Logo

المجاعة في غزة "حقيقة أممية".. والاحتلال يضلّل

 بعد إعلان الأمم المتحدة رسمياً دخول قطاع غزة في حالة مجاعة، بدأت "إسرائيل" حملة إعلامية ودبلوماسية مكثفة هدفها التشكيك في تقارير المجاعة وتحميل المسؤولية لحركة "حماس"، لنفي التهم الموجهة لها باستخدام "سلاح التجويع" خلال الحرب.

ونشرت حسابات تابعة لجيش ودولة الاحتلال صوراً وشهادات مختارة، تظهر توزيع مساعدات محدودة في مناطق محددة في قطاع غزة لتكذيب التقارير الدولية.

وأعلنت الأمم المتحدة وخبراء دوليون رسمياً للمرة الأولى (الجمعة 22 أغسطس الجاري) تفشي المجاعة على نطاق واسع في قطاع غزة، وهي المرة الأولى التي تعلن فيها المجاعة بمنطقة الشرق الأوسط.

كما أصدرت منظمة الصحة العالمية، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، وبرنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، بياناً مشتركاً بجنيف أكدت فيه أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة عالقون في مجاعة.

وقالت المنظمات إن "على إسرائيل ضمان توفر الغذاء والإمدادات الطبية لسكان غزة، دون عوائق للحد من الوفيات الناجمة عن الجوع وسوء التغذية".


مجاعة حقيقية

وبحسب التصنيف الدولي لانعدام الأمن الغذائي الذي تشارك فيه الأمم المتحدة (22 أغسطس)، فإن 1.07 مليون شخص في غزة (54% من السكان) يواجهون المرحلة الرابعة، وهي مرحلة انعدام الأمن الغذائي الحاد "الطارئ"،

 فيما يواجه 396 ألفاً (20% من السكان) المرحلة الثالثة، وهي مرحلة انعدام الأمن الغذائي الحاد "الأزمة".

وتعقيباً على ذلك، زعم الجيش الإسرائيلي في بيان له "وجود فجوات جوهرية في الحقائق والمنهجية، واستخدام مصادر معلومات منحازة وذات مصلحة تعود إلى حركة حماس، إضافةً إلى غياب دقة أساسية وتغيير معايير يضر بمصداقية التقرير".

كما زعم أن "التصنيف يستند إلى استطلاعات هاتفية غير منشورة، وتقديرات مشبوهة للأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين)، وإلى منظمات محلية غير حكومية".

لكن بيانات وزارة الصحة في قطاع غزة تشير إلى ارتفاع العدد الإجمالي لضحايا المجاعة وسوء التغذية (حتى 23 أغسطس) إلى 271 شهيداً من بينهم 112 طفلاً.
 
محاولات تكذيب

بالتزامن مع ذلك، اعتبر المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ، فيليب لازاريني، وقوع المجاعة في مدينة غزة أمراً "مؤكداً"، واصفاً ما يحدث بأنه "تجويع متعمد ومدبر" من قِبل حكومة الاحتلال الإسرائيلي.

وأوضح لازاريني، في تصريح وصل "الخليج أونلاين" (22 أغسطس)، أن "هذه المجاعة هي نتيجة مباشرة لحظر إدخال الغذاء والإمدادات الأساسية إلى غزة منذ عدة أشهر، بما في ذلك من خلال الأونروا"، محذراً من أن "الوضع الإنساني يزداد سوءاً بشكل متسارع".

كما شدد على أن "المجتمع الدولي مطلوب منه الضغط على إسرائيل من أجل السماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة دون تأخير"، مؤكداً أن "استمرار منع دخول المواد الغذائية والدوائية يمثل جريمة أخلاقية وإنسانية تستوجب المحاسبة".

الكاتب والمحلل السياسي محمود حلمي أكد أن دولة الاحتلال تسعى بشكل مباشر لتقويض مصداقية تقارير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية وبرنامج الأغذية العالمي من خلال التشكيك في مصادرها، وادعاء أنها تعتمد على تقارير محلية غير موثوقة أو متحيزة، موضحاً  :

- تصنيف المجاعة في قطاع غزة من قبل الأمم المتحدة جاء متاخراً، حيث يعاني السكان من الجوع منذ شهور.

- بهذا الإعلان فإن "إسرائيل" باتت متهمة بشكل مباشر بارتكاب جريمة حرب وفق القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، التي تحظر استخدام التجويع سلاحاً في النزاعات المسلحة.

- تصنيف الأمم المتحدة سيزيد من حالة الغضب العالمية تجاه "إسرائيل"، وهو ما دفعها إلى الإسراع لنفي وجود مجاعة في قطاع غزة، ونشر فيديوهات مضللة تتضمن بعض أصناف الطعام القليلة.

- كل الحملات التي تقودها دولة الاحتلال لن تجدي نفعاً في تغيير الصورة الحقيقية، حول الوضع الإنساني الصعب داخل القطاع.

- هذا التكذيب ليس مجرد دعاية، بل هو جزء من معركة السردية، حيث تسعى تل أبيب لتجنب وصمة المجاعة المتعمدة التي قد تعرض قادتها للمحاسبة أمام محاكم دولية.

- إعلان الأمم المتحدة تفشي المجاعة رسمياً في غزة يعتبر سابقة خطيرة في الشرق الأوسط، ويمنح القضية بعداً قانونياً جديداً على الساحة الدولية.