Logo

رؤية تستحق الحياة… لا السجن !!

 الأفكار الكبرى لا تُسجن، والمبادرات الوطنية لا تُقتل، لكنها هنا، في اليمن، تصطدم بمعتقلات لا تعرف الفرق بين الرؤية والفعل، بين الوطن والطموح. 

رؤية الدكتور حمود العودي جاءت لتذكّرنا أن المصالحة والعدالة والمواطنة ليست شعارات تُقال على المنابر، بل أفعال يجب أن تُمارس يوميًا.

ومع ذلك، قبل أن تصل هذه الرؤية إلى صانع القرار، وصل راعيها إلى المعتقل.

هكذا تتحول الجرأة الوطنية إلى جرم، والفعل المسؤول إلى عقوبة. تاريخنا مليء بالأمثلة:

كل من حاول بناء وطن بالقيم والعمل، واجه القمع، وكل من اختار السكون والظلم يظن نفسه حارسًا للوطن، بينما الوطن ينهار أمام عينيه.

اليمن اليوم بحاجة إلى شجاعة تطبيق الرؤية على الأرض، لا سجن أصحابها. الرؤية تقول: الحياة!

والحياة تبدأ بالمصالحة العادلة، بالعدالة للمواطن، بالحقوق التي صودرت، وبإعادة بناء الدولة على أسس الكرامة والمواطنة. 

كل من يختار السجن بدلاً من الفعل الوطني، يختصر المستقبل ويؤجل النجاة.

في اليمن، لم يعد السؤال: هل نريد السلام؟ بل: هل نريد أن نعيش؟ وهل نريد أن تبقى الرؤى على قيد الحياة، أم أن السجون والظلم ستحول الوطن كله إلى معتقل كبير؟
 
رؤية الدكتور حمود العودي ليست مجرد وثيقة سياسية، بل خارطة طريق وطنية شاملة، تقرأ الواقع اليمني بعين صادقة، وتقدّم مقاربة متكاملة للخروج من دوامة الحرب والانقسام. من أبرز ما تتسم به هذه الرؤية:

1.  وضوح الثوابت الوطنية: تؤكد الرؤية على أهمية الالتزام بالثوابت الكبرى لليمن – الثورة والجمهورية والوحدة – كأساس لأي مشروع وطني، مع الدعوة إلى بناء دولة مدنية اتحادية حديثة تكفل العدالة والمواطنة المتساوية.

2.  الاعتماد على المرجعيات المتفق عليها: لا انفصال عن التاريخ الوطني ولا تجاوز لمكتسبات الشعب، بل استناد إلى مبادئ الثورة، اتفاقية الوحدة، مخرجات الحوار الوطني، واتفاقية السلم والشراكة، بما يضمن شرعية المصالحة واستدامتها.

3.  العدالة والحقوق المدنية والمعيشية: تؤكد الرؤية أن السلام بدون عدالة مجرد تأجيل للفتنة، وأن إعادة الحقوق للمواطنين الذين تم تهميشهم أو مصادرة حقوقهم هو شرط أساسي لأي نجاح مستدام.

4.  إعادة بناء العلاقات الإقليمية والدولية: من خلال الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، للحفاظ على سيادة اليمن واستقلاله، مع التأكيد على أن مكاسب السلام أضعاف خسائر الحرب، وأن الحرب لن ينتصر فيها أحد إلا على حساب الجميع.

5.  رفض جولات الحرب الجديدة: موقف حاسم يضع حماية دماء اليمنيين على رأس الأولويات، ويؤكد أن أي محاولة لإعادة الحرب ستكون مأساة مضاعفة.

6.  المصالحة العادلة كخيار استراتيجي: الرؤية تجعل من المصالحةالأساس لبناء دولة، وليس مجرد حل مؤقت للصراع. فهي تركز على التسامح، المواطنة، الكرامة، وإعادة بناء الإنسان اليمني في صميم المشروع الوطني.

باختصار، رؤية الدكتور حمود العودي هي نداء شجاع للعمل الوطني المسؤول، حيث يدعو كل الأطراف إلى تجاوز الانتقام والإقصاء، وتحويل النوايا الحسنة إلى أفعال ملموسة، قبل أن تضيع الفرصة ويُفقد الوطن ما تبقى من أمل.

إنها قراءة واضحة تقول إن الوطن أكبر من الجميع، وأن المصالحة العادلة وحدها تصنع التاريخ، وأن السلام الحقيقي لن يتحقق إلا بالعمل، لا بالكلمات وحدها

أ. نجم الدين الرفاعي 
كاتب وباحث يمني