أزمة طاقة تشل حركة مواصلات عدن
تشهد عدن، العاصمة المؤقتة في اليمن، أزمة وقود أثرت كثيراً بمعيشة المواطنين وحركة النقل بين مناطق المدينة، حيث تعتمد على حافلات الأجرة الصغيرة التي يعمل معظمها على الغاز.
ويأتي ذلك على الرغم من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في هذا الصدد، ومنها ضخ الكميات المتوفرة لديها لتغطية العجز الحاصل في المنازل والأسواق.
وتم رُصد تراجع ملحوظ لحركة المواصلات في عدن بشكل كبير، مع انخفاض حافلات الأجرة العاملة إلى أدنى مستوى وبنسبة تزيد على 70% مقارنة بالوضع الطبيعي خلال الأيام الماضية.
فيما لم يطرأ أي تغيير على أُجرة التنقل حتى الآن، التي تتفاوت حسب الشارع والمنطقة الواحدة وبين منطقة وأخرى، إذ تتباعد مناطق مدينة عدن التي تفصل بينها مسافة طويلة تقدر بأكثر من 6 كيلومترات.
وتصل أجرة الحافلة بين شوارع المنطقة الواحدة إلى 200 ريال للمشوار (الرحلة) الواحدة، فيما تتضاعف بين منطقة وأخرى،
حيث تصل أجرة المشوار (الرحلة) إلى مبلغ 500 ريال من منطقة كريتر وسط عدن إلى منطقة الشيخ شمالي المدينة (الدولار = نحو 1630 ريالاً في عدن).
وقال سائق حافلة أُجرة، ماجد عبد الكريم، إنه قرر المخاطرة بما تبقى لديه من غاز للعمل لتوفير احتياجات أسرته المعيشية الضرورية التي تعتمد كثيراً على عمله في الحافلة.
تفاقم أزمة غاز الطهي
يشكو سكان عدن من تفاقم أزمة غاز الطهي المنزلي، حيث يصطف مواطنون في طوابير طويلة أمام محطات التعبئة للحصول على الغاز.
و قال المواطن خالد سالم إنه قضى ليلة الأحد في طابور أمام إحدى محطات تعبئة الغاز في منطقة المعلا، لكنه تفاجأ وغيره من المواطنين بعد وقوفه في طابور طويل ما يقرب من 7 ساعات بعدم وجود الغاز في محطة التعبئة.
وأفاد كثير من المواطنين بأن نسبة كبيرة من محطات التعبئة مغلقة منذ ثلاثة أيام، بالإضافة إلى انتشار سوق سوداء لبيع غاز الطهي المنزلي بسعر مضاعف، حيث وصل سعر 20 لتراً إلى نحو 20 ألف ريال.
إجراءات حكومية عاجلة
في السياق، عقد وزير الدولة، محافظ محافظة عدن، أحمد ملس، أول من أمس الاثنين، اجتماعاً طارئاً مع القائم بأعمال مدير مصافي عدن، والمدير العام لشركة الغاز فرع عدن، لمناقشة الإجراءات العاجلة المطلوبة لتوفير مادة الغاز المنزلي، ومعالجة الأزمة التي تشهدها عدن.
وأقر الاجتماع، حسب ما ورد في حساب الإدارة الإعلامية لمحافظة عدن على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بضخ الكميات المتوفرة لديها لتغطية العجز الحاصل في المنازل والأسواق، والتخفيف من معاناة المواطنين. وشدد الاجتماع على منع خروج أي كميات من الغاز من عدن خلال الفترة الحالية، مع اقتصار الضخ والتوزيع على تلبية احتياجات المدينة بشكل كامل.
كذلك اتفق المجتمعون على آليات عمل مشتركة للبدء في تنفيذها اعتباراً من يوم الثلاثاء 9 ديسمبر/ كانون الأول، وفق خطة تنظيمية تضمن وصول الغاز إلى الأحياء السكنية بانتظام.
اليمن وانقطاع الكهرباء
تعيش عدن على وقع أزمات مقلقة على إثر الأحداث المتصاعدة في حضرموت جنوب شرقي اليمن، حيث لا يتوقف الأمر عند أزمة الغاز المرشحة إلى جانب أزمة انقطاع الكهرباء للتفاقم بشكل كبير خلال الأيام القادمة، مع وصول ذلك إلى النقل الجوي،
حيث توقفت رحلات الخطوط الجوية اليمنية منذ صباح الاثنين بسبب إغلاق مفاجئ للمجال الجوي، فيما أُعيدت جدولة الرحلات إلى مساء أمس الثلاثاء، في ظل غموض كبير حول الأسباب التي أدت إلى إغلاق المجال الجوي وتوقف الرحلات المدنية.
بدوره، يبدي الناشط الاجتماعي عمار أحمد، تخوفه من سيناريوهات ما يحصل من أحداث متتابعة في حضرموت والمهرة ومعظم محافظات جنوبي اليمن التي أصبحت تحت السيطرة التامة للمجلس الانتقالي الجنوبي، وذلك على العمل الحكومي،
حيث يلاحظ تراجع كبير في أداء الوزارات والجهات المختصة، وسط تسلل أزمات طاحنة تلقي بظلالها على معيشة المواطنين بشكل كبير، إذ تتفاقم الأزمات الحياتية، ومنها شح المشتقات النفطية وانعدام الغاز المنزلي كلياً في عدن، والارتفاع التدريجي في ساعات انقطاع الكهرباء التي قد تشمل، في ظل استمرار الوضع الراهن، معظم فترات اليوم.
وتعتبر محافظة حضرموت، جنوب شرقي اليمن، من أهم الركائز الإيرادية في الاقتصاد اليمني، إذ تحتضن المحافظة 51% من الاحتياطي والإنتاج النفطي في البلاد، وخصوصًا في حوض المسيلة الذي يُعدُّ أوسع حقول اليمن وأغناها على الإطلاق، يليه حوض مأرب بنسبة 32% وشبوة بنسبة 17%، وفق تقارير رسمية.
تداعيات الانقسامات على الطاقة
يحذر خبراء اقتصاد من التداعيات السلبية الكبيرة للانقسامات السياسية على الأوضاع الاقتصادية ومختلف القطاعات، ومنها الطاقة، ليجتمع فيها الفشل الحكومي مع تواصل الصراعات.
وأكد الخبير اليمني في مجال النفط والغاز، عبد الغني جغمان، أن "ما يحدث اليوم في حضرموت يتجاوز التنافس المحلي على مناطق نفطية، بل تحوَّل إلى صراع مفتوح بين قوى تعمل بالوكالة عن أطراف إقليمية ودولية، يسعى كل منها لفرض نفوذها على أهم مقدرات اليمن الاقتصادية.
فحقول المسيلة ومنشآت بترومسيلة ليست مجرد مواقع إنتاج، بل أوراق ضغط استراتيجية تستخدمها القوى المتنافسة لتثبيت حضورها السياسي والعسكري على الأرض".
وبلغ متوسط إنتاج بترومسيلة قبل الحرب في عام 2015 نحو 55 ألفًا – 65 ألف برميل يوميًا، فيما كان الإنتاج قد بلغ قبل ذلك في عام 2002 حوالى 230 ألف برميل يوميًا في فترات الذروة.
ورغم التراجع الكبير خلال سنوات الصراع، يشكِّل إنتاجها النسبة الأكبر من صادرات البلاد،
حيث كانت تُصدِّر 35 ألف برميل يوميًا إلى ما قبل أكتوبر/ تشرين الأول 2022.