
شجرة الغريب… أسطورة يمنية تذوب في مواجهة الإهمال
في ظل أزمات الحروب التي تشهدها المنطقة أصبح فقدان معلم طبيعي مثل شجرة تاريخية يشغل منصات التواصل الاجتماعي، حيث يعبر الشعراء والأدباء والمثقفون عن حزنهم العميق وكأنهم فقدوا شخصاً عزيزاً.
وهذا يعكس العلاقة المتجذرة بين الإنسان والطبيعة، التي لا تقل أهمية عن روابط البشر بعضهم ببعض.
وفي واقعة أثارت حزناً واسعاً في اليمن انهارت "شجرة الغريب" التاريخية في منطقة الشمايتين بمحافظة تعز جنوب غربي اليمن، مما أدى إلى سقوط نصفها على الأرض.
هذا الحدث جعل الكثيرين يتساءلون عن مصير المعالم الطبيعية التي طالما كانت شاهداً على تاريخ البلد وحضارته ليعكس حالاً من الإهمال والتدهور التي يعانيها اليمن.
معلم طبيعي
تعد "شجرة الغريب" من أبرز المعالم الطبيعية في اليمن، وهي واحدة من أقدم الأشجار المعمرة في الجزيرة العربية، حيث يقدر عمرها بنحو 2000 سنة.
يبلغ قطرها 14 متراً، مما يجعلها من أكبر الأشجار في العالم، بينما يصل ارتفاعها إلى 15 متراً، ومحيطها يبلغ 35 متراً.
وقد تداول الناشطون عبر منصات التواصل الاجتماعي صوراً وفيديوهات تظهر انفلاق الشجرة وسقوط نصف جذعها الضخم على الأرض، مع ظهور حفرة كبيرة في مركزها، مما أثار موجة من الحزن والتفاعل بين المتابعين.
يقول المواطن عبدالملك صالح إن علامات الضعف والتشققات بدأت تظهر على جذع الشجرة في السنوات الأخيرة، مما يشير إلى احتمالية تعرضها لأمراض زراعية.
وأضاف أن الفتحات الصغيرة والتشققات سمحت بدخول مياه الأمطار إلى جذعها المجوف، مما أدى إلى تآكلها من الداخل، بالتالي السقوط المفاجئ لجزء منها على الأرض.
أسطورة تاريخية
تعرف "شجرة الغريب" بهذا الاسم نظراً إلى شكلها الفريد والغريب الذي لا مثيل له في اليمن والجزيرة العربية، ولحجمها العملاق. تزدهر أوراقها لمدة ستة أشهر في السنة، ثم تتعرى في الستة أشهر التالية، مما يجعلها تبدو كما لو كانت يابسة.
ووفقاً للمواطنين المحليين، تنتج الشجرة ثلاث ثمرات فقط في العام تشبه البطيخ الصغير، ولكن هذه الثمرات تختفي فجأة، ولا يستطيع أحد الحصول عليها، في مشهد يبدو أقرب إلى الخيال والأسطورة من الواقع.
تعد "شجرة الغريب" أو ما تعرف بـ"الكولهمة" رمزاً للصمود والصبر في مواجهة الزمن، وتحمل مكانة خاصة في الذاكرة الجمعية اليمنية، كما تعد مزاراً طبيعياً يجذب السائحين والزوار من داخل اليمن وخارجه، حيث يأتون للاستمتاع بجمالها الفريد ومعرفة تاريخها العريق.
حملة إلكترونية
أطلق ناشطون ومثقفون حملة إلكترونية تطالب وزارة البيئة والسلطات المحلية في تعز بالتدخل العاجل لحماية ما تبقى من الشجرة التاريخية.
وعبر عديد من اليمنيين عن حزنهم واستيائهم من حال الإهمال التي طاولتها. وكتب وزير الثقافة اليمني السابق خالد الرويشان: "فطرتم قلبها فانفلق وتناثر أشلاءً"، في إشارة إلى ساسة البلاد.
وتابع قائلاً "لم تستطع أجواء ورياح ووقائع وأهوال 2000 سنة أن تكسر قامتها، بينما كسرتم قلبها في أقل من 20 سنة، فطرتم قلوب 30 مليون يا نخب التقاسم والتقسيم".
وفي السياق نفسه علق الإعلامي اليمني خليل القاهري قائلاً "لو حدث ذلك في بلد آخر لشكل ما لحق بالشجرة قضية بالغة الأهمية تستنفر كل الجهود ومساعي الإنقاذ، لكننا في وطن تموت أشجاره وأبناؤه ويموت كل شيء فيه بلا أسف، بلد يغطي الموت كل مساحته والتفاصيل".
محمد الخطيب
صحافي يمني