عودة التوتر إلى حضرموت و«الحلف» يدعو إلى «تحقيق محايد لتقصي الحقائق»
أطلّ التوتر برأسه من جديد في محافظة حضرموت الواقعة شرقي اليمن، وذلك بعد أسابيع قليلة من الهدوء السياسي، لكنه عاد هذه المرة بعباءة مواجهات مسلحة.
ما شهدته منطقة غيل بن يمين هناك، الأربعاء، وهو ما وصفه حلف قبائل حضرموت بـ «الغزو»، يمثل انعطافة خطيرة سيكون لها ما بعدها من التصعيد، الذي يتواتر دون توقف على امتداد جغرافيا حضرموت، وبخاصة في العامين الأخيرين.
لقد ظهر في خضم هذا التوتر، وعلى سطح مشهد هذا التصعيد، مؤخرًا، فصيل مسلح جديد باسم «قوات الدعم الأمني»، تقول مصادر إنها تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي.
وهي قوات عمل «الانتقالي» على إدخالها إلى حضرموت منذ شهور، وفق ما أكدته مصادر محلية، في سياق مخططه لتعزيز حضوره في حضرموت، في مواجهة مشاريع أخرى صارت تمثل تهديدًا وجوديًا له هناك.
ما حدث في منطقة الكعدة، الأربعاء، تعددت رواياته، وفي هذا السياق، جاء بيان حلف قبائل حضرموت، السبت، محذرًا «تلك المجاميع المسلحة المسماة بـ(الدعم الأمني) من غزو حضرموت والعبث بأمنها واستقرارها»، معربًا عن رفضه «لتواجدها رفضًا قاطعًا».
كما حذّر «الجهات الداعمة لهم، ونحمّلها كامل المسؤولية عن تبعات كل ما يحدث في حضرموت، ونؤكد ضرورة عدم التستر عليهم تحت أي مسمى كان».
وأوضح أن «أرتالاً مسلّحة خرجت بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، وعشرات الأطقم والعربات التابعة لمجاميع معظم أفرادها من خارج حضرموت، وليس لهم أي صفة شرعية أو دستورية،
وقد قامت تلك المجاميع بعمليات استفزازية متكررة، وأطلقت النار على المواطنين المارّين في الطرقات، وأرهبتهم بطرق وحشية دون أي مبرر أو حدوث اشتباك معهم»؛ ما أدى إلى إصابة ثلاثة أشخاص بإصابات بليغة، نُقلوا على إثرها لمستشفى البرح في المكلا.
وأضاف أن تلك المجاميع قامت أيضًا «باعتقال مجموعة من المارّة الذين كانوا عابري سبيل، والزج بهم في السجون، ولا يزال بعضهم في عداد المفقودين».
واعتبر الحلف أن «هذه الأحداث ليست الأولى التي ينتهجها الدعم الأمني، فقد تكررت مرارًا وتكرارًا وبصور مشابهة في أماكن أخرى».
وقال «إن تلك المجاميع تتخذ ذرائع واهية ومعلومات كاذبة ومغلوطة لتبرير تحركاتها والتغطية على جرائمها، ومغالطة الرأي العام بحجج لا وجود لها في الواقع».
ودعا لتحقيق تتولاه «جهات محايدة، لتقصّي الحقائق».
ما حمله بيان الحلف، الذي هو الآخر يملك فصيلًا مسلحًا، يؤشر إلى تحول جديد في مسار الصراع بين المصالح والمشاريع المتنافسة داخل المحافظة.
ثمة روايتان أخريان للحادث تكادان تتطابقان؛ أولاها رواية المنطقة العسكرية الثانية، وفيها قوات النخبة الحضرمية .
وقالت المنطقة، في بيان، إنه تم القبض على عدد من المسلحين عقب التصدي لكمين مسلح استهدف قوات النخبة الحضرمية في غيل بن يمين بمحافظة حضرموت.
وأوضحت أن القوات تعرضت لكمين من قبل مجموعة مسلحة تابعة للمدعو سالم الغرباني لاعتراضهم في الطريق، وإطلاق النار على القافلة، ما أدى إلى الاشتباك مع هذه المجموعة المسلحة، وجرح ثلاثة منهم، وإلقاء القبض على بعضهم، والبقية لاذوا بالفرار.
الرواية الأخرى كانت للهيئة التنفيذية للمجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت، التي أدانت «الحادث الإجرامي الغادر الذي استهدف إحدى وحدات قوات النخبة الحضرمية أثناء تنفيذها مهامها الأمنية بمديرية غيل بن يمين»
مؤكدة أن هذا العمل «يستهدف النيل من أمن واستقرار حضرموت والمنجزات الأمنية التي تحققت بفضل تضحيات أبطال النخبة الحضرمية»، متهمة جماعات قبلية بالقيام بأعمال التهريب.
في روايتي المنطقة العسكرية الثانية والمجلس الانتقالي الجنوبي ما يدفع بسؤال مفاده: ما علاقة الفصيل الجديد الذي لم يُذكر اسمه في بياني المنطقة والانتقالي، بقوات النخبة الحضرمية التي تمحورت حولها فحوى البيانين؟
ويقول الناشط عبد الله الجعيدي، في «تدوينة» على منصة (إكس) إن ما تُعرف بقوات الدعم الأمني «هي قوات عسكرية لا تتبع لقوّات النّخبة الحضرمية، كما يروّج لذلك البعض،
وإن ولاءها المُطلق لغير حضرموت ولغير أبناء وحقوق ومطالب حضرموت؛ لأن عدداً كبيراً من أفراد وضبّاط وقادة تلك القوّات هم من غير الحضارم، ولهم أهدافهم ومشاريعهم الخاصة بهم، لا الخاصة بحضرموت وأهلها،
وإلا لما شاهدناهم وهم يقومون باستفزاز ومهاجمة أبناء حضرموت».
يأتي هذا التوتر في مرحلة تشهد فيها محافظة حضرموت، وهي الأكبر مساحة والأغنى نفطًا في اليمن، حضورًا لتشكيلات مسلحة متعددة ترتبط بمشاريع محلية لها مظلات إقليمية، في سباق النفوذ على هذه المحافظة ذات الأهمية الجغرافية والاقتصادية.
أحمد الأغبري