مصائب اليمن.. وأهل السلطة والجماعة!

قبل وقت قصير من أذان المغرب، يتدافع الناس في صنعاء نحو أي سيارة تتوقف في الطريق ينوي صاحبها تقديم مبلغ رمزي للناس المحتاجين قد لا يتجاوز 2000 ريال، ويلتف الحشد حول السيارة للحصول على المبلغ، منهم من يحالفه الحظ للحاق بنصيبه قبل أن تنفد أموال الرجل، ومنهم من يخرج من الزحمة خالي الوفاض دون الحصول على شيء.
 
أمام مشهد كهذا لا يسعك إلا الحسرة على بلادك والحال التي آلت إليها بلادك، وحال جياعها وفقرائها وبؤسائها الذين لا يحصى لهم عدد.
 
ثم ستتبادر إليك مصيبة العام الماضي التي لا تُنسى، عندما انتهى شهر رمضان بفاجعة التدافع التي أزهقت روح العيد وقتلت عشرات المواطنين كانوا بانتظار الحصول على مبلغ خمسة آلاف ريال فقط لا يساوي سعر نصف كيلوجرام من الزبيب! 

وقتها قال التاجر الكبوس إنه لولا تدخل مسلحي جماعة الحوثي التي رفضت تسليم أي مبالغ إلا عبر هيئة الزكاة لمضت عملية تسليم العيدية بسلام، ثم ما كان من هيئة الزكاة إلا أن تذكرت أنها هيئة زكاة، وأعلنت عن مليون ريال لأسرة كل ضحية، وما أقل قيمة الإنسان اليمني لدى هؤلاء!
 
هل لاحظ أحدنا أو بعضنا أو جميعنا أن مصائب جورة تحل علينا كل رمضان؟ ذلك لا ينفي بركة الشهر الكريم وخصائصه التي خصه الله تعالى بها، لكن هذه هي حياتنا وهذا هو واقعنا، أن نتألم ونواجه قسوة الظروف ونعيش سنوات طويلة مأزومين أو نموت في غضون ثوان.
 
في شهر رمضان الكريم سنوياً تحدث الحوادث في بلد المضحكات المبكيات، كأننا والعياذ بالله على ريب من أنه شهر الرحمة والمغفرة والبركة، ولا رحم ولا غفر ولا بارك الله لمن أوصلنا إلى هذه الحال.
 
رأس البلاء يعتلي سلطةً تنتزع السكينة والطمأنينة والفرحة من قلوب الناس المستبشرين بشهر الله! سلطة تأمرنا بالبر وتنسى نفسها، وتطالب بتقوى الله ثم تفجر بقدوم الشهر أسعاراً نارية لا ترحم متقياً ولا جاحداً، وتحث على الزكاة شعباً أصبح كله مستحقاً للزكاة، 

فهل ينقصنا أن نسبّح أيضاً بحمد السلطة؟ أو أن نركع ركعتين شكراً للسيد أمام شاشة التلفزيون؟
 
جريمة رداع عنوان واضح لموسمنا هذا، فهي مصيبة تقول لنا كل شيء، أو سلسلة مصائب تفضح كل شيء، بدءاً بتفجير البيوت الهشة الآهلة، ومروراً بمحاولة شراء موقف أهالي الضحايا وأبناء رداع وإظهار أن جميعهم "مسلّمين" للجماعة ولا عزاء لمعارِضي الحوثيين وانتهاءً بظهور السيد القائد ليقول تعليقاً على الجريمة إن دماء اليمنيين "غالية علينا"، علينا؟ من أنتم؟ صدق القائد وهو يتحدث عن الشعب بصورة منفصلة عن الجماعة!

 هكذا تكون الأمور واضحة، الجماعة هي السلطة والسلطة هي الجماعة، وهم أهل السلطة والجماعة، ونحن شعب خارج التغطية، تحكمه جماعة تعتبر نفسها غير الشعب اليمني، أو لا تشبه هذا الشعب. 

نعم، من نحن حتى نكون كـــــ" الحوثيين ه"؟ 

نحن مجرد شعب يمني...

* النقار