عرب أميركا ومسلموها.. حضور بارز في الانتخابات النصفية!

 لم تمنع حال الاحتقان التي شهدتها انتخابات التجديد النصفي الأميركية بين المعسكرين الجمهوري والديمقراطي، من التفكير في كيفية استمالة الأصوات الأميركية من أصول عربية ومغازلتهم ومحاولة استقطابهم بالخطاب المدافع عن حرية المعتقد وحماية واحتضان الأقليات. أقلية فرضت نفسها في الانتخابات الأميركية وأصبحت جزءاً من الحياة السياسية هناك، لا سيما بعد حضورها في الساحة المحلية بعيد أحداث 11 من أيلول/سبتمبر، وانضمت بالتوازي إلى الحزبين اللذين عملا لاستثمار الأصوات العربية في الانتخاب المبكر لمكاسب سياسية. 

الانتشار العربي في الولايات المتحدة

بحسب تقدير المعهد العربي الأميركي، ينتشر نحو 3 ملايين و700 ألف مواطن "عربي أأأميركي" في أكثر من 10 ولايات أميركية، يتركز معظمهم في ولاية كاليفورنيا، تليها ميشغان ونيويورك، فيما تشكل الكتلة التصويتية لهم، نسبة تترواح بين 1 و2 في المئة من العملية الانتخابية بحسب تقديرات الخبراء، إذ تمنع القوانين الأميركية جمع معلومات متعلقة بالإنتماء الديني والعرقي للأفراد، غير أن اللبنانيين والسوريين يشكلون النسبة الكبرى من الكتلة الأميركية بنسبة تبلغ نحو 62 في المئة، ثم يأتي اليمنيون، فالفلسطينيون، فالعراقيون،  فالسودانيون، بنسبة تبلغ 27 في المئة.

وبصفة عامة، للعرب الأميركيين حضور مؤثّر ومهم في الجسد الانتخابي في الولايات المتحدة، لا سيما في ولايات كاليفورنيا، ميشغان، نيويورك، فلوريدا، إيلينوي، أوهايو، ماريلاند، بنسلفانيا ونيو جيرسي، وذلك من حيث العدد والانتشار. 

منظمة Emgage المعنية بمجال الحقوق السياسية للمسلمين، كشفت عام 2020 عن تصويت مليون و87 ألف مسلم في الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها حينذاك الرئيس الحالي جو بايدن، الابن البار للمنظومة السياسية الأميركية التقليدية، في إشارة واضحة على تحول الكتلة الانتخابية للعرب الأميركيين إلى كتلة مؤيدة للديمقراطيين، بعد أن كانوا منقسمين على نحو متوازن على مدى عقدين ما بين الديمقراطيين والجمهوريين، وذلك نتيجة السياسات العنصرية للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. 

التحديات الداخلية تحدد التوجهات 

ركّزت الأحزاب الأميركية المتنافسة، على قضايا عدة لجذب الناخبين، لا سيما تلك التي تمس المواطن في الصميم، عربي الأصل كان أم أميركياً، ووضعت أجندات وبرامج عدة لتحفيزه، وبالتالي أبدى مرشحو التيارين اهتماماً بوجوه الناخبين العرب الأميركيين، غير أن الناخب العربي الأصل، وعلى الرغم من اهتمامه بالحريات المدنية والتمييز العنصري، إضافة إلى السياسة الأميركية المتبعة تجاه قضايا الشرق الأوسط، لا يختلف أبداً عن المواطن الأميركي فيما يتعلق بالقضايا المحلية، إذ إن التحديات الداخلية التي تشهدها البلاد، وفي مقدّمها الاقتصاد، والأوضاع المعيشية المتردية، كـغلاء الأسعار وزيادة الضرائب على الطاقة والوقود، وارتفاع معدلات التضخم التي تخطت 9.1% في حزيران/يونيو الماضي، ودخوله في حالة ركود، وغيرها، كلها عوامل مؤثرة في تحديد توجهاته وخياراته.

المرشحون العرب والمسلمون.. جمهوريون وديمقراطيون 

خاض 145 مسلماً أميركياً ينتمون إلى الحزب الجمهوري والديمقراطي، الانتخابات النصفية 2022 على جميع المستويات، محلياً (مقاطعات) وفدرالياً (مجلسا النواب والشيوخ) وأيضاً على مستوى الولايات (مجالس الولايات التشريعية والمناصب التنفيذية بالولاية)، وهذا إن دلّ على شيء، فعلى تسجيل رقم قياسي في حجم المشاركة الإسلامية في الانتخاب المبكر، التي ضمّت 48 مرشحاً للمجالس التشريعية في 23 ولاية أميركية، بحسب ما ذكر بيان لمنظمة مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية "كير".

ولفتت "كير" كبرى منظمات الحقوق المدنية ومناصرة المسلمين في الولايات المتحدة، إلى وجود 29 مشرعاً أميركياً مسلماً في 18 ولاية، حالياً، كما تتصدّر نيويورك ومينيسوتا، هذه الولايات بثلاثة مشرعين لكل منهما.

مسار تصاعدي في الحياة السياسية الأميركية

وبينما تزداد الجاليات العربية تأثيراً في الحياة السياسية الأميركية، وتتجلى انعكاساتها في الانتخابات الرئاسية وأفرعها، وتسجيلها انتصارات انتخابية للمسلمين الأميركيين، في شهادة على الصعود المستمر في المجتمع الأميركي، يبقى مجلس الشيوخ خالياً من أي تمثيل للعرب الأميركيين فيه، على عكس مجلس النواب الذي يضم حتى الساعة 82 ممثلاً عربياً، من أمثال عبد الناصر رشيد، رؤى رومان، رشيدة طليب، إلهان عمر وزينب محمد، غريت غريفز ودارين لحود، هذا فضلاً عن ترجيح الخبراء تخطي نسبة العرب الأميركيين الذين يعملون في الحكومات الفدرالية والمحلية نسبة 12 في المئة، في مؤشر واضح إلى المسار التصاعدي الذي يحققه عرب أميركا في الاستحقاقات المحلية، بخاصة فيما يتعلّق بزيادة عددهم تحت قبة الكونغرس "رمز صناعة القرار الأميركي"، وهو ما يشكل صدمة للوبي الصهيوني ويؤرقه.

راشيل خير الدين