في ذكراه الثانية.. العدوان على غزة ما يزال يفتك بالبشر والحجر
تصادف اليوم الذكرى السنوية لحرب السابع من أكتوبر 2023، إحدى أكثر المحطات دموية في تاريخ الشعب الفلسطيني، بعد أن شن الاحتلال الإسرائيلي عدواناً واسع النطاق على قطاع غزة، مستمراً منذ ذلك الوقت، وتسبب في دمار هائل وارتقاء عشرات الآلاف من الشهداء، معظمهم من المدنيين.
بدأت الحرب بعملية مفاجئة نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية تحت اسم "طوفان الأقصى" بقيادة كتائب "القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، والتي اقتحمت خلالها مستوطنات ومواقع عسكرية إسرائيلية في غلاف غزة.
في المقابل، ردت دولة الاحتلال الإسرائيلي بإعلان الحرب على غزة تحت اسم "السيوف الحديدية"، شملت قصفاً مكثفاً جوياً وبرياً وبحرياً طال معظم أنحاء القطاع، ويستهدف المدنيين بالدرجة الأولى.
وزارة الصحة الفلسطينية أكدت أن حصيلة العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر لعام 2023 قد ارتفعت إلى 67,160 شهيداً و169,679 إصابة، مشيرة إلى أن الاحتلال يواصل ارتكاب جرائمه بحق المدنيين العزل دون توقف.
وأوضحت الوزارة، في تصريح مكتوب وصل "الخليج أونلاين" نسخة منه، أن الفترة من 18 مارس 2025 (بعد انتهاء الهدنة) حتى اليوم شهدت أيضاً استشهاد 13,568 مواطناً، وإصابة 57,638 آخرين، في استمرار واضح لسياسة الإبادة الجماعية التي ينتهجها الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني.
وبينت وزارة الصحة أن الاحتلال الإسرائيلي، وبعد عامين من حرب الإبادة الجماعية يواصل تهديد المؤسسات الصحية والطواقم الطبية بشكل مباشر وممنهج، ما أدى إلى استشهاد 1,701 من الكوادر الطبية واعتقال 362 آخرين في ظروف قسرية تنتهك أبسط الحقوق الإنسانية.
وتضيف الوزارة أن الطواقم الطبية في المستشفيات تواصل أداء واجبها الإنساني والوطني رغم ما يحيط بها من مخاطر جسيمة تهدد سلامتها بشكل دائم.
وجددت وزارة الصحة الفلسطينية مناشدتها العاجلة للمجتمع الدولي بضرورة توفير الحماية الكاملة للطواقم الطبية ولمهام إخلاء الجرحى والمصابين، داعية إلى وقف فوري للاعتداءات الإسرائيلية على المرافق الصحية والإنسانية في قطاع غزة.
أرقام وإحصائيات
المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أكد أن أكثر من 2.4 مليون نسمة في قطاع غزة يتعرضون لعمليات إبادة جماعية وتطهير عرقي وتجويع ممنهجة منذ ما يزيد على عامين، مشيراً إلى أن الاحتلال تسبب بتدمير شامل يطال نحو 90% من بنية القطاع، وسيطر بالنار والتهجير على أكثر من 80% من مساحته.
ويوضح المكتب، في تصريح وصل "الخليج أونلاين" نسخة منه، أن الاحتلال قصف منطقة المواصي 136 مرة رغم زعمه أنها "آمنة"، وألقى على غزة أكثر من 200 ألف طن من المتفجرات.
وأكد أن عدد الشهداء والمفقودين منذ بدء العدوان بلغ 76,639، بينهم 67,139 وصلوا إلى المستشفيات، وقرابة 9,500 ما زالوا مفقودين، إضافة إلى أكثر من 20 ألف طفل و12,500 امرأة استشهدوا، وقرابة 9,000 أم و22,426 أباً فقدوا حياتهم.
كما ارتكب الاحتلال مجازر بحق 39,022 أسرة، منها أكثر من 2,700 أبيدت كلياً.
