اضطرابات الجنوب السوري: فتّش عن الجولاني

 بعد مرور ست سنوات على سيطرة الحكومة السورية على محافظة درعا، عبر تسوية قضت بخروج من يرغب من المسلحين إلى الشمال السوري، وفتح باب التسوية لمن يودّ البقاء، بوساطة روسيّة، لا تزال المحافظة الواقعة أقصى الجنوب السوري تعيش بعض الاضطرابات، التي تتصاعد حدّتها تبعاً للتطورات السياسية في الملف السوري عموماً،

 والمسار الروسي الساعي إلى فتح الأبواب المغلقة بين دمشق وأنقرة على وجه الخصوص. 

وخلال اليومين الماضيين، شهدت درعا حادثتين منفصلتين؛ الأولى استهدفت موكب محافظ درعا وقائد شرطة المحافظة ومسؤولين آخرين، والثانية طاولت مجموعة من القوات التابعة لوزارة الداخلية، قرب معبر نصيب الحدودي مع الأردن. 

والهجوم الأول الذي أصاب موكباً رسمياً، تم عبر عبوة ناسفة تسببت بإصابة عدد من القوى الأمنية المرافقة للموكب الذي كان يزور مدينة الحراك، على الطريق الواصل بين علما وخربة غزالة، في محاولة تعدّ الثانية لاغتيال المحافظ، الذي تعرض موكبه لانفجار مماثل على طريق دمشق – درعا، قبل نحو عام، ما أدى إلى إصابة أحد مرافقيه. 

أما الهجوم الثاني فوقع بالقرب من جسر صيدا، واستهدف قوة تابعة للأمن السياسي التابع لوزارة الداخلية، عندما فتح مسلحون النار عليهم أثناء توجّههم إلى عملهم في معبر نصيب، ما تسبب بمقتل ثلاثة عناصر نعتهم وزارة الداخلية السورية عبر بيان رسمي.
 
وتأتي الهجمات الجديدة بعد نحو ثلاثة أسابيع على تنفيذ عملية أمنية في منطقة حوض اليرموك في درعا، انتهت بالقبض على 17 شخصاً على صلة بـ«هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً - فرع تنظيم القاعدة في سوريا). 

وإذ تعيد هذه الهجمات إلى الأذهان اضطرابات مماثلة شهدتها المنطقة الجنوبية من سوريا، بالتزامن مع انعقاد لقاءات مسار «أستانا» الروسي، رأت مصادر ميدانية، أنها تهدف بالدرجة الأولى إلى «لفت الأنظار عن الشمال الذي تسيطر على قسمه الغربي الهيئة التي يتزعمها أبو محمد الجولاني، فيما تتصارع فصائل عديدة على السيطرة على قسمه الشرقي، والذي تمكن الجولاني من مدّ أذرعه فيه أيضاً».

 وعلى الرغم من عودة الهدوء إلى درعا بعد سنوات من الحرب، إثر تسوية جرت في عام 2018، تبعتها تسوية أخرى عام 2021 عادت من خلالها سلطات إنفاذ القانون السورية إلى العمل، تعيش المحافظة حالة معقّدة، في ظلّ استمرار نشاط بعض الفصائل التي قامت بالتوقيع على المصالحة، وانضمام فصائل أخرى إلى العمل مع السلطات السورية لفرض الأمن. 

كما تشهد بعض المناطق حالة فراغ أمني، ساهم في نمو عمليات صناعة وتهريب المخدرات عبر الحدود الأردنية القريبة، الأمر الذي حاولت السلطات السورية مكافحته عبر تنفيذ مجموعة من عمليات التمشيط، تخلّلها إلقاء القبض على عدد من المتورطين.

وبالعودة إلى حديث المصادر الميدانية التي أكدت أن السلطات السورية تتابع نشاط بعض المجموعات التي يعتقد أنها ما زالت مرتبطة بـ«هيئة تحرير الشام»، أشارت إلى أن عمل قوى الأمن السوري يتم بالتعاون مع بعض الفصائل المحلية، التي نجحت خلال مرات سابقة عديدة في القبض على عدد من المرتبطين بـ«الهيئة»،

 بالإضافة إلى اعتقال وتصفية عدد من المسلحين المرتبطين بتنظيم «داعش»، الذي لا يزال يملك بعض الخلايا النائمة في الجنوب السوري، والتي يقوم بتنشيطها بين وقت وآخر. 

وتأتي الاضطرابات في الجنوب، في وقت يعيش فيه الجولاني تحت ضغوط مضاعفة، سواء بسبب التقارب السوري - التركي الجديد، والذي تنتظر روسيا أن يؤتي ثماره قريباً، أو بسبب تصاعد الأصوات المناوئة له ولجماعته في إدلب، الأمر الذي ظهر بوضوح خلال التظاهرات التي شهدتها إدلب، أمس، والتي تنادي برحيل «الهيئة»، وتشكل جزءاً من نشاط مناوئ للجولاني، مستمر منذ مطلع العام الحالي.

علاء حلبي