المعركة في اليمن من يدفع ثمنها ولمصلحة من؟

 المعركة في اليمن أساسًا هي معركة محاور، أو بعبارة أدق، هي حرب مصالح ونفوذ ما بين إيران وخصومها تديرها خارج حدودها، كما صرح بذلك أكثر من مسؤول إيراني بمن فيهم الرئيس روحاني

إنها ما بين إيران والمملكة من جهة وما بين إيران وأمريكا وحلفاؤها من جهة ثانية.
كل طرف يحاول أن يجر اليمن إلى محوره، أو بالأصح لي ذراع الطرف الآخر، واليمن ليست جزءاً في المعادلة، لكنه من يدفع ثمن تلك الحرب.
فإيران لن تسمح للوضع في اليمن أن يستقر، ولن ترفع مخالبها عن اليمن ما لم يتم حلحلة ملفاتها بشكل كامل وإبقاء اليمن ضمن محورها.
فحرب اليمن بالنسبة لها فرصة ذهبية طالما بحثت عنها، وورقة رابحة طالما انتظرتها؛ للنيل من خصومها وانتزاع حقوقها، ولو حتى على حساب اليمن؛ لأن الصراع صراع مصالح، وهي تفكر بعقلية الامبراطورية التاريخية.
أولاً: من حيث موقع اليمن، فهو يمثل بالنسبة لإيران أهم من "العراق" و"سوريا" وحتى من "لبنان"؛ كون اليمن تقع في خاصرة المملكة خصمها اللدود منذ قيام الثورة الإيرانية، وتربط اليمن بالمملكة حدود غير صحراوية على عكس العراق يعجز أي جيش عن مراقبتها.
ثانيًا: عدم استقرار الوضع في اليمن، والعداء الذي يجمع (الحوثي وإيران) للمملكة وإن اختلفت أسبابه.
إضافة إلى عدم وجود سياسة وازنة ومستقرة في اليمن خلال هذه الفترة، حيث يسهل التأثير عليها وتوجيه مواقفها للدخول في قضايا لا يعلمون حجم الخسارة فيها مَنِ الرابح ومنِ الخاسر فيها.
ثالثًا: كون الشعب اليمني شعب مقاتل بطبعه دون أن يحتاج لكثير من الجهود لتثويره والدفع به لاتخاذ مواقف لا يعلم لمصلحة من يقاتل.
رابعًا: ما يتمتع به اليمن من تضاريس تساعد على الحروب وتغرق فيها أعظم الجيوش، فعشرة أفراد على قمة جبل يحتاج لعدة ألوية لاقتحامه.
المملكة هي الأخرى لا تقبل أن يقع في خاصرتها دولة لا تربطها بها قواسم مشتركة فضلاً عن أن تربطها بخصومها مواقف واستراتيجيات تختلف كليًا عنها نهجًا واستراتيجية وخاضت معها عدة حروب. 
وبالنسبة لأمريكا وحلفائها هي الأخرى لا تقبل أن يكون اليمن ضمن محور الممانعة الذي تتبناه إيران خصوصًا أن  اليمن يقع على خط الملاحة الدولية، ويتحكم في "مضيق باب المندب"  الممر الوحيد الذي يفصل  اقتصاد المشرق عن المغرب، ثم تقوم إيران بتزويد حليفها "حركة الحوثي" بأسلحة استراتيجية تستطيع من خلالها أن تهدد الملاحة الدولية، وتتحكم فيه، حيث أصبحت الآن عبر حليفها "حركة الحوثي" تتحكم في الملاحة الدولية عمليًا دون أن تكون طرفًا مباشرًا في المشكلة، ودون أن تتحمل مع أنها في نفس الوقت من يفرض المعادلة ويتحكم فيها، كما سبق وعملت في "البقيق إن صحت الأخبار التي تم تداولها فتكون "إيران" قد حققت أهدافها بضم اليمن إلى محورها، وبالضغط على خصومها  لانتزاع تنازلات في ملفاتها دون أن تتحمل أي تبعات.
لكن الشعب اليمني في كل الأحوال من يدفع ثمن ذلك الصراع .
ما يعني أن الشعب اليمني أصبح بين فكي الأسد، ولا يمكن أن يخرج من المأزق الذي أصبح يعيشه إلا بقضيتين: 
أولًا: حلحلة جميع ملفات إيران مع جميع خصومها، وهي طويلة جدًا ومعقدة. وهذا ما تراهن عليه إيران من خلال فرصتها الذهبية (الحرب في اليمن). 
ثانيًا: نأي الجميع بأنفسهم عن اليمن وتركه بعيدًا عن صراع المحاور؛ لتغليب مصلحة الشعب اليمني على كل الاعتبارات أو بقضية ثالثة لن تسمح ظروفي بالحديث عنها الآن.
وأريد أن أشير إلى قضيتين:
الأولى: أن كل الأطراف ليست من صنع الصراع في اليمن كما يقال، وإنما كل طرف يحاول أن يستغل ما يحدث لصالحه .
الثانية: أن علاقة الأطراف الداخلية بالخارج ليست علاقة ارتهان كما يدعي البعض، وإنما علاقة مصالح واستغلال، فنحن نستغل إيران لتثبيتنا في السلطة وهي تستغل دعمنا لأجل ملفاتها، وهكذا الشرعية مع السعودية..

انتهى..

أ . صالح هبرة