طيران اليمنية.. حكاية صراع يدفع ثمنها الحجاج اليمنيون

 تحتجز سلطة الحوثي عدة طائرات تابعة لشركة خطوط النقل اليمنية، منذ ليلة الأمس 26 يونيو 2024 في مطار صنعاء، فيما تشهد حركة عودة 1300 حاج يمني من المملكة العربية السعودية وقوفًا تامًا، أي بقائهم عالقين في مطار الملك عبدالعزيز، في ظل صمت صنعاء، وبيانات عدن، وتناولات متلاحقة لقضية يدفع تكاليفها اليمنيون وحدهم. 

نقدم في هذا التقرير تفاصيل الخلاف بين فرعي طيران اليمنية بصنعاء وعدن، بما في ذلك مجريات الأحداث بينهما، والتصريحات والبيانات وانحدار الخلاف العلني لمساقات سياسية وسلطوية.

 

مع بدء موسم الحج لعام 2024، كان قرار شركة النقل الجوي اليمنية يقتضي بتشغيل رحلات نقل الحجاج من مطار عدن الدولي، بسبب خلاف بين فرع صنعاء وإدارة الشركة في عدن. ينبع الخلاف من توقف مكتب صنعاء منذ فترة عن توريد مبالغ التذاكر والإيرادات لحسابات الشركة في الخارج.يُبرر فرع صنعاء توقف التوريد بحاجته لنفقات تشغيلية من قبيل الصيانة والرواتب والنفقات المصاحبة، وهي ما توقفت عن دفعه إدارة الشركة بعد قرارات البنك المركزي وحكومة عدن.

ووفقًا لمصدر خاص من فرع صنعاء، فإن سلطة الحوثي عينت قبل مدة شخصية مقربة منها لتكون قائمة على إدارة فرع الشركة في صنعاء، بما يضمن تمكنها من إدارة الفرع مع موظفيه وكوادره. 

وبالفعل، فرضت سلطة الحوثي آلية جديدة لصرف المبالغ من حساب الشركة في مناطقها، تقتضي موافقتها على أوراق الصرف الروتينية. 

حدث هذا بعد تشغيل مطار صنعاء الدولي، ولكن الرحلات بقيت محدودة وعملية بيع التذاكر وارتفاع الدخل محدد جدًا، لكنه تغير مع قرار تشغيل رحلات حجاج المناطق الشمالية عبر مطار صنعاء.

موسم الحج: إشكالية البداية

رفضت إدارة شركة اليمنية في عدن تشغيل رحلات الحجاج عبر مطار صنعاء الدولي، وطلبت من مكاتب وشركات الحج والعمرة التعامل معها. 

لكن فرع صنعاء تمكن من تسيير الرحلات، بعد توافقات حدثت بين أطراف غير معلنة. مكنت هذه التوافقات صنعاء من انتزاع موافقة لتشغيل رحلات الحج عبر مطار صنعاء إلى مطار جدة. 

لهذا باعت قرابة 8000 تذكرة طيران، وهي مبالغ تم توريدها لحساب الشركة في صنعاء. 

وبهذا سارت عملية تفويج الحجاج بمعدل ست رحلات يوميًا من تاريخ 28 مايو 2024 وحتى 6 يونيو 2024 بمعدل رحلات 48 رحلة جوية من مطار صنعاء الدولي لمطار جدة الدولي حاملة قرابة ثمانية آلاف حاج وحاجة، أغلبهم من المحافظات التابعة لسلطة صنعاء.

احتجاز الطائرات

بعد انتهاء حجاج بيت الله الحرام من تأدية مناسكهم، بدأت حركة إعادة الحجاج عبر رحلات مماثلة لأعداد الرحلات السابقة. يوم أمس الموافق 26 يونيو 2024 هبطت ثلاث طائرات جوية قادمة من جيبوتي بعد تغيير مسارها نتيجة الأحوال الجوية. 

