الحوثية تقدم تلميحات إلى أن المملكة بدأت في الاعتراف بجماعة الحوثيين كعنصر سياسي شرعي في البلاد، ومن المتوقع عقد جولة جديدة من المحادثات قريباً، ويعتقد الكثيرون أنه سيكون هناك دفعة للتوصل إلى اتفاق سياسي مشترك بين الأطراف المتحاربة المحلية".

حكومة انتقالية

أفراح قالت إنه يوجد سيناريوهان لمعالجة النزاع، أحدهما "إذا تمت مناقشة صفقة لتشكيل حكومة انتقالية لتقاسم السلطة بين الحوثيين والمجلس الرئاسي اليمني ،  فإن المجلس الانتقالي سيرفض التوقيع تماما".

وتابعت: "المجلس الانتقالي سيرى أن الحوثيين لن يسمحوا بإمكانية استقلال الجنوب، ناهيك عن إجراء عملية ديمقراطية سلمية لتقرير المصير".

وأردفت أن "المجلس الانتقالي سيرفض الضغط السعودي لأنه يحظى بدعم الإمارات، وفي الحوار بين الحوثيين والمجلس الرئاسي سيستغل المجلس الانتقالي كل فرصة لمحاولة ضمان استقلال الجنوب، وهو ما سيُقابل برفض الحوثيين".

ورجحت أنه "في هذا السيناريو، قد يحتدم القتال مرة أخرى (...) لكن اشتباكات هذه المرة ستندلع بين قوات الحوثي والقوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي وداعمهم الإماراتي".

واستطردت: "يتوقع المحللون اليمنيون أن يصبح اليمن في هذا السيناريو من النزاعات العالمية التي طال أمدها بشكل لا يصدق، وهذا من شأنه أن يعرقل كل جهود مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن هانز جروندبرج".

صفقة ثلاثية

"في سيناريو آخر، قد يوقع المجلس الانتقالي على صفقة بين الحوثيين والمجلس الرئاسي، لكن فقط إذا نجحت السعودية في إقناع الإمارات بقيمتها، وهنا قد يرضخ المجلس الانتقالي لضغط إماراتي ويوقع الصفقة"، بحسب أفراح.

واستدركت: "من المؤكد أن هذه الصفقة ستثير غضباً عاماً في الجنوب، مما يؤدي إلى مزيد من الاضطرابات وعدم الاستقرار، وربما اندلاع مقاومة عامة مسلحة؛ فالحراك الجنوبي أكبر من المجلس الانتقالي".

وأضافت أنه "عندها سيكون الأمر متروكا للحراك الجنوبي لتغيير موقعه وتقرير مستقبل الجنوب. وفي هذا السيناريو ستكون فرصة حكومة تقاسم السلطة محدودة للغاية أيضا، وبالتالي يعد كلا السيناريوهين بقيادة اليمن على طريق الصراع وعدم الاستقرار".

من جانبه حذر رئيس منظمة فكر للحوار والدفاع عن الحقوق والحريات عبدالعزيز العقاب من أي محاولة لتقسيم اليمن ، لان التقسيم لن يكون في صالح اليمن ولا المنطقة.

وقال العقاب في تدوينة له على موقع"تويتر" إن أي محاولة لتقسيم اليمن فلن يكون ذلك في صالح اليمن ولاالمنطقة.

ومشكلة اليمن ليست في الجغرافيا ولا في الشعب وإنما في القيادة والمركزية وضعف الدولة وغياب الشراكة والصراع على السلطة والثروة وحل هذه القضية يكون من خلال المشروع الجامع والحلول الشاملة والدولة المدنية والشراكة الحقيقية.

وبين العقاب أن "الخلافات سوف تحل بالحوار والحكمة، وسوف يتم الإتفاق على صيغة توافقية مشتركة تلبي كافة المطالب المشروعة وتضمن معالجة كافة التخوفات الحقيقية لكل الأطراف المختلفة".

