حرب غزة… تجاوز لكل ما هو عقلاني وانهيار للمنظومة الإنسانية
تسير إسرائيل بعيون مفتوحة إلى الكارثة المتسعة من يوم إلى يوم. لقد تجاوزت الحرب في قطاع غزة كل حد معقول أمني وإنساني على حد سواء. جملة خطابات “حسم حماس”، و”سيطرة أمنية” و”إعادة المخطوفين” فقدت صلتها في ضوء الواقع على الأرض. حتى قبل البيان الرسمي عن بدء حملة “عربات جدعون 2” دمرت أحياء في غزة تماماً تقريباً.
صور القمر الصناعي تظهر خراباً واسعاً، وخدمات النجدة هناك تحذر من انهيار المنظومات الإنسانية. مئات آلاف السكان بقوا بلا مأوى وبلا غذاء أو علاج طبي أساسي. الساعة تستوجب عملاً عاجلاً قبل الانهيار الذي سيكون لا رجعة عنه.
بالتوازي، تتبين أساليب مقلقة تتسلل إلى الجيش، مثلما كشف النقاب عنه أمس: “قوة أوريا”، طاقم بتسلئيل زينيه – أخ المرشح لرئاسة “الشاباك”– يقود مقاتلين إلى أنفاق ومبان مفخخة ويستخدم فيها الفلسطينيين كدروع بشرية ويضع الجيش أمام واقع أخلاقي وقيادي متفكك.
تقع مسؤولية ذلك على القيادة العسكرية التي “يصعب عليها السيطرة” بل وتتحمل مسؤولية مباشرة عن التدهور.
لا يوجد تبرير أمني لـ “عربات جدعون 2” في الوقت الذي يحذر فيه رئيس الأركان أيال زامير من خطة احتلال غزة. لا يمكن رفع شعارات أمنية بعد أن عرض كل قادة أذرع الأمن على الكابنت موقفاً لا لبس فيه مع صفقة مخطوفين، بما في ذلك جزئية، وحذروا من ثمن باهظ بحياة الجنود والمخطوفين، وتآكل في الجيش، وانجرار إلى حكم عسكري في غزة.
من ينتظر ضغطاً خارجياً سيخيب ظنه. ترامب وإن قال هذا الأسبوع مقولته “عليهم إنهاء هذه الحرب لأنها تضر بإسرائيل. لعلهم ينتصرون في الحرب، لكنهم لا ينتصرون في حرب العلاقات العامة في العالم. هذا يضر بهم”.
غير أن أقواله تتعلق بالصورة فقط. فبينما ينشغل ترامب بالعلاقات العامة، يدفع الجنود والمواطنون الثمن بحياتهم ولا يوجد من يوقف إسرائيل التي تتخذ فيها القرارات دون أساس موضوعي.
الجمهور الإسرائيلي، وعلى رأسه عائلات المخطوفين، يقف أمام حكومة منقطعة ومنغلقة الحس. احتجاج العائلات يحاول التسلل عميقاً، لكنه لا يغير موقف رئيس الوزراء، الذي تخدمه الحرب من ناحية سياسية. وليس هناك من يوقف تدمير غزة وانهيار إسرائيل.
مع حلول سنتين على نشوب الحرب، وقبل لحظة من أن يصبح احتلال قطاع غزة حقيقياً، فنحن ملزمون بالكبح. يجب وقف التدمير، وإعادة المخطوفين وقبول الخطة العملية لـ “اليوم التالي” التي تقترحها الدول العربية بدعم دولي. بعد لحظة سيكون الأوان قد فات. إسرائيل ملزمة بالتوقف الآن.
هآرتس 4/9/2025