البؤس اليماني في “خليجي 25”

عرف العرب والعالم اليمن بأصحاب البأس اليماني الشديد وورد ذلك في القرآن الكريم (قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد)، ولكننا نرى اليوم  أن  ذلك البأس قد تحول إلى بؤس شديد ومؤلم جداً، ليس علينا وحسب، بل على العرب الغيورين على اليمن و الذين تغيب عنهم حقيقة ما يعانيه الشعب اليمني من بؤس وفقر وعوز بكل فئاته من شباب وشيوخ ونساء واطفال عز عليهم أن يظهروا حجم المعاناة، فكانت تلك الحالة العفوية التلقائية تكشف الأقنعة والحقيقة المخفية والمرعبة لأشقائنا من الجماهير العربية خاصة والعالم أجمع، وتعري القوى المتصارعة في اليمن و المتناحرة على السلطة والمتاجرة بمعاناة الشعب والمسخرين كل مقدراته الإقتصادية لمصالحهم الضيقة والتي لم تقتصر على قطع المرتبات والقتل والدمار، بل وعلى حساب كرامته وعزته وقيمه وأخلاقه، قد يقول البعض هناك عدوان وهناك تآمر على اليمن، ولكني أقول لم يكن العدوان إلا بسبب القوى اليمنية نفسها وساستها الفاشلين والأنانيين  وبرضاهم واختيارهم، فكل فئة استقوت بدولة لضرب بعضنا البعض فكانوا وكنا سبب بؤسنا وسبب كل ما حل بنا نتيجة أنانية القوى السياسية وتغليبها المصالح الفئوية والشخصية على المصلحة الوطنية.
أعودُ إلى كأس الخليج الذي يستضيفه القطر العراقي الشقيق في بصرة المجد والكرم، وحالة التعاطف والشفقة على المنتخب اليمني التي حزت في نفوس عامة الشعب اليمني، وكانت أكثر ألماً من ألم الحرب ومعاناة ثمان سنوات، لقد وصلت إلى مرحلة لا أستطيع أن استجمع الحروف وأجد الكلمات التي تعبر عن ذلك المشهد الذي اختزل مأساة ثلاثين مليون إنسان يعيش في اليمن بين الحرب ورعب المتناحرين على السلطة وتقييد الحريات وتكميم الأفواه من الكلام ومن لقمة العيش وقطع الرواتب وفي المقابل بذخ وهدر لأموال وثروات الشعب.
المدرب التشيكي بدوره لم يقصر في إهانة اللاعب اليمني حين شبه المنتخب اليمني بـ”التوكتوك”  مسبباً حالة غضب لدى الجمهور اليمني، حيث كان من المفترض إقالة هذا المدرب مباشرةً وتكليف مدرب وطني وتوفير مبلغ 25 ألف دولار في الشهر منها 20% راتب للمدرب الوطني و20 ألف دولار للاعبين الذين هم أحق بها لو كان لدينا قيادة تحترم نفسها وتحرص على مشاعر الشعب اليمني، ولكننا لم نرَ تلك القيادات إلا تتسابق لالتقاط الصور مع المنتخبات اليمنية في حال حققت معجزات وفازت.
أليس ذلك المشهد الذي هز الضمير العربي والعالمي كافٍ لكي يوقظ ضمائركم الميته ليستعيد الجميع
 رشدهم وتكتفون بما جنيتموه على حساب دماء وأوجاع اليمنيين؟.
تعالوا إلى كلمة سواء بيننا جميعاً كيمنيين وتنازلوا من أجل اليمن ولو حتى مرة واحدة قبل فوات الأوان، فهذا الشعب يستحق أن تتنازلوا من أجله، فقد صبر عليكم كثيراً.. والتاريخ لا يرحم.. وغضب الشعوب شديد.
أ .  نايف القانص - دبلوماسي وسياسي يمني