فريق ترامب ....إسرائيل أولا"
إن الفريق الجديد الذي اختاره ترامب للسياسة الخارجية هو فريق الأحلأم بالنسبة لإسرائيل , ولم يكن كذلك في جميع الإدارات الأمريكية السابقة ,
وبالتالي فإن السياسة الأمريكية الخارجية ستكون متشددة كثيرا وفقا لهذا الفريق الذي أعلن تأييده الأعمى لإسرائيل وجرائمها لدرجة أن الجميع بات يشعر بأن هؤلاء هم إسرائيليون أكثر من الإسرائيليين , وتصريحات هذا الفريق أدخلت البهجة إلى قلوب نتنياهو وأعضاء حكومته من اليمين المتطرف, ويتكون هذا الفريق من :
- ماركو روبيو، قائد الدبلوماسية الأمريكية القادم، فهو متشدد تجاه إيران والصين، ويعارض وقف إطلاق النار في غزة ويطالب إسرائيل بتصفية حماس.
- بيت هيجسيث، المذيع في قناة فوكس نيوز وزيرا للدفاع ,وكان دعا سابقا إلى بناء معبد يهودي في موقع المسجد الأقصى في القدس، ويروج للوشوم التي تحمل شعارات مرتبطة بالصليبيين الذين اجتاحوا الأرض المقدسة , وفي أثناء عمله كمذيع ، أيد هيغسيث حملة إسرائيل "لتكديس الجثث" في غزة.
- مايكل والتز مستشار الأمن القومي ايكل والتز سياسي وعسكري أميركي والمعروف عنه تأييده القوي لإسرائيل.
- إليز ستيفانيك مندوبة لدى الأمم المتحدة وهي معروفة بتأييدها لإسرائيل وللحرب على غزة واتهمت الأمم المتحدة في منتصف أكتوبر الماضي بأنها «غارقة في معاداة السامية».
- مايك هاكابي الحاكم السابق لأركنساس رشحه ترامب ليتولى ليكون سفيرا للولايات المتحدة في إسرائيل وسيكون هاكابي أول شخص غير يهودي يتولى المنصب منذ عام 2011، وهاكابي يعد من أشد المؤيدين لإسرائيل إلى جانب دعمه للاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلتين, وهو لا يعترف بشيء اسمه فلسطين , ويستخدم الأسماء التي يعتمدها الكيان مثل يهودا والسامرة بدلا من الضفة الغربية , والغريب هو أن هذا السفير هو قس مسيحي فكيف ينفي وجود فلسطين ؟ وهذا يؤكد بأنه لا يعرف شيئا ولا يقرأ التاريخ...
- ستيفن سي ويتكوف، المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط، وهو من المؤيدين االأقوياء أيضا لإسرائيل وويتكوف هو مستثمرعقاري والمتبرع لحملة ترامب الانتخابية.
من الواضح بأن هذا الفريق يملك سجلاً حافلاً للخطاب المتشدد الداعم لإسرائيل , وهو ما يريده ترامب من أجل العمل على تجسيد رؤيته على أرض الواقع في دعم إسرائيل وتوسعها على حساب الأرض الفلسطينية , ما يعد هدية ثمينة لإسرائيل , وهو ما يفسر ترحيب نتنياهو وحلفائه من اليمين المتطرف بشدة بعودة ترامب إلى البيت الأبيض، وثقتهم بأن مصالحهم ستتعزز بشكل أفضل من قبل إدارة ترامب ، لا سيما في ملف ضم الضفة الغربية، وفق تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية , وقادة الكيان لا يخجلون من نواياهم لتوسيع المشروع الاستيطاني، خاصة في الضفة الغربية، وأعلنوا صراحة عن نيتهم مضاعفة عدد المستوطنين إلى مليون.
وقال بريان كاتوليس، الزميل البارز في السياسة الخارجية الأمريكية في معهد الشرق الأوسط: إن "ضم الأراضي أصبح الآن مرجحا أكثر من أي وقت مضى", ووزراء اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو يضغطون من أجل بسط السيادة على الضفة الغربية , ومنهم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الذي قال إن العام “2025 هو عام السيادة (الإسرائيلية) في يهودا والسامرة”، وفق التسمية المعروف لدى الإسرائيليين عوضا عن الضفة الغربية , وأيد ذلك السفير مايك هاكابي المرشح لتولي سفير واشنطن في تل أبيب , وليس هذا وحسب وإنما رفضه المطلق لإمكانية إقامة دولة فلسطينية وفق تصريح له نشره موقع "باز فيد" ، وإذا كان ولا بد لإقامة هذه الدولة فيمكن أن تقام على أي أرض من دول الجوار ...