بعد وصول الطائرات الثلاث يوم أمس، قامت سلطة الحوثي بمنع عودتها، وفرضت عليها إقامة جبرية، دون إعلان رسمي للأسباب والدوافع. 

بعدها أعلن مصدر مسؤول في إدارة طيران اليمنية احتجاز طائراتها الثلاث في مطار صنعاء مما سيتسبب بعرقلة عودة الحجاج اليمنيين من المملكة العربية السعودية.

طائرات محتجزة ومتوقفة

 عدة مصادر خاصة في مطار صنعاء وفرع اليمنية بصنعاء. تحدثت عن طائرات شركة الخطوط اليمنية، عن أعدادها وحالتها وجميع تفاصيلها، بما في ذلك الطائرات المحتجزة في مطار صنعاء. 

يقول المصدر: يتم حاليًا احتجاز ثلاث طائرات منذ يوم أمس، بعد عودتها من نقل الحجاج اليمنيين. الثلاث طائرات من نوع: AFC-70، AFF-70، AFA-70. والطائرة الرابعة هي طائرة كبيرة من نوع AFE-70، وهذه متوقفة منذ شهر، وتحتاج لـ 2 محركات بقرابة 12 مليون دولار. 

وحول أعداد طائرات اليمنية يقول المصدر : تملك شركة الخطوط اليمنية سبع طائرات، منها ست طائرات إيرباص 320 وطائرة واحدة من نوع إيرباص 330. طائرتين من هذه الطائرات دخلت قبل أقل من عامين. 

وأضاف بأن جميع الطائرات السبع تخضع للصيانة الثقيلة والدورية في شركة جرامكو الأردنية ومتوقفة.

تصريحات وبيانات

تحول احتجاز سلطة الحوثي للطائرات إلى قضية رأي عام ساخنة، بين بيانات رسمية، وبلاغات وزارية، وآراء متنوعة لسياسيين وصحفيين وإعلاميين ونشطاء.

شركة الخطوط الجوية اليمنية قالت في بيان رسمي أصدرته عبر منصاتها: "احتجاز الحوثيين لأربع من طائراتنا في صنعاء يهدد سلامة الملاحة الجوية في البلاد." 

وأضافت: "من الصعوبة تشغيل الرحلات الجوية من وإلى داخل البلاد." ونادت الجهات المعنية بالتدخل العاجل لوقف التعسفات التي تتعرض لها الشركة.

وزير الأوقاف والإرشاد في  الحكومة اليمنية: محمد عيضة شبيبة، قال في تصريح: "إن عمليات الاحتجاز تمت لطائرات كانت تنقل الحجاج من جدة إلى صنعاء." 

وأضاف: "الحوثي يحتجز أربع طائرات في مطار صنعاء الدولي ويمنع عودتها إلى مطار جدة لنقل حجاج بلادنا الذين يريدون الرجوع إلى صنعاء."

وزير النقل في الحكومة اليمنية: عبدالسلام حميد، قال عبر اتصال هاتفي مع قناة الحدث: "إن قيادة الدولة برئاسة فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي ونوابه ودولة رئيس الوزراء والحكومة يولون هذه الموضوع مع الأشقاء في المملكة عناية خاصة ومتابعة سريعة."

أدت هذه المستجدات الساخنة في الشأن اليمني إلى إيقاف موسم الحج اليمني مؤقتًا، قبل أن تسمح جهة غير معلنة بتسيير الرحلات. 

لكن الخلافات عادت من جديد مع احتجاز  الحوثيين للطائرات، مما تسبب بعرقلة عودة قرابة 1300 مواطن يمني من المملكة العربية السعودية.

تُظهر هذه الأحداث مجددًا أن اليمنيين هم من يدفعون ثمن الصراعات الدائرة في بلادهم، وهم المتضررون دائمًا من خلافات سياسية لا تنتهي.