هل تتخلَّص الولايات المتحدة من نتنياهو قبل انفجار الكوكب؟

 بنيامين نتنياهو كن مستعداً للرحيل الخشن، وحتى للاغتيال، وستكون آخر خدماتك "الجليلة" للولايات المتحدة الأميركية، على غرار عشرات الأدوات التي تخلصت منها قبلك. بات بقاؤك حياً مكلفاً لها سياسياً وعسكرياً وأخلاقياً وإعلامياً، والأهم قانونياً، أمام قرارات محكمة الجنايات الدولية ومجلس الأمن لاحقاً، وهو يحمل من الخطورة ما يكفي لإثبات تورطها وإدانتها بأفعالها القذرة وجرائمها ومجازرها بحق الشعب الفلسطيني، سواء كان ذلك في العدوان على قطاع غزة أو الضفة الغربية، كذلك بحق شعوب المنطقة، بدءاً من لبنان إلى سوريا والعراق واليمن والسودان وليبيا وإيران، وصولاً إلى إيران والصين وروسيا وغير دول وشعوب.

وسيكون دليل إثبات على تورطها وتوقيعها لوائح الاغتيالات الطويلة، القديمة منها والحديثة، والتي طالت مؤخراً العشرات من قادة ومقاومي حركات وأحزاب محور المقاومة، وقادة وضباط وعسكريين سوريين، ورموز ومستشارين عسكريين ومدنيين وعلماء إيرانيين وعراقيين، ناهيك بتورطها باغتيال شخصياتٍ سياسية (رؤساء، رؤساء حكومات، دبلوماسيين)، ومستشارين إعلاميين رسميين وصحافيين ومراسلين ورجال اقتصاد، إضافة إلى اغتيال أو محاولة اغتيال كل من يعاند نهجها واستراتيجيتها ومخططاتها الخبيثة لتدمير الكوكب وسفك دماء البشر وسحق الحجر، وما عاد الزمن يسعف الكوكب في ما تبقى من عمره لإنجاب من هم أكثر إجراماً ووحشية وغطرسة ووقاحة. ولطالما كانت الولايات المتحدة تشكل أسّ وأساس ورأس الشر والإرهاب والإجرام العالمي، وستبقى إلى حين كسر شوكتها واقتلاعها من عالمٍ بات يتوق إلى السلام والعيش الأمن ورسم الابتسامة على وجوه الأطفال وزراعة الورود.

بات التخلّص من نتنياهو هو الطريقة الأميركية الوحيدة لمنع انفجار الشرق الأوسط والعالم بأسره إن رغبت في ذلك، وخصوصاً بعد تأكدها من فشل وهزيمة مشاريعها التي أعدتها للمنطقة والعالم، ومركزها غزة والقدس وبيروت ودمشق وبغداد وعمّان وطهران، ولجوئها إلى التضليل الإعلامي من خلال الترويج لعدم رغبتها في توسيع نطاق الحرب والمواجهة، وتكرار تصريحاتها حول انتقاد نتنياهو وسيره "بعكس مصلحة الكيان الإسرائيلي"، بعدما استخدمته ككلب مسعور لارتكاب المجازر في قطاع غزة وتنفيذ الاغتيالات وكل ما من شأنه خدمة مصالحها ومخططاتها، وبات عليها اختيار إشعال المنطقة والكوكب وتمديد تكليفها نتنياهو بإدارة الكيان الوظيفي المجرم أو اختيارها التهدئة عبر تصفيته والتخلّص منه وإزاحته عن المشهدين الإسرائيلي والأميركي الداخليين قبل أن ينفجرا، وعن المشهد الخارجي الدولي والتفاوضي مع حماس، واحتواء ما يمكن احتواؤه من الردود العسكرية والميدانية لمحور المقاومة مجتمعاً.

لقد نفّذ نتنياهو المخططات الأميركية كافة، وما تبقّى سيكون سعيها نحو تحميله مسؤولية كل الإجرام والمجازر والاغتيالات التي ارتكباها معاً ومسؤولية التصعيد الخطير في المنطقة والعالم، والذي حذر منه الرئيس الروسي قبل أيام أثناء استقباله الرئيس السوري بشار الأسد في موسكو.

