كيف قسّمت حرب أوكرانيا العالم؟

ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز"، في تقرير، أنّ الرسائل التي خرجت من قمة الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا ونظيره الصيني شي جي بينغ "مناسبة للصين ومقلقة للولايات المتحدة". 

وأوضحت "فايننشال تايمز" أنّ الرسائل التي خرجت واضحة، فبينما "تروّج الولايات المتحدة للحرب، تعزز الصين السلام. وبينما تُعزز الصين التجارة، تفرض الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية". 

وأضافت الصحيفة أنّه "بينما كان الرئيس الأميركي جو بايدن في رحلة عاطفية إلى أيرلندا، كان شي جين بينغ مشغولاً في بكين، فبعد زيارة رفيعة المستوى للرئيس الفرنسي، استضاف الزعيم الصيني الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا".

وأشارت الصحيفة إلى أنّ "هذه التطورات تثير قلق واشنطن، فيما يقود الاختلاف الكبير في المواقف تجاه الحرب في أوكرانيا هذه التحولات، في وقتٍ تُعدّ الحرب في أوكرانيا بالنسبة إلى واشنطن وبعض دول أوروبا حدثاً فريداً يتطلب استجابة فريدة". 

وتابعت "فايننشال تايمز" أنّ الحرب في أوكرانيا هي "حرب استحواذ على الأراضي، إذ تعدّ الولايات المتحدة أنّ حرب الضم تكون أكثر تهديداً عندما تنفذها روسيا".

ومع ذلك، "أطلقت واشنطن جهداً لتحويل موسكو إلى طرف منبوذ، وفرضت عليها عقوبات اقتصادية غير مسبوقة، لكن الاقتصاد الروسي لم يعانِ من الانهيار، لأنّ عدداً كبيراً من البلدان -بينها الاقتصادات الكبرى كالصين والهند والبرازيل- حافظت على التجارة مع روسيا"، بحسب الصحيفة. 

وبيّنت "فايننشال تايمز"، في السياق، أنّ الدولار الأميركي الذي اكتسب مصداقية دولية كعملة "ملاذ آمن" يبدو الآن "أقل أماناً لأولئك الذين يخشون أن يكونوا يوماً ما في الجانب الخطأ من نزاع جيوسياسي مع واشنطن، وبشكل خاص حلفاء واشنطن التقليديين، مثل السعودية".

وأردفت متسائلةً: "ماذا لو حاولت الولايات المتحدة يوماً ما فرض عقوبات مالية على النمط الروسي على الصين؟"، لافتةً إلى أنّ "الدولار هو العملة الأكثر شعبية في العالم للتجارة، لكنّ الصين هي أكبر دولة تجارية في العالم".

لذلك، "بدلاً من تقليل التجارة مع الصين، تتطلع بعض الدول إلى تقليل التجارة بالدولار، ولقد تحركت روسيا بالفعل في هذا الاتجاه، بينما تشجع بكين الآخرين - مثل السعودية والبرازيل - على استخدام اليوان في التجارة"، وفقاً للصحيفة. 

وخلُصت "فايننشال تايمز" قد تكون الحرب في أوكرانيا ذات أهمية فائقة، ولكن إذا لم تستطع إقناع بقية العالم بالاتفاق، قد يتأكل موقع الولايات المتحدة العالمي".

وفي السياق، أكّد ضابط الاستخبارات الأميركي المتقاعد، سكوت ريتر، في مقال لصحيفة "غلوبال تايمز" الصينية، أنّ العالم "استيقظ على حقيقة، مفادها أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على إملاء نتيجة من خلال التهديد أو تنفيذ عقوبات اقتصادية من جانب واحد بقيادة أميركية"، لافتاً إلى أنّ "هذه الأداة استخدمتها الولايات المتحدة لعقود من الزمن من أجل تشكيل العالم والتأثير فيه، على النحو الذي تراه ملائماً".

لكنّ رفض روسيا ثَنْيَ ركبتيها، والصمود بدلاً من ذلك، أظهرا  للعالم، بحسب الكاتب، أنّ الولايات المتحدة وأوروبا لم يعد بإمكانهما النجاح في سياساتهما من خلال التهديد بالعقوبات وحدها، أضاف الكاتب.

وكان موقع "UnHerd" البريطاني قد أشار في وقتٍ سابق، إلى أنّ "الصين وروسيا لا تنفصلان عن الغرب، بل إنّ الغرب ينفصل عن بقية العالم". 

ووفق الموقع، فإنّ الموقف العدواني المتزايد لأميركا تجاه الصين، أدى إلى تغذية تصوّر نخب بكين بأنهم متحدون مع روسيا ضد الغرب في معركة وجودية من أجل البقاء. 

كما أوضح التقرير أنّ مشكلة الولايات المتحدة والغرب تكمن في أن هذه الرسالة بدأ يتردد صداها في جميع أنحاء العالم، حيث يشعر الكثير من الناس حول العالم أن الولايات المتحدة ليست في وضع يسمح لها بإلقاء محاضرات على الدول الأخرى حول حرمة السيادة وسلامة الأراضي والقانون الدولي وما يسمى بالنظام القائم على القواعد.