جائزة "نوبل" للسلام أم للحرب؟

 مُنحت جائزة "نوبل" للسلام هذا العام للمعارض البيلاروسي أليس بيالباتسكي، ومنظمتي "ميموريال" الروسية العاملة في مجال حقوق الإنسان، و"مركز الحريات المدنية" الأوكرانية. وسيتلقى الفائزون الثلاثة جائزتهم، اليوم السبت، في العاصمة النروجية أوسلو. 

لكن منح هذه الجائزة لشخصياتٍ ومنظمات معارضة لروسيا، واختيارهم من منطقة الحرب في أوكرانيا، أعاد إلى الواجهة قضية تسييس هذه الجائزة، واستغلال هذه الجائزة لتصفية حسابات مع دولة أو أخرى، وارتباطها بمصالح الغرب والولايات المتحدة المهيمنين والممولين والموجهين، وإعطائها لمن لا يستحق هذا اللقب. فما هي جائزة نوبل للسلام؟  ومن هم الفائزون بالجائزة لهذا العام وما هو دورهم؟

ما هي جائزة "نوبل" للسلام؟

تُعد جائزة نوبل للسلام واحدة من جوائز نوبل الخمسة، والتي أوصى ألفرد نوبل بها، وهو الذي اشتهر في مختلف أنحاء العالم باختراعه للديناميت، وهي تمنح "لمن بَذل جهداً في سبيل نشر روح الإخاء بين الأمم، أو ساهم في تسريح الجيوش أو خفض أعدادها، أو انشأ هيئاتٍ أو مؤتمراتٍ تروّج للسلام"، بحسب الأمم المتحدة. 

وتُعرف هذه الجائزة على أنّها مبلغ مالي وميدالية ذهبية وشهادة يتم منحها سنوياً في العاشر من كانون الأول/ديسمبر في مدينة أوسلو عاصمة النرويج، ويتم منحها من قبل المنظمة أو اللجنة النرويجية لها.

وقد منحت هذه الجائزة للمرة الأولى في سنة 1901، ويتم عادةً اختيار المترشحين لها من قبل هيئة معينة يقوم البرلمان النرويجي بتعيينها، وذلك تبعاً لما أوصى به نوبل في وصيته.

من هم الفائزون بالجائزة لهذا العام؟ 

بالتعريف عن الفائز ألكسندر بيالياتسكي، فهو معارض بيلاروسي ومؤسس مجموعة فياسنا الحقوقية، وهو قيد التوقيف منذ تموز/يوليو 2020 بانتظار محاكمة يواجه فيها عقوبة السجن 12 عاماً، وذلك بعد احتجاجات ضد إعادة انتخاب الرئيس الروسي ألكسندر لوكاشينكو. 

وفي الرابع من آب/أغسطس 2011، أُلقي القبض على بيالياتسكي بتهمة التهرب الضريبي، وفي 24 تشرين الأول/أكتوبر 2011، حكم عليه بالسجن أربع سنوات و6 أشهر، ومصادرة ممتلكاته.

أمّا منظمة "ميموريال"، فهي تُقدم نفسها على أنها منظمة دولية تاريخية وتعليمية وخيرية، منذ تأسيسها عام 1989، وتعنى بحقوق الإنسان في سجل المنظمات غير الحكومية التي تعمل كعميل أجنبي في روسيا.

هذه المنظمة حُلّت رسمياً بقرارٍ من القضاء الروسي، في أواخر عام 2021. وفي 7 تشرين الأول/أكتوبر، وعقب فوزها بجائزة "نوبل"، أُمر بمصادرة مكاتبها في موسكو.

بدورها، تُعد منظمة "مركز الحريات المدنية" الأوكرانية منظمة غير حكومية، وتعرّف نفسها على أنّها منظمة توثق جرائم الحرب المنسوبة إلى القوات الروسية. 

وعقب فوز بيالياتسكي، صرّحت زوجة المعارض البيلاروسي، ناتاليا بينتشوك، التي ستتسلم الجائزة نيابةً عنه، بأنّ "مسألة بيلاروسيا تُقرر في ساحة المعركة في أوكرانيا".

من جهته، قال رئيس مجلس منظمة "ميميوريال"، يان راتشينسكي، إنّ "أوكرانيا يجب أن تقاتل من أجل استقلالها". أمّا رئيسة "مركز الحريات المدنية"، أولكسندرا ماتفيتشوك، فدعت "الدول الغربية إلى الاستمرار في مساعدة أوكرانيا في الحرب".

تصريحات الفائزين هذه عرّضت الجائزة إلى انتقاداتٍ واسعة، إزاء تحوّلها إلى منبرٍ يدعو إلى استمرار الحرب في أوكرانيا، وإلى عدم إلقاء السلاح في المعركة. 

قادة حرب "رموز للسلام"!

لكن هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض هذه الجائزة لانتقاداتٍ بتسييسها واستغلالها من قبل الغرب، إذ كانت قد برزت مثل هكذا انتقادات عقب فوز رئيس الاحتلال الإسرائيلي السابق شمعون بيريز بالجائزة عام 1993، فبيريز، استهل حياته من خلال عصابات "الهاغاناه الصهيونية"، وهو من مهندسي العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، فضلاً عن مسؤوليته عن مجزرة قانا في لبنان عام 1996.  

كذلك، تلقّت هذه الجائزة انتقادات واسعة عقب تكريم الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في عام 2009، بالكاد بعد ثمانية أشهر من رئاسته، "في خطوة أذهلت الجميع بمن فيهم هو"، بحسب معهد "تشاثام هاوس". 

ويقول المعهد أنّه "بحلول الوقت الذي حضر فيه أوباما الحفل في أوسلو، كان قد وافق على زيادة عدد القوات بمقدار 30 ألف جندي في أفغانستان، محبطاً آمال اللجنة في أن يتمكن من عكس النزعة العسكرية لإدارة بوش، على الرغم من ترشيحه كمرشح مناهض للحرب".

وخلص المعهد إلى أنّ لجنة جائزة نوبل، التي تتكون من خمسة أفراد معينين من قبل البرلمان النرويجي، وعادة ما يكونون من السياسيين المتقاعدين الذين يدعون الاستقلال التام في صنع القرار، لم تكن دائماً على صواب، وقد أضرّت بسمعتها بمنحها جوائز "لأولئك الذين لم يحققوا ما يكفي، أو الذين تبين أنهم غير مستحقين لها".