حصار دولي متزايد يفاقم الضغوط على «الإخوان المسلمين»
الرأي الثالث
يواجه تنظيم «الإخوان المسلمين» منعطفاً حرجاً وضغوطاً دوليةً غير مسبوقة، مع حديث أميركي عن عزم الرئيس دونالد ترمب على تصنيف الجماعة «منظمةً إرهابيةً»، في خطوة قد تُحدث تحولات جذرية في مستقبل التنظيم داخل المنطقة العربية وخارجها، حسب مراقبين.
وأكد الرئيس الأميركي أن خطته لتصنيف جماعة «الإخوان المسلمين» منظمة «إرهابية أجنبية»، باتت في مراحلها الأخيرة.
ورداً على سؤال عن خطة التصنيف، قال ترمب، في تصريحات لموقع «جست ذا نيوز» اليميني الأميركي، الأحد، إن «ذلك سيجري بأقوى وأشد العبارات»، وأنه يجري حالياً إعداد الوثائق النهائية.
ويأتي إعلان ترمب بعد خطوة حاكم ولاية تكساس الجمهوري، غريغ أبوت، الذي صنّف الأسبوع الماضي «الإخوان» ومجلس العلاقات الأميركية - الإسلامية (كير)، «منظمتين إرهابيتين أجنبيتين ومنظمتين إجراميتين عابرتين للحدود».
وتأسست «الإخوان المسلمين» في مصر قبل ما يقرب من قرن، وأصبحت جزءاً مؤثراً في المشهد السياسي والديني في العديد من الدول، إلا أنها باتت الآن «محظورة رسمياً» في مصر وعدد من الدول العربية.
إجراءات عربية وغربية ضد «الإخوان»
ويأتي التحرك الأميركي ضمن موجة أوسع من الإجراءات التي اتخذتها عدة دول عربية وأجنبية خلال السنوات الأخيرة ضد الجماعة، شملت حظراً قانونياً، وملاحقات قضائية، وتجفيفاً لمصادر التمويل،
حيث حظرتها بلدان عدة أو وضعتها على قوائم الإرهاب، من بينها مصر والأردن والسعودية والإمارات والبحرين، في ظل اتهامات بتأجيج التوترات الإقليمية ودعم جماعات مسلّحة.
وتصنّف السلطات المصرية، «الإخوان»، «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، ويقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه،
بينما هناك آخرون هاربون في الخارج ومطلوبون للقضاء المصري.
ويقول مراقبون إن القرار الأميركي، في حال اعتماده رسمياً، قد يشكل سابقة دولية تُشجع دولاً غربية أخرى على اتخاذ خطوات مماثلة، مما يفاقم الضغوط على التنظيم.
وقال منير أديب، الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، إن قرار تصنيف جماعة «الإخوان المسلمين» منظمة إرهابية، لا تقتصر تداعياته على الداخل الأميركي، بل يمتد تأثيره ليطال وجود التنظيم في أخرى، منها منطقة الشرق الأوسط،
موضحاً أن القرار يأتي في سياق طبيعي يتوافق مع استراتيجية واشنطن المعلنة التي تسعى إلى تفكيك الشبكات التي تُهدد أمن الولايات المتحدة وأمن حلفائها.
أما عن الضغوط على التنظيم نفسه، فيقول: «وضع (الإخوان) على القوائم السوداء للإرهاب قد يساعد في تفكيك بنية التنظيم في المنطقة العربية، ويساعد على حصاره بأوروبا أيضاً»،
مبيناً أن القرار الأميركي يضيف ثقلاً دولياً للجهود المبذولة لتقييد الحركة عالمياً، ما قد يزيد الدول التي تحظر التنظيم أو تضيق عليه الخناق أكثر فأكثر.
خيارات «الإخوان» بعد الحظر
وبشأن السيناريو «الإخواني» المتوقع، يوضح الباحث: «سوف يحاول التنظيم إعادة تموضع نفسه مرة أخرى، وقد يظهر التنظيم تحت مسميات جديدة، دون أن يظهر مسمى (الإخوان المسلمين) مباشرة».
ويستطرد: «أعتقد أن واشنطن ستكون مدركة لهذه النقطة، وستتعامل بقوة مع التنظيم ومع أي جهة توفر له حماية أو ملاذاً من دول عربية أو غير عربية، حتى وإن كانت تلك الجهات تحت مسميات أخرى بخلاف مسمى (الإخوان المسلمين)».
بدوره، يرى العقيد حاتم صابر، الخبير المصري في مكافحة الإرهاب، أن «التحالف الأميركي الإخواني بلغ ذروته في عهد الرئيس باراك أوباما، الذي رأى في الجماعة أداة مثالية لإطلاق مشروع الفوضى الخلّاقة وإعادة تشكيل الشرق الأوسط عبر (الربيع العربي)،
أما الآن وبعد فشل مشروع الفوضى في المنطقة فلم تعد واشنطن بحاجة إلى (الإخوان)».
وأضاف «مع وصول ترمب للرئاسة تغيرت الأولويات الأميركية من دعم الفوضى إلى تقليل مخاطرها، فعندها تحولت الجماعة من أداة مفيدة إلى ضيف ثقيل وحمل زائد،
حانت اللحظة الحاسمة، ممثلة بالتحرك لتصنيف (الإخوان) منظمة إرهابية أجنبية، وإعداد وثائق رسمية بصياغة شديدة اللهجة، فلم يكن التحول قناعة أخلاقية بل نتيجة منطقية لانتهاء الدور».
ويرى صابر أن قرار الإدراج على قائمة الإرهاب سوق يخنق تحركات التنظيم داخل الولايات المتحدة، وبالتبعية يقيدها في أوروبا، لا سيما مع وجود قيادات التنظيم بكثافة في أوروبا بشكل أكبر من وجودهم في الولايات المتحدة، وهو ما سيمتد إلى مصر والدول العربية، نظراً لترابط التنظيم مع بعضه البعض.