الحوار والتوافق الوطني ضرورة ملحة

 
إن على كل القوى المثقفة ، والسياسية داخل مكون انصار الله - وهم على ما نعتقد كثيرون - ان يرشدوا خطابهم الديني التعبوي الذي قد يفيدهم للبقاء في السلطة ردحا من الزمن لكنني ارى من خلاله وميض نار متجه إلى ذلك الركام من الحقد والبغض الذي يعتمل في النفوس ، جراء استدعاء شرعية ولاية الإمام علي التي مضى عليها اربعة عشر قرنا، وهي دعاوى تحريفية لجوهر الرسالة القرآنية ، بل وإلى الإمام علي كرم الله وجهه نفسه.

فلست هنا بصدد دحض تلك التلفيقات والاكاذيب المعنعنة والمقلقلة التي وضعها اعداء الإسلام ، بل انا اقول لهم ان صواريخكم وصواريخ فرط صوت الروسية ، ودباباتكم وطائراتكم المسيرة، لن تقيكم من هبات الشعب، فقد ظن عفاش انه سيورث اليمن لغلمانه ، وبدأ يطمح في تقليد جارة السوء التي اطلقت اسم مؤسسها على اشرف واطهر بقاع الارض،  فبدأ ببناء مدن الصالح في كل المحافظات تمهيدا لجمهورية الصالح التي قاده جهله بالحلم بها، ولربما اغرته التوسعية حين طالبهم بتطبيق المادة المتعلقة بالاعتراف المتبادل بين الامام يحيى وابن سعود بان يعترف كل منهما بالاخر وابناءه كحكام ابديين لليمن.

اقول إن ذلك الركام من بارود الحق الذي يعتمل في نفس اغلب ابناء الشعب منذ الإنقلاب على العملية السياسية السلمية من قبل عفاش، وحتى يومنا هذا يقلل من فرصة وجود مكان آمن لاولادنا نحن الهاشميين في المستقبل ، فمصادرة الممتلكات ، واحكام الإعدامات ، وانوال المودعين في البنوك واذونات الخزينة وصناديق البريد، رغم الجبايات القدمة فإن اسر القتلى الذين نزين هذا اللفظ ب لفظ "شهيد" سيقولون في الغد انكم المتسببون فيما جرى لليمني واليمنيين....

إذا فعلى هذه القوى المستنيرة العاقلة في مكون انصار الله ان تفي بذلك العهد الذي القاه قائد مسيرتهم القرآنية بشأن بناء الدولة المدنية التي يغيب عنها الخطاب الديني، وذلك لأن بناء الدولة المدنية المستندة الذي يقود إلى المواطنة والمساواة هو الحل الأمثل للیمن. وأن هذا الهدف النبيل هو ذات الهدف الذي برر انصار الله ثورتهم المضادة للثورة السلمية بتحالفهم مع عفاش لنقض العهد والميثاق الذي وقعته الامة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي كان المطلب الثاني من مطالبهم - الغاء الجرعة، تنفيذ مخرجات الحوار تغيير الحكومة - ولهذا فهم مطالبون اليوم بالرجوع عن خطابهم المذهبي والعودة إلى خطاب الدولة المدنية الذي تغيته تلك المخرجات ، ومسودة الدستور ، وهذا ما ينبغي أن يلتزم به جميع المكونات السياسية اليمنية، بما في ذلك أنصار الله.

إن إقصاء الخطابات المذهبية والدينية من مؤسسات الدولة أمر ضروري لتحقيق هذا الهدف. فالدولة المدنية تقوم على احترام التنوع الفكري والمذهبي وعدم استغلال الدين لأهداف سياسية ، او تيين الدولة ، او استغلال امكانيات الدولة لتكريس خطاب مذهبي او عرقي او جهوى ، كما يجب أن تكون المؤسسات الحكومية والتشريعية والقضائية نموذجاً للتسامح والمساواة دون تمييز، واستقلالية كل مؤسسة عن الأخرى هو من مزايا الدولة المدنية.

 ومما سبق فاليمن تستوعب كل ابنائه بكل طوائفه واحزابه وجهاته واعراقة ومذاهبه ،  فالكل شركاء  ويجب إشراك جميع المكونات المجتمعية في بناء الدولة المدنية، بما في ذلك أنصار الله، وهذا أمر بالغ الأهمية. فالحوار والتوافق الوطني هو الطريق الأفضل لتجاوز الخلافات والمصالحة الحقيقية. وينبغي أن يكون هذا الحوار مبنياً على المصالح المشتركة وليس على الهويات المذهبية أو الدينية.

وذلك لأن بناء الدولة المدنية الديمقراطية في اليمن هو تحد كبير، لكنه ليس مستحيلاً إذا توفرت الإرادة السياسية الحقيقية والالتزام الوطني من جميع الأطراف. وأنا على ثقة بأن اليمنيين قادرون على تحقيق هذا الهدف النبيل.

أنا أوافق معك تماماً على أن التوافق الوطني الشامل هو الخطوة الأساسية لبناء سلام مستدام وتحقيق التنمية المستدامة في اليمن. بعض النقاط الرئيسية في هذا الصدد من التوافق الذي يشمل جميع المكونات السياسية والاجتماعية في اليمن، بما في ذلك السلطات الفعلية على الأرض. إقصاء أي طرف سيضعف هذا التوافق. وبما يجب أن يتضمن التوافق ضمانات وآليات واضحة لضمان الانتقال السلمي إلى حالة السلام المستدام. وهذا يتطلب التوافق على آليات للمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية.

 كما يجب أن يكون هدف هذا التوافق الوطني هو بناء دولة مدنية قوية قادرة على تحقيق التنمية المستدامة لجميع المواطنين. وهذا يتطلب الاتفاق على رؤية واستراتيجية تنموية شاملة، والانتقال من حالة "لا حرب ولا سلام" إلى سلام مستدام قائم على العدالة والمصالحة الوطنية. وهذا يتطلب وقف إطلاق النار وسحب الميليشيات والقوات المتنازعة من المناطق المحتلة.

في الختام، نؤكد على اهمية التوافق الوطني الشامل فهو أساس بناء الدولة المدنية في اليمن وتحقيق السلام والتنمية المستدامة. وهذا يتطلب مرونة وتنازلات من جميع الأطراف المعنية عن مصالحهم ومشاريعم الصغيرة من اجل بناء يمن موحد تحكمه دولة مدنية اتحادية، لا يسيطر فيها اقليم على اقليم آخر وكل اقليم يستغل موارده الإستغلال الامثل مع الإلتزام بدفع نسبة منها لمصلحة الدولة الإتحادية.

* حسن الدولة