أبرز مخرجات "اللقاء التشاوري الجنوبي" في عدن

وانتهت أعمال "اللقاء التشاوري الجنوبي" الذي نظمه "المجلس الانتقالي الجنوبي" في عدن وجمع فيه مكونات سياسية من جنوب اليمن، أمس الإثنين، بإقرار عدد من الوثائق التي استهدفت إعادة الدولة الجنوبية وإخراج أي "قوات غير جنوبية" من الجنوب، والتأكيد من جديد على سعي المجلس الانتقالي وحلفائه إلى الانفصال عن الدولة اليمنية على الرغم من مشاركته في مجلس القيادة الرئاسي.

ووقع المشاركون على عدد من الوثائق، علماً أنّ أكثر من 330 شخصاً يمثلون قيادات مكونات وقوى سياسية وحزبية ومكونات مجتمعية ونقابات واتحادات ثقافية ودينية وقانونية وأكاديمية، شاركوا في صياغة بنود الاتفاق.

وفي تطور متزامن مع مخرجات اللقاء التشاوري الجنوبي، أُجريت تغييرات طاولت رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي وهيئة الرئاسة، إذ تم تعيين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني اللواء فرج البحسني وعبد الرحمن المحرمي أبو زرعة نواباً لرئيس "المجلس الانتقالي الجنوبي"، إلى جانب أحمد سعيد بن بريك.

وشملت التغييرات التي أجراها "الانتقالي" أيضاً إضافة قادة مكونات سياسية وممثلي كل مناطق جنوب اليمن إلى هيئة الرئاسة، في خطوة هي الأكثر انفتاحاً للانتقالي منذ تأسيسه.

ومن أبرز الوثائق التي تم إقرارها وثيقة "الميثاق الوطني" التي تضمنت أسس المرحلة المقبلة، بما فيها "التوافق على بناء المشروع الوطني الجنوبي (الدولة)"، وفق ما جاء فيها. ومن أبرز ما جاء في الوثائق "إتمام السيطرة العسكرية على كامل أراضي الجنوب وإخراج أي قوات غير جنوبية من كل شبر في أراضي الجنوب"، و"ترتيب أوضاع أي تشكيلات عسكرية جنوبية غير منضوية في قوات القوات المسلحة الجنوبية".

ونصّت إحدى بنود الوثائق ، على "إنجاز مقتضيات فك الارتباط الإداري والمالي عن صنعاء"، مع التشديد على أنّ "الهدف الاستراتيجي هو استعادة سيادة شعب الجنوب على أرضه ونيله استقلاله، وإعادة بناء دولته الوطنية الفيدرالية المستقلة كاملة السيادة".

 وشدّدت بعض البنود الأخرى على "الحفاظ على النصر الجنوبي الذي تحقق وتعزيزه والمضي به صوب تحقيق الاستقلال واستعادة دولة الجنوب"، و"إعادة هيكلة وبناء وحدات الجيش والأمن وأداء مهامها الوظيفية وفق خطة عملية بالتنسيق مع الوحدات العسكرية والأمنية"، و"تبني خطة شاملة لتأمين وتطهير الجنوب من خطر الفوضى والتطرف والتنظيمات الإرهابية واستكمال تحريره".

وجرت مراسم توقيع رسمية تحت تشديدات أمنية شهدتها منطقة خور مكسر في عدن، ونقلت مراسم التوقيع بشكل مباشر بعد انتظار خمسة أيام من انطلاق الحوار الذي كان من المقرر أنّ ينتهي يوم السبت الماضي، لكن لجنة الحوار التي نظمته اضطرت إلى تمديد يومين إضافيين حتى يعطي مساحة أكبر لكل المكونات والمشاركين في الوصول إلى صيغ توافقية على جميع النقاط التي تضمنها الميثاق الوطني.

وأعلن عدد من المكونات الانضمام إلى "المجلس الانتقالي الجنوبي"، وهي "مجلس الحراك الثوري" برئاسة فادي حسن باعوم وكل قياداته، إضافةً إلى "الحراك الثوري لتحرير الجنوب" برئاسة عيدروس اليهري بكل هيئاته، فضلاً عن انضمام "مجلس الحراك السلمي" برئاسة علي هيثم الغريب بكافة قياداته وممثليه.