على خطا جوهر التصحيح المجيد

عام جديد، تترسخ فيه مضامين حركة التصحيح المجيد، وتستمر معها مسيرة التطوير والتحديث التي يقودها بحكمة واقتدار السيد الرئيس بشار الأسد، ضمن استراتيجية حيوية دينامية، لم توقفها الضغوط ولا التهديدات المعادية، بل زادتها منعة وصموداً.
كانت الحركة التصحيحية التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد في السادس عشر من تشرين الثاني من عام 1970، حركة الشعب إلى المستقبل، فقد أرست النظام الديمقراطي بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في سورية على أساس التعددية السياسية والحزبية والاقتصادية وديمقراطية المشاركة الشعبية الواسعة على قاعدة تكريس سلطة الشعب والقانون، وتوفير حرية وكرامة الإنسان، وتنظيم المجتمع في منظمات شعبية ونقابات مهنية ومؤسسات ديمقراطية منتخبة على مختلف درجاتها ومستوياتها في أرجاء البلاد تجسد حيوية الحياة السياسية والمشاركة الشعبية الواسعة في گل ما يخص المواطنين، ويتعلق بقضايا الوطن على أساس أن الوطن للجميع وبناءه مسؤولية الجميع، إذ كانت الوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية شعار تمثل في نواحي الحياة كافة.
لقد رسخت قيادة السيد الرئيس بشار الأسد جوهر التصحيح من مبادئ ثابتة في العمل الوطني والقومي ومواصلة نهج التقدم الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والاستمرار في تعزيز الديمقراطية في مسيرة التطوير والتحديث، وأكدت أن الوطن هو الغاية والإنسان هو الهدف والقانون فوق الجميع، وأن نهج العمل الوطني هو المراجعة والتحديث والتطوير والشفافية ومعالجة الخلل ومكافحة الفساد، وتجسيد القيم الأخلاقية وأمانة المسؤولية والنزاهة والكفاءة والإخلاص للشعب، وهي عمل مستمر لصوغ مجتمع عصري أساسه الازدهار الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي، ورفع مستوى حياة الشعب، والمشاركة الديمقراطية الواسعة في ظل المؤسسات والفكر المؤسساتي ودولة القانون، واستمر العمل على تنمية القوى الذاتية والاعتماد على مواردنا وطاقاتنا وتطويرها وامتلاك أدوات المعرفة والعلم وتكنولوجيا المعلومات وتوظيفها في خطط التنمية وتشجيع الاستثمار وتحديث القوانين والتشريعات وتطوير الإدارة، والاستمرار في محاصرة ظواهر الفساد والفاسدين بروح المشاركة والشفافية والمصارحة في التعامل مع مجمل القضايا، واستثمار كل الإمكانيات المتوافرة ودعوة الجميع للمشاركة في بناء الوطن، واعتماد مبدأ تكافؤ الفرص وتكامل الحرية مع العدالة والدفاع عن مصالح الوطن وتوفير حاجات الشعب واستحقاقات الصمود وتحرير الأرض، والالتزام بالثوابت القومية والمصالح العربية، والدعوة للتضامن العربي، ودعم نضال الشعوب العربية ضد الاحتلال والعدوان مرتكزاً أساسياً مع الالتزام بقرارات الشرعية الدولية والاستمرار في بناء سورية الحديثة قلعة قومية حصينة.
اليوم ونحن نعيش الذكرى الـ 52 للحركة التصحيحية المجيدة نشهد انتصارات حماة الديار لنثبت للعالم أجمع أن نهج المقاومة الذي أرساه القائد المؤسس حافظ الأسد باق، وأن الحركة التصحيحية التي تحدثت عن نفسها بالأفعال والمواقف كانت ولا تزال نهجاً شعبياً وطنياً وقومياً بالتغيير والتحولات التاريخية.
لقد صمدت سورية وقاتلت وانتصرت، وانتصر محور الصمود الذي تمثل سورية واسطة العقد فيه، وأن الحرب على سورية هي حرب على كل أحرار المنطقة بل العالم، لما تجسده من مواقف صلبة في التمسك بالحقوق العربية الكاملة وبالكرامة العربية والإيمان التام بأن حركة التاريخ لها بوصلة ثابتة على الحق، ولا يمكن لأي قوة في الدنيا أن تنتصر على صاحب حق وعلى أصحاب أرض وأن تزوّر تاريخ أمة وتغير الجغرافيا في وطن.
وبفضل صلابة موقف السيد الرئيس بشار الأسد وبسالة الجيش العربي السوري وانتماء الشعب السوري لوطنه ومؤسساته، استطاعت سورية دحر هذه المؤامرات وتحطيمها، وأثبتت أنها حجر الأساس للاستقرار في المنطقة، وهي تمضي بإجماع وطني لمواصلة مسيرة التطوير خلف قيادة الرئيس الأسد لتجاوز مرحلة الإرهاب والعمل لبناء الوطن على أسس حضارية معاصرة، وكسر المحاولات المستميتة لعزل سورية من جانب الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في الغرب التي تصدعت وتكسرت فوق رؤوسهم جدران العزل المصطنعة، وانتصرت سورية وتوافد إلى دمشق عشرات الشخصيات والوفود السياسية والثقافية والاقتصادية والعلمية من عواصم العالم وبقاعه المختلفة .
الحركة التصحيحية كانت هي التأسيس الحقيقي لمشروع هزيمة كيان الاحتلال الإسرائيلي الغاصب، ولأن تكون سورية كما كانت طوال المرحلة السابقة ثابتة في موقعها العروبي، مساندة لكل حركات المقاومة على مستوى المنطقة من لبنان إلى فلسطين.
وها هي سورية اليوم في ظل قيادة السيد الرئيس بشار الأسد تكمل المسيرة المشرفة للحركة التصحيحية وهي تحمي ظهر المقاومة في لبنان وتدعم المقاومة الفلسطينية لتحرير الأرض وعودة الحقوق كاملة.

 عبد الحميد غانم