Logo

الشعارات الرنانة والمواقف الحاسمة ..!!

 من السهل جداً رفع الشعارات الرنانة والقوية في عالم السياسة كوسيلة للاستهلاك المحلي والاعلامي ، بغرض استغفال العقول والاستخفاف بأصحابها ، لكن من الصعب جداً الالتزام بتلك الشعارات وتنفيذها على أرض الواقع ، وقليل هي الاحزاب والجماعات والأنظمة السياسية حول العالم من تكون افعالها على الواقع تتطابق مع شعاراتها النظرية ، ويظل التزام الاحزاب والجماعات والأنظمة السياسية بالشعارات في الأوقات الحاسمة والضرورية هو المقياس الحقيقي والفعلي سواء لمصداقيتها أو زيفها ، فكم أسقطت المواقف الحاسمة من شعارات زائفة وكاذبة وخادعة ، وكم جعلت الشعوب والمجتمعات البشرية تكتشف مدى الخداع والتضليل الذي تعرضت له ، وهي تشاهد أصحاب الشعارات الرنانة والبطولية والعنترية وهم يدسون رؤوسهم بين الرمال كالنعام في وقت الشدائد والصعاب ، وكم أصيب الكثير من البشر بالخيبات والانتكاسات والصدمات ، وهم يشاهدون الشعارات التي كانوا يرفعونها ويهتفون بها ويتحمسون لها وهي تتلاشى كالسراب أمام أعينهم في وقت المواقف الحاسمة والظروف الطارئة ..!!

نعم من السهل رفع الشعارات البراقة في الأوقات العادية والظروف الطبيعية ، ومن السهل استغلالها لاستغفال البسطاء من الناس ، لكن لا بد وأن يأتي اليوم الذي يحصحص فيه الحق ، والذي يجعل أصحاب الشعارات الرنانة أمام اختبار حقيقي ، يجعلهم أمام خيارين لا ثالث لهما ، فإما والالتزام بتلك الشعارات والعمل بموجبها ليظهروا مصداقيتهم أمام الجماهير ، أو عدم الالتزام بتلك الشعارات والتهرب من العمل بموجبها ليظهر زيفهم وخداعهم وكذبهم وتضليلهم على الملأ ، ولتصحى الجماهير المخدوعة من غفوتها وتدرك حجم التضليل الذي وقعت فيه ، وفي هذه اللحظة تتحول تلك الشعارات الرنانة إلى وبال وخزي وعار على أصحابها ..!!

لذلك من الحكمة والسياسة أن ترفع الاحزاب والجماعات والأنظمة السياسية شعارات موضوعية وعقلانية تتناسب مع امكانياتها وقدراتها الحقيقية ، بعيدا عن الشطحات والعنتريات ، لأن الأيام والاحداث كفيلة بوضعها أمام اختبار حقيقي يكشف حقيقتها أمام الجماهير ، حتى وإن كانت تظن أنها لن تتعرض لمثل هذه الاختبارات على أرض الواقع ، فالشعار مهما كان وكيفما كان على من يرفعه ويهتف به ويجعله شعارا له أن يتحمل تبعاته ويقوم بواجباته ومسئولياته ، فالأمر ليس اعتباطيا ولا ارتجاليا ولا مزاجيا ، لأنه طالما وقد رفعت الشعار وجعلته شعارا لك تتغنى به وتزايد عليه ، فإنك ملزم بالوفاء به والدفاع عنه وتنفيذ كل ما فيه من وعود او عهود ، لكي تنال رضا واحترام من حولك . نعم الشعارات الرنانة سيف ذو حدين ، إذا أوفيت بها والتزمت بها كانت في مصلحتك حتى لو خسرت المعركة ، واذا لم تفي وتلتزم بها تحولت ضدك مهما حاولت التضليل والتهرب والتزييف ، لأن الواقع لن يرحمك والمحيطين بك لن يسمحوا لك بالاستمرار في خداعهم والتضليل عليهم ..!!

لذلك يجب أن لا يرفع أي حزب أو جماعة أو نظام سياسي أي شعار إلا ولديه القدرة على العمل بمقتضاه والالتزام بما فيه ، وما دون ذلك لن يجلب له إلا الفشل والانتكاس والخسارة المعنوية والمادية والجماهيرية ، والشاهد من ذلك ونحن نشاهد ما يحصل اليوم في أرض فلسطين من معارك طاحنة ، ومن هجوم عنيف تقوم به اسرائيل ضد قطاع غزة ، يجعل أصحاب شعار الموت لإسرائيل أمام إختبار حقيقي ومصيري ، جعلهم أمامهم خيارين لا ثالث لهما ، فإما التحرك الفوري للعمل بموجب ذلك الشعار . فالفرصة أمامهم مواتية أكثر من أي وقت مضى لتحقيق هذا الشعار على ارض الواقع ، وليثبتوا للجميع مصداقيتهم وجديتهم ومصداقية شعارهم ، وسيحظون بالتفاف جماهيري وشعبي كبير حولهم في كل البلدان العربية والاسلامية ، والخيار الثاني هو التنصل وترك غزة تواجه مصيرها بعد أن غرروا على أهلها ، وعندها على أصحاب شعار الموت لإسرائيل أن يصمتوا للأبد ..!!

*إبراهيم ناصر الجرفي