مع تعثّر الحل السياسي والمسار التفاوضي مع حماس، سيتكفل اغتيال نتنياهو وإبعاده عن المشهد بفتح الثغرة التي ستسمح للولايات المتحدة بالولوج عبرها نحو فتح أفقٍ جديد لمخططاتها الخبيثة، عبر استغلال الجهة التي ستوجه إليها الاتهامات باغتياله، سواء كانت حماس أو حزب الله وغيرها من مكونات وحركات وأحزاب محور المقاومة، أو بشكلٍ مباشر نحو دول المحور، كسوريا وإيران وحلفائهما، كروسيا أو تركيا التي ما فتئ رئيسها يجاهر بنياته غزو الكيان وبأنه: "لا يوجد ما يمنعنا من ذلك". وبغض النظر عن الجهة المرشحة للاتهام، استغلال دماء من سبق أن أنهت الولايات المتحدة حياتهم يؤكد مصلحتها اليوم باغتيال نتنياهو أيضاً.

قد يرى البعض في هذا الطرح استحالةً أو نوعاً من الخيالية، لكنها قراءة تستند بالأساس إلى انكشاف وانفضاح الذهنية الإجرامية الأميركية وسلوكها الوضيع عبر استراتيجية الاغتيالات، إضافةً إلى حاجتها الماسة اليوم إلى اغتيال نتنياهو وإزاحته، الأمر الذي بات جزءاً من مسلكٍ إجباري، وليس اختيارياً، وبات رهين قدرتها على الحفاظ على استمرار وجودها الاحتلالي وبقاء قواعدها وجنودها في منطقة الشرق الأوسط، على الأقل في العراق وسوريا.

لن تكون الولايات المتحدة قادرة بعد اليوم على تحمل بقاء نتنياهو في منصبه، وحتى بقائه حياً، فهو الشاهد على توقيعها وتكليفها الكيان الغاصب بارتكاب المجازر والمذابح، وهو المطلوب إلى محكمة الجنايات الدولية، ناهيك بما ستؤول إليه ملاحقته القانونية، وخصوصاً بعد اغتيال الشهيد إسماعيل هنية في طهران التي أعلنت عن تحقيقاتٍ قانونية لكشف الحقيقة والمحاسبة وفقها، إضافة إلى اتجاهها نحو مجلس الأمن، وجلسة الأمس التي عقدت بطلبٍ إيراني.

كذلك، لن يكون بمقدور الولايات المتحدة حماية الكيان الإسرائيلي رغم استجلابها عدداً من سفنها وقطعها الحربية البحرية نحو شواطئ فلسطين المحتلة، ومسحها الجوي اليومي للأجواء اللبنانية والسورية، وخصوصاً بعد تنفيذ العدوان الإسرائيلي الغاشم على مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، والعدوان على الأراضي العراقية والمقاومة في منطقة جرف النصر، وجريمة اغتيال القيادي في حزب الله الحاج فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، وهو مسؤول العمليات العسكرية التي حصدت المقاومة من جراء براعته وحنكته إنجازات وعشرات الانتصارات الميدانية، سواء تلك التي تحققت منذ صبيحة 8 أكتوبر أو تلك التي راكمها خلال مسيرته الجهادية العظيمة التي تضمنت عملية استهداف المارينز في شواطئ بيروت عام 1983، التي لم تستطع الولايات المتحدة ابتلاعها أو نسيانها حتى اليوم.

على الولايات المتحدة حسم أمرها بالسرعة الكافية قبيل زوال الكيان، واستباق انطلاقة الردود الحتمية والترجمة الكاملة لوحدة الساحات، والردود الإيرانية والسورية، وردود حزب الله التي ستكون غير خاضعة لقواعد الاشتباك، وستكون بلا قواعد وبلا أسقف، كذلك ردود الحشد الشعبي العراقي وأنصار الله في اليمن.

لن يكون اغتيال نتنياهو ورحيله أمراً مأسوفاً عليه داخل الكيان الإسرائيلي أو خارجه، وقد يجد فيه العديد من الأطراف مدخلاً للحل السياسي والتفاوضي، ومحاولةً لتبريد المنطقة والكوكب، خصوصاً أن الولايات المتحدة كانت قد استضافت قبل 10 أيام وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت لمناقشة موضوع خلافة نتنياهو قبيل استضافة الأخير وحفل التصفيق المشين والمسرحية السخيفة في حضرة الكونغرس الأميركي المطعّم بالكومبارس وبعض المشجعين.

ميشال كلاغاصي - كاتب سوري