الرئيس الأسد في لقاء شامل مع باحثين وإعلاميين: سوريا تنتظر أفعال الآخرين لا أقوالهم فقط
التقى الرئيس السوري بشار الأسد، الأسبوع الفائت، مجموعة من الصحافيين والباحثين السوريين، في قصر الرئاسة في دمشق، بعيداً من الإعلام.
وامتدّ اللقاء الذي تناول مختلف الهموم السورية، على نحو 3 ساعات، أجاب خلالها الرئيس الأسد على مجموعة من الأسئلة التي طرحها الحاضرون.
ولَئن تركّز معظم حديث الرئيس على الشؤون السورية الداخلية، وآثار الحرب على المجتمع والاقتصاد في البلاد، وكذلك الصعوبات الاقتصادية والمعيشية التي يعانيها السوريون بفعل العقوبات والحصار الغربي، إلا أنه أفرَد مساحة خاصة للتعليق على بعض القضايا السياسية الراهنة، المتعلّقة بالعلاقة مع الدول المجاورة لسوريا، أو تلك الفاعلة في الملفّ، على ضفّتَي الحلفاء والأعداء. وعُلم من متابعين أن الرئيس الأسد ركّز على الآتي:
في المقام الأوّل، تحدّث الرئيس الأسد حول العلاقة مع تركيا، والتي يبدو أنها تتّخذ منحىً إيجابياً إلى حدّ ما هذه الأيام، حيث أشار إلى أن التواصل مع أنقرة الآن ذو طابع «استخباراتي فقط»، لكن «سيتبعه رفْع لمستوى اللقاءات»، كاشفاً أن «تركيا أبدت استعداداً لتلبية مطالب دمشق».
واستدرك بأن «سوريا تنتظر من تركيا أفعالاً لا أقوالاً فقط»، مضيفاً أنه «ربّما تكون أنقرة أصدق من بعض العرب في توجّهاتها، لكن لا يمكن الحكم على الموقف التركي إن كان جدّياً أو مجرّد مناورة سياسية».
واعتبر أنه «من الخطأ أن يقيس الإعلاميون والباحثون تغيير سياسة أيّ دولة بناء على تغيير الأشخاص»، داعياً إلى «الابتعاد عن الترويج لمجرّد صدور تصريحات»، في إشارة إلى التصريحات التركية الرسمية الإيجابية تجاه سوريا، مشدّداً على أن «ذلك يجب أن يكون مقروناً بالأفعال».
وفي المقابل، لفت الرئيس الأسد إلى وجود «اتّصالات مع القوى الكردية حول المشكلات والمنغّصات اليومية في بعض الخدمات والقضايا الحياتية، ويتمّ حلّ هذه المشكلات بـ»المَوْنات»»، واصفاً العلاقة مع «قسد» بأنها «أشْبَه بالقَبَليّة»، مؤكداً أن «الحوار مع القوى الكردية مستمرّ، لكن من دون مستجدّات».
أمّا بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، فأكّد الرئيس الأسد أن «لا تَواصل مع الأميركيين، ونعوّل على تصعيد المقاومة الشعبية للضغط على الأميركيين للخروج من الأراضي التي يحتلّونها».
وعلى صعيد العلاقة مع حلفاء دمشق، قال الرئيس الأسد إن «إيران دعمت سوريا بشكل فاعل، ولا تزال تدعمها اقتصادياً وعسكرياً»، معتبراً أن «وصْف موقف إيران بالمقصّر غير دقيق».
أمّا بالنسبة إلى روسيا، فهي «قدّمت الكثير من المساعدات»، لكن «الواقع اليوم مختلف بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والضغوطات الاقتصادية والعسكرية عليهم».
وبالنسبة إلى العلاقة مع «حزب الله»، أكّد الرئيس الأسد (أننا) «دعَمنا حزب الله، وما زلنا ندعمه، وسنبقى ندعمه لأنه حليف استراتيجيّ لنا»، معرباً عن «خشيةٍ على لبنان ومستقبله في ظلّ الواقع الحالي، لكونه خاصرة سوريا الأساسية، والاستقرار فيه مهمّ جداً لسوريا».
أمّا العراق، فـ«العلاقة معه هي علاقة صداقة، ونحن نعوّل معهم على السياسة العامّة لا على مواقف الأشخاص».
وعند سؤاله عن إعادة العلاقات مع حركة «حماس» الفلسطينية، قال الرئيس الأسد إن «حماس قدّمت اعتذاراً علنياً، وهو ضمنياً اعتذارٌ لكلّ الشعب السوري، كان ذلك خلال زيارة خليل الحيّة الأخيرة، وتصريحاته العلنية حول ذلك».
وبخصوص الدول العربية، أشار الرئيس الأسد إلى (أننا) «كنّا ننتظر موقفاً مصرياً يتناسب مع وزن مصر العربي، ويجب أن يكون الموقف المصري من دمشق غير كلّ العرب. لكن المصريين يراوغون، فهم يوصِلون رسائل أنهم مع عودة دمشق إلى الجامعة العربية، لكن عندما تمّت مناقشة ذلك رسمياً، كانت القاهرة ضدّ عودة دمشق».
أمّا خليجياً، فوصَف الرئيس الأسد موقف سلطنة عمان بأنه «الأكثر عقلانية وصدقاً»، مضيفاً أن الموقف الإماراتي يأتي بعد الموقف العٌماني مباشرة.
وبالنسبة للسعودية والبحرين، فإن «ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لم يكن موقفه سلبياً، لكنه تعرّض لضغوط لعدم التعاون مع الحكومة السورية»، و«على رغم صغر مساحة البحرين، إلا أنها كانت أكثر جرأة من خلال قرار إعادة افتتاح السفارة في دمشق».
وختم الرئيس الأسد حديثه في هذا السياق بالتأكيد أنه «ليست لدينا مشكلة في استعادة العلاقات الطبيعية مع أيّ دولة كما كان الوضع قبل الحرب، شريطة تغيير سلوكها تجاهنا»، جازماً (أننا) «منفتحون على أيّ مبادرة لرفع مستوى العلاقات، شريطة ألّا يُطلب منا تقديم تنازلات».