وريثيات .. صناعة وصناعة
في مشهد يتكرر بشكل استفزازي ومؤسف تواصل فرق مكتب الأشغال العامة بأمانة العاصمة حملتها العدائية ضد أصحاب البسطات والباعة المتجولين ومضايقتهم في معيشتهم وارزاقهم..
ومصادرة تلك البسطات بعنجهية غير مبررة دون أن توفر لهم حلولا وبدائل اخرى مثل إقامة أسواق عامة تجمعهم فيها وتوجه الناس اليها وتنفيذ مشاريع تنموية متنوعة تستوعب كثير من الشباب ..
شاهدت في منطقة التحرير، وتحديداً عند شارع القصر وملعب الظرافي عرضاً صادماً ومؤلما.. قلابات كبيرة تابعة لمكتب الأشغال ومجموعة من المتهبشين..
وهم يقتلعون ويصادرون البسطات بعنجهية وعنف غير مبرر وبلطجة صريحة على أرزاق ومعيشة فئة من المواطنين هي الأشد حاجة للرحمة والدعم.
وبالتأكيد ان هذا الأسلوب لا يشي بدولة تحكمها قوانين ومؤسسات بل يوحي بأننا أمام عصابات وقطاع طرق تصادر الممتلكات بلا حسيب أو رقيب..
وما أثار سخط المواطنين الذين شاهدوا الواقعة هو التناقض الصارخ في الأداء الحكومي..
فالجميع يعلق بأن هؤلاء الموظفين يتعمدون تشويه صورة الدولة وتدميرها فهم يلاحقون ويطاردون المساكين الذين يكسبون قوت يومهم بصعوبة بالغة..
في حين أن الكبار وذوي النفوذ يخالفون الأنظمة علناً ولا يجرؤ أحد على الاقتراب منهم إما أنهم يدفعون ثمن تلك المخالفات أو أن لديهم حماية خاصة تجعلهم فوق القانون ..
المصادرة الجائرة للأرزاق بهذه الطريقة دون توفير أي حلول أو بدائل عملية تحمل في طياتها خطراً مجتمعياً وكارثة إنسانية محققة ..
فعندما يفقد الإنسان مصدر دخله الوحيد يصبح على مفترق طرق خطير اما التحول إلى التسول والاستجداء او الانزلاق إلى عالم الإجرام والسرقة او الاستقطاب من قبل الجماعات الإرهابية التي تستغل حاجتهم وضعفهم..
ونحن بهذه التصرفات لا نحل مشكلة بل نساهم بفعالية في صناعة أعداد كبيرة من العاطلين وندفعهم دفعاً إلى سوق التسول والإجرام والإرهاب ..
إن مسؤولية الأجهزة والجهات المعنية هي دراسة المشكلة بجدية ووضع معالجات إنسانية ومستدامة لا اتخاذ قرارات متسرعة أشبه بـتخديرة القات التي لا تنتج إلا مزيداً من الكوارث..
وعلى هذه الأجهزة توفير أسواق بديلة عامة منظمة وتوجيه الباعة إليها كبديل حضاري وتأهيل الشباب في مجالات مختلفة وتوفير فرص عمل حقيقية لهم وسنكون بهذا ساهمنا في مساعدتهم للعيش بكرامة بدلا من التضييق عليهم لصناعة مستقبل أكثر إشراقا للبلد ..
هل سيتم محاسبة كل من تورط في هذه الأعمال البلطجية وإلزامهم بوقف هذا العبث ؟
أم انه سيتم تكريمهم كما جرت العادة في حكومة صنعاء حيث يكرم اللصوص والفاسدون والكذابون وتمنح لهم الشهادات لنجاحهم في تعذيب وإهانة المواطن ؟
ومتى ستتحول بلادنا من صناعة المتسولين والمشردين واللصوص والمجرمين إلى صناعة مستقبل مشرق وآمن للأجيال القادمة ؟ ..