
تأخير الرواتب يتسبب في أزمة صرف خانقة في اليمن
تشهد المصارف في عدن وصنعاء ومدن أخرى في اليمن ازدحاماً شديداً، حيث يتدافع المواطنون في طوابير طويلة لصرف رواتب متأخرة، إذ أعلنت الحكومة المعترف بها دولياً، قبل أيام، صرف راتب شهر مارس/آذار للموظفين في عدن ومناطق إدارتها، وراتبي شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب 2024 للموظفين النازحين.
وتزامن ذلك مع قيام سلطة الحوثيين في صنعاء بصرف نصف راتب شهر فبراير/ شباط لموظفي الخدمة المدنية، حيث لا تزال منتظمة منذ ديسمبر/ كانون الأول 2024 بصرف نصف راتب شهرياً رغم الصعوبات والتحديات التي تواجهها.
كل ذلك تسبب بأزمة صرف خانقة كما يحدث في عدن، وفق حديث موفق الحريبي، موظف حكومي، حيث وقف مدة طويلة في طوابير حتى وصل إلى منفذ الصرف في البنك الذي تتعامل معه الحكومة لصرف رواتب جزء من الموظفين،
ولا يختلف الأمر في تعز التي تشهد منافذ الصرف فيها ازدحاماً شديداً، بحسب تأكيد المواطن كمال الشرعبي ، بالرغم من توفر سيولة مالية تغطيها الأوراق النقدية الجديدة المطبوعة.
وفي العاصمة صنعاء، تم رصد أيضاً، ازدحاماً لافتاً في محال الصرافة والمصارف والبنوك التي تصرف نصف راتب الموظفين، منها "كاك بنك" الحكومي والهيئة العامة للبريد.
وبالرغم من التأخير في صرف نصف الراتب قبيل أيام من حلول عيد الفطر، كان الارتباك والأعطال الفنية هي السائدة حيث ظل عصام غالب، كما غيره من الموظفين، أكثر من يومين غير قادر على استلام نصف راتبه بسبب الازدحام الشديد ومن ثم بسبب خلل فني عطل شبكة البنك وأوقف عملية الصرف مدة طويلة قبل أن يعاود الصرف،
لكن لم يعد هناك وقتاً كافياً لتوفير ما أمكن من متطلبات واحتياجات العيد كما يؤكد كثير من الموظفين والمواطنين المستفيدين من الحوالات المالية.
كما تتكدس محال الصرافة منذ أيام بالمواطنين المستفيدين من الحوالات المالية النقدية التي يرسلها لهم أقاربهم المغتربين، بحسب تأكيد المواطن نبيل عبد الولي .
ويشكو مواطنون من رداءة الأوراق المالية التي يحصلون عليها من صرف حوالاتهم أو رواتبهم بسبب التردي الذي أصبح يطاول الأوراق النقدية من الفئات الكبيرة في صنعاء ومناطق نفوذ الحوثيين شمالي اليمن التي ترفض التعامل بالأوراق النقدية المطبوعة، خاصة الورقة النقدية فئة 500 ريال،
إذ يؤكد مواطنون أن تهالك الأوراق النقدية يؤدي إلى نقص المبالغ التي يحصلون عليها نتيجة صرف حوالاتهم أو رواتبهم، إذ تراوحت المبالغ التالفة والمهترئة التي استخرجها بعضهم ما بين 5 آلاف و10 آلاف ريال وأكثر،
في حين ترف محال صرافة كثيرة استبدالها، والأمر نفسه ينطبق على مختلف المحال التجارية في الأسواق التي لا تقبلها من المشتري وتعيدها إليه ليستبدلها بغيرها.
الخبير المصرفي محمود السهمي أوضح، أن هناك جدوى من استمرار سلطة صنعاء بهذه السياسة النقدية المتبعة لاستقرار سعر الصرف في اليمن والمحافظة على العملات الأجنبية، وهو مؤشر واضح على تحكمها في السوق النقدية وعدم سماحها بأي اختلالات قد تتسبب بنفس الوضعية التي تعاني منها مناطق الحكومة.
في السياق، يتزامن صرف نصف راتب من قبل سلطة صنعاء مع إجراء آخر مرتبط، حيث أعلن البنك المركزي في صنعاء نهاية فبراير/ شباط الماضي عن رفع سقف المبلغ الشهري المتاح للسحب من قبل صغار المودعين الأفراد الذين لا يتجاوز إجمالي ودائعهم 20 مليون ريال (حوالي 37.4 ألف دولار في مناطق الحوثيين) إلى مبلغ 200 ألف ريال شهرياً للمودع الواحد بدلاً من 100 ألف ريال اعتباراً من تاريخ 1 مارس/ آذار.
بدوره، يرى الخبير الاقتصادي رشيد الحداد ، أن عدن ومناطق إدارة الحكومة المعترف بها دولياً تعيش على وقع فوضى نقدية ومصرفية طوال العام، وليس في مثل هذه الأوضاع الطارئة في رمضان أو مع حلول الأعياد الدينية،
متطرقاً إلى جانب مهم في هذا الصدد، نتيجة عدم استقرار سعر صرف العملة المطبوعة في المحافظات الجنوبية، تتمثل في اتجاه المواطنين لتأمين مدخراتهم المالية بالعملات الأجنبية طيلة العام، لتجنب التأكل المتواصل للقيمة الشرائية للعملة المتداولة هناك، ويعود ذلك إلى فشل البنك في وقف التدهور المتدرج في سعر صرف العملة المطبوعة الذي أدى إلى تصاعد أزمة ثقة المواطن بالعملة المتداولة.
وعندما يبدأ شهر رمضان من كل عام، تشهد الأسواق في مختلف المحافظات، بما فيها صنعاء، موجة بيع للعملات الصعبة من قبل المواطنين، وذلك لغرض تأمين احتياجاتها من الغذاء،
وتستمر موجة البيع حتى انتهاء العيد، فيحدث ارتفاع للعرض النقدي من العملات الأجنبية في الأسواق وسط تراجع الطلب.
ومن المفترض أن يفضي ذلك إلى تحسن أسعار الصرف في الأسواق بشكل مؤقت خاصة في مدينة عدن والمحافظات الاخرى، لكن حتى هذا الأمر لم يحدث في مناطق الحكومة وفق حديث الحداد،
لأن الفجوة أصبحت واسعة بين السلطات النقدية هناك والأسواق التي يتحكم بها بشكل كلي المضاربون والصرافون.
محمد راجح