البنك المركزي اليمني يوقف ويسحب تراخيص عدد من شركات الصرافة
أعلن البنك المركزي اليمني في عدن، الثلاثاء، إصدار قرارَين قضيا بإيقاف وسحب تراخيص عدد من شركات ومنشآت الصرافة، وإغلاق مقراتها، على خلفية مخالفات رُصدت خلال عمليات رقابية.
ونص القرار رقم (32) لعام 2025 على إيقاف تراخيص شركتَي العماري والمفلحي للصرافة، إضافة إلى منشأة الجدحي للصرافة، مع إغلاق مقراتها،
كما قضى القرار رقم (33) لعام 2025 بسحب ترخيص فرع شركة العامري في مديرية كريتر بعدن، وفرع شركة الشارقة إكسبرس في محافظة مأرب (محطة بن معيلي)، وإغلاق مقراتهما.
وأوضح البنك أن القرارَين استندا إلى مخالفات مثبتة في تقرير النزول الميداني المرفوع من قطاع الرقابة على البنوك.
وتأتي هذه القرارات امتداداً لقرارات سابقة جرى بموجبها إيقاف العشرات من شركات ومنشآت الصرافة بناء على المخالفات المثبتة في تقارير النزول الميداني المرفوعة من قطاع الرقابة على البنوك،
واستناداً إلى قوانين عدّة، أبرزها قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب".
وكان محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي قد أصدر قراراً بنقل المركز الرئيسي لمؤسسة ضمان الودائع المصرفية من صنعاء إلى عدن، ضمن خطوات الحكومة المعترف بها دولياً لترسيخ إدارة المؤسّسات المالية تحت مظلة الشرعية، وتعزيز استقلالها عن سيطرة جماعة الحوثيين.
ويمثل ملف الصرافة أحد أبرز التحديات التي تواجه القطاع المصرفي اليمني منذ اندلاع الحرب وتفاقم الانقسام المالي بين صنعاء وعدن. فمنذ عام 2016، يعيش اليمن واقعاً نقدياً مزدوجاً،
إذ تسيطر الحكومة المعترف بها دولياً على البنك المركزي في عدن، في حين تدير جماعة الحوثي المؤسسات المالية من العاصمة صنعاء، وهو ما أدى إلى انقسام السياسات النقدية وتعدد أسعار الصرف وتعطل الأدوات الرقابية الرسمية.
وفي هذا السياق، يعد قطاع الصرافة من أكثر القطاعات المصرفية هشاشة وتأثراً بالانفلات التنظيمي،
إذ شهد توسعاً كبيراً في عدد الشركات والمنشآت العاملة خارج الأطر الرقابية الصارمة، ما جعله بيئة خصبة لتهريب العملة، والمضاربة في أسعار الصرف، والاشتباه في ممارسات مرتبطة بعمليات غسل الأموال وتمويل الأنشطة غير المشروعة.
وأظهرت تقارير دولية سابقة، منها تقارير مجموعة العمل المالي، أن اليمن من بين الدول التي تواجه مخاطر مرتفعة في ما يتعلق بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، خاصة في ظل غياب التنسيق المؤسّسي بين السلطتَين النقديتَين في صنعاء وعدن، ووجود شبكات مالية موازية تعتمد على الحوالات غير الرسمية، ونظم التحويل التقليدية المعروفة باسم "الحوالة".
وقد سعى البنك المركزي اليمني في عدن خلال السنوات الأخيرة إلى إعادة تنظيم قطاع الصرافة من خلال إصدار لوائح جديدة لتراخيص مزاولي المهنة، ووضع سقوف لرؤوس الأموال، وإلزام شركات الصرافة بتركيب أنظمة رقابة داخلية إلكترونية، وربطها بالنظام المركزي للمصرف، بهدف تتبع حركة الأموال وتطبيق مبدأ "اعرف عميلك"،
كما كثف البنك المركزي من حملات النزول الميداني والتفتيش على شركات ومحلات الصرافة، للكشف عن المخالفات المتعلقة بالتعاملات غير الموثقة، والتلاعب بالفواتير، وعدم الالتزام بنسب الفروقات بين البيع والشراء، أو فتح حسابات وتحويلات دون بيانات موثقة.
وقد حافظ الريال اليمني على استقراره أمام العملات الأجنبية في تعاملات الثلاثاء، مدفوعاً باستمرار الإجراءات التي يتخذها البنك المركزي في عدن للحد من تقلبات السوق وضبط المضاربات. وسجل الدولار الأميركي في العاصمة المؤقتة عدن 1617 ريالاً للشراء و1632 ريالاً للبيع،
فيما تراوح سعر الريال السعودي بين 425 و428 ريالاً. أما في صنعاء، الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فقد ظلّ الدولار عند 535 ريالاً للشراء و538 ريالاً للبيع،
بينما استقر الريال السعودي عند 140 ريالاً للشراء و140.40 ريالاً للبيع. ويواصل البنك المركزي اليمني في عدن سياسة الرقابة على شركات الصرافة وفرض إجراءات تنظيمية مشدّدة، في محاولة لاحتواء الضغوط على العملة المحلية والحفاظ على استقرارها النسبي.