وأشار المكتب إلى أن أكثر من 169 ألف جريح وصلوا إلى المستشفيات، منهم 19 ألفاً بحاجة لتأهيل طويل الأمد، في حين تجاوزت حالات البتر 4,800، وسجلت 1,200 حالة شلل وفقدان بصر.
الاحتلال دمر أيضاً 38 مستشفى و96 مركز رعاية، واستهدف 197 سيارة إسعاف، كما دمّر 95% من مدارس القطاع وحرَم 785 ألف طالب من التعليم، ودمر835 مسجداً كلياً و180 جزئياً، واستهدف 3 كنائس و40 مقبرة، إضافة إلى 7 مقابر جماعية داخل المستشفيات.
وأسفر العدوان عن تدمير أكثر من 268 ألف وحدة سكنية كلياً، وتهجير قرابة مليوني إنسان قسرياً، كما استمر الاحتلال في سياسة التجويع عبر إغلاق المعابر 220 يوماً ومنع دخول أكثر من 120 ألف شاحنة مساعدات.
ولفت إلى أن الخسائر الأولية المباشرة تجاوزت 70 مليار دولار في 15 قطاعاً حيوياً، منها 28 ملياراً في القطاع الإسكاني، و5 مليارات في الصحي، و4 مليارات في التعليمي.
واعتبر أن هذه الإحصاءات تعكس حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها القطاع نتيجة العدوان المستمر، داعياً المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري لوقف الإبادة الجماعية ومحاسبة الاحتلال على جرائمه.
استهداف الصحفيين
نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين، تحسين الأسطل، أكد أن الأسرة الصحفية الفلسطينية قد فقدت، منذ بدء العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، أكثر من 252 من الزملاء والزميلات الصحفيين، إلى جانب عشرات المصابين والمفقودين والمعتقلين، فضلاً عن مئات النازحين قسراً من منازلهم التي دمرها الاحتلال.
وأوضح الأسطل، أن نقابة الصحفيين الفلسطينيين سجّلت تدمير أكثر من 670 منزلاً للصحفيين تدميراً كاملاً منذ بداية حرب الإبادة، في حين أجبر أكثر من ألف صحفي على النزوح المتكرر مرات عدة، في مشهد يعكس حجم الاستهداف المباشر الذي يتعرض له الإعلام الوطني الفلسطيني.
ولفت إلى أن سلطات الاحتلال تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم التي تعد وفق القانون الدولي جرائم حرب مكتملة الأركان، إذ ترتكب بحق فئة مدنية محمية بموجب اتفاقيات جنيف، مشيراً إلى أن النقابة تدين صمت المؤسسات الدولية المعنية بحرية الإعلام، وترى في تواطئها أو تقاعسها مشاركة غير مباشرة في استمرار هذه الجرائم.
وشدد الأسطل على أن الصحفيين الفلسطينيين يعملون في بيئة تفتقر لكل مقومات الحماية المهنية والإنسانية، ويواجهون تهديداً دائماً بالقتل والاعتقال والملاحقة والتشويه، ومع ذلك يواصلون أداء رسالتهم بشجاعة ونزاهة وإيمانٍ بحق شعبهم في أن تُروى روايته بأمانة للعالم.
وقال: "مطلوب فتح تحقيق دولي مستقل في جرائم قتل الصحفيين الفلسطينيين ومساءلة الجهات المتورطة، وتأمين الحماية الدولية للصحفيين العاملين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة في مناطق النزاع، والسماح الفوري بدخول وسائل الإعلام الأجنبية إلى قطاع غزة، لضمان تغطية مهنية وشفافة للواقع الميداني، ودعم جهود توثيق الانتهاكات عبر المنظمات الدولية المختصة ونقلها إلى المحاكم والهيئات القانونية الدولية".
وشدد على ضرورة تفعيل أدوات الضغط الدولي لوقف استهداف الصحافة الفلسطينية، باعتباره انتهاكاً صارخاً للحق في المعرفة.