القمة فرصة لتجاوز العرب "أنصاف الحلول"
بدأ انعقاد القمة العربية في بغداد ، وسط أزمات كبيرة تعصف بالمنطقة العربية وحروب داخلية وانقسامات، ففي الجزء العربي من القارة الأفريقية يعاني السودان حرباً أهلية منذ أبريل (نيسان) 2023 سببت دماراً وإنهاكاً لبنيته التحتية والاقتصادية مع تشريد وتجويع، فيما يعاني الشرق الأوسط لهيباً مستعراً يتمثل في الأزمة السورية ومحاولة الإدارة السورية الجديدة أن تحصل على مزيد من الدعم العربي والمساعدات الاقتصادية لتوحيد البيت السوري المنقسم.
وتعاني الأراضي الفلسطينية ويلات الحرب المفروضة عليها والقصف العشوائي من قبل إسرائيل، ولا سيما على غزة، فيما يعاني سكانها قلة المؤن والمجاعة وأزمات أخرى في اليمن ولبنان، ووسط جميع هذه التحديات التي تواجه القمة تأمل بغداد أن تستثمر القمة العربية الرابعة التي تعقد في بغداد بعد القمم الثلاثة (1978 و1990 و2012) لتحقيق بعض النجاحات السياسية التي تعيد لبغداد دورها الريادي الذي كانت تتمتع خلال العقود الماضية وإيجاد بعض الحلول لقضايا المنطقة والتأكيد على أنها لا تزال تؤدي دور الوسيط في حل المشكلات العربية.
ويرى متابعون للمشهد السياسي أن أبرز التحديات التي ستواجه قمة بغداد هي القرارات المتوقع أن تخرج منها، فيما يؤكد آخرون أن القرارات الاقتصادية المتوقعة والداعمة لبعض الدول الأعضاء ستكون السمة البارزة التي تميز قمة بغداد.
لا قرارات مهمة
ويرى رئيس مركز العراق للدراسات الإستراتيجية غازي فيصل أن القضية الفلسطينية وحرب اليمن والصراع في السودان أهم التحديات التي تواجه القمة العربية المزمع عقدها في بغداد، مستبعداً اتخاذ قرارات مهمة.
وأضاف فيصل أن "القمة العربية التي تعقد في بغداد تأتي في ظل ظرف معقد يتطلب اتخاذ قرارات في شأنها ومنها القضية الفلسطينية في ظل إنكار إسرائيل حق فلسطين في إنشاء دولة وحق تقرير مصيرها، ولذلك فهي أمام تحديات في اتخاذ قرارات بعيداً من القرارات الروتينية التي صدرت في القمم السابقة".
ويرجح فيصل ألا يخرج المشروع العراقي عما قدمه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في مؤتمر القاهرة الدولي وأيضاً البيانات الرسمية في بغداد وقرارات الشرعية الدولية وسلام دائم مع ضمان حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قال عقب القمة التي عقدت في القاهرة عام 2023 إن "الظلم لا ينتج الأمن والسلام، ومن يريد الاستقرار للمنطقة عليه أن يستمع إلى مطالب الشعب الفلسطيني المشروعة، وأن توقف الاعتداءات على المدنيين في قطاع غزة قبل كل شيء".
قمة وسط الصراع
ولفت فيصل إلى أن القمة جاءت وسط الصراعات وأزمات في لبنان وسوريا واليمن والسودان، مؤكداً أنها لن تستطيع إيجاد حلول للحرب المستعرة بين جيشين في السودان ولا ما يجري في اليمن، ولذلك لن تجد حلولاً لهذه الأحداث باستثناء نداء للسلام في ظل الإطار البروتوكولي العام.
بدوره أشار أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عصام الفيلي إلى أن القمة العربية ستواجه التحديات التي تواجها البلدان العربية من خلال الدعم الاقتصادي، مرجحاً أن تتمكن القمة من إيجاد حلول لبعض القضايا العربية.
حلول لقضايا غزة والسودان
وأضاف الفيلي أنه "من الممكن أن تجد القمة العربية حلولاً لقضية السودان حيث سيوجد أكثر من طرف عربي وإقليمي مؤثر في هذا الصراع"، وأوضح أنه "من الوارد أن تتخذ القمة العربية قرارات لدعم غزة ولا سيما في مسألة الدعم الإنساني ومجابهة المجاعة التي تمر بها غزة والوصول إلى صيغ في سبيل إعمارها".
واعتبر الفيلي أن أهم ما يميز القمة الحالية هو عقد قمة اقتصادية تنموية اجتماعية وهذا لم يحدث سابقاً، إضافة إلى الجانب السياسي، إذ ستصدر توصيات اقتصادية وسياسية في اليوم نفسه.
دعم لبنان وسوريا
وتوقع أستاذ العلوم في الجامعة المستنصرية أن يكون هناك دعم ومعالجة للأزمات في لبنان من طريق دعم الحكومة اللبنانية لأنها أساس استقرار العملية السياسية في السلطة الشرعية اللبنانية المتمثلة في الرئيس وحكومته، والتوصية بإعادة إعمار لبنان ودعمه في موضوع أزمة الوقود والغذاء.
وفي موضوع سوريا يجب أن يكون هنالك دعم للنظام السياسي لأن استقرار النظام السياسي في دمشق يعني انطلاقاً نحو تفكيك الأزمة الاجتماعية، وذلك للحفاظ على وحدة سوريا واحترام وحدة المكونات، وهذا ما سيتضمنه البيان الختامي، بحسب الفيلي، الذي أكد أن لسوريا علاقات طيبة مع جميع الدول العربية وأن العراق قدم 220 ألف طن من القمح إلى سوريا، وأن العراق سيكون من المساهمين في دعم سوريا بالوقود أيضاً، فيما ستقدم دول عربية أخرى دعماً مالياً.
القرارات السياسية غير مؤثرة
وعن القرارات التي ستصدر، أشار الفيلي إلى أن القمة ستصدر قرارات مؤثرة في الجانب المالي والاقتصادي لكنها لن تكون مؤثرة في الجانب السياسي، إذ تعودنا من الدول العربية أن تقبل أنصاف الحلول من الدول الخارجية، ولا تقبل بالحلول المتكاملة من الدول العربية.
مؤيد الطرفي
مراسل عراقي