إن تصريحات أعضاء هذا الفريق متشددة جدا في دعم إسرائيل لدرجة أنهم يعتبرون أي جهة تعادي إسرائيل في الشرق الأوسط هم أعداء للولايات المتحدة ويجب مواجهتهم , وهو ما أثلج صدر نتنياهو الذي تواصل مع ترامب مرات عدة خلال أسبوع ليطمأن على مستوى الدعم الذي ستقدمه إدارته لإسرائيل , وما أراده نتنياهو سمعه من ترامب عندما قال له أفعل ما يحلو لك وعليك أن تقلب الموازين خلال الشهرين المقبلين ,
ولكن هذا الدعم قد يؤدي إلى تفجير الأوضاع في الشرق الأوسط , وهو ما أكده الكاتب البريطاني، ديفيد هيرست، رئيس تحرير موقع "ميدل إيست آي"، في مقاله بأن فريق ترامب سوف يسعر لهيب الصراع في الشرق الأوسط , مشيرا إلى أن العالم العربي تغير خلال الشهور الثلاثة عشر الماضية ولم يعد كما كان، وأن فريق ترامب لن يعود إلى نفس الملعب الذي كان يلهو فيه من قبل في عام 2017" , وهو ما تحدث عنه المقال الإفتتاحي لصحيفة "هآرتس من خلال الإشارة إلى القلق الداخلي على مستقبل إسرائيل بسبب سلسلة التعيينات التي كشف عنها ترامب, ويرى الفريق التحريري للصحيفة الإسرائيلية أن الإدارة الأمريكية الجديدة "المؤيدة للمستوطنين والتي تدعم ضم الأراضي وملايين سكانها تزيد من سرعة عجلة العد التنازلي لنهاية إسرائيل , أما جون بولتون مستشار الأمن القومي السابق فقد أكد في مقابلة مع هيئة البث الإسرائيلية بأن الولايات المتحدة في خطر كبير ً، ووجود ترامب في البيت الأبيض يجعلها أكثر عرضة للخطر لأن ما يفتقر إليه ترامب هو رؤية إستراتيجية، ما يضع أمريكا وإسرائيل على حد سواء في موقف غير مستقر".
إذا دققنا في السياسة التي اتبعها ترامب خلال فترة رئاسته الأولى ودعمه اللامحدود لإسرائيل , فإن الفريق الجديد سيزيد هذا الدعم ووفق الكاتب الإسرائيلي بن سامويلز فإن نتنياهو الآن أسعد شخص بالعالم لأن فريق ترامب سيشجع إسرائيل على الاعتقاد بأنها ستحصل على الضوء الأخضر لمتابعة أي استراتيجية تراها، بما يشمل نهجا أكثر عدوانية تجاه إيران وضم الضفة وغزة , فهل يمكن أن تقدم إدارة ترامب على خطوة تصعيدية ضد إيران دعما لإسرائيل؟
وهل مهلة الشهرين التي أعطاها ترامب لنتنياهو ليفعل ما يشاء ستتغير بعد دخوله البيت الأبيض؟
لقد كان واضحا دعم ترامب لإسرائيل خلال فترة رئاسته الأولى وما يؤكد ذلك هو فريقه الجديد المؤيد لإسرائيل, ولكن هذا الدعم قد يؤدي نتائج مدمرة على أرض الواقع , خاصة وأن ترامب أكد قبل الإنتخابات من أنه يسعى لتوسيع رقعة إسرائيل في المنطقة , ومثل هذه الخطوة يمكن أن تؤدي إلى حروب مدمرة , وهو ما يرفضه ترامب لأنه لايريد استمرار الحروب، فيما يرى البعض أن ترامب يمكن أن يتغير , وقال شلومو شامير في مقال نشرته صحيفة معاريف الإسرائيلية إن فرحة نتنياهو لن تطول لأنه من الممكن أن تتغير سياسة ترامب في فترة رئاسته الثانية ويمكن أن تؤدي إلى تقويض سلطة نتنياهو ومن المحتمل أن يقوم ترامب بخطوة مصالحة تجاه إيران، لأنه يحلم بجائزة نوبل، ويبدو له أن الاتفاق مع إيران، يضمن له الحصول على الجائزة.
ووفق الصحف العبرية فإن الرسالة الأساسية التي ستسمعها إسرائيل من الإدارة الأميركية المقبلة تحمل مطلباً بإنهاء الحرب، وبالتالي فإن دعم ترامب لإسرائيل ورغبته في إنهاء الحروب يمكن أن تعرقل خطوات نتنياهو المقبلة...
فهل ستتغير سياسة ترامب في فترة رئاسته الثانية خلافا للأولى ؟
هذا ما سيتبين خلال تسلم ترامب الرئاسة في العشرين من شهر كانون الثاني المقبل.
أ . نضال بركات - إعلامي وكاتب سوري