المخاوف من فقاعة الذكاء الاصطناعي تمتد إلى أسواق الائتمان
تتفاعل الأسواق بحذر متزايد في الآونة الأخيرة مع المخاوف من فقاعة محتملة في قطاع الذكاء الاصطناعي، الذي يمثل قاطرة الاستثمار في السوق الأميركية منذ بداية العام الحالي.
وبحسب تقرير لوكالة بلومبيرغ اليوم الثلاثاء فإن سوق المال العالمي يشهد حالة من التباطؤ بدأت تتسلل تدريجيًا إلى أسواق الائتمان.
وتقول الوكالة إن هامش المخاطر على كل شيء، من سندات الشركات الممتازة إلى السندات عالية المخاطر، يحلق عند أعلى مستوياته منذ أسابيع.
وفي تعاملات أمس الاثنين، سحب المستثمرون نحو 40% من طلبات شراء السندات في عدة إصدارات لشركات، بعد الاطلاع على الأسعار النهائية، وهي نسبة انسحاب غير معتادة.
كما سُحب إصدار سندات من الدرجة الاستثمارية بالكامل الأسبوع الماضي، وهو أمر نادر في هذا السوق. وفي سوق القروض ذات الرفع المالي، تجد البنوك صعوبةً في بيع بعض الديون المرتبطة بعمليات الاستحواذ.
ورغم أن أسواق الائتمان بعيدة عن حالة الذعر وما زالت التقييمات قريبة من أعلى مستوياتها منذ عقود، فإن مديري صناديق الأصول يقولون إن الحذر يتزايد.
فمؤشر S&P 500 يتجه يوم الثلاثاء نحو رابع يوم من الانخفاضات المتتالية، في أطول سلسلة خسائر منذ أغسطس/ آب، كما تراجع المؤشر بنحو 3% عن منتصف الأسبوع الماضي.
وتتراجع أسهم شركات التكنولوجيا التي قادت مكاسب عام 2025، مع تزايد مخاوف المستثمرين من أن الذكاء الاصطناعي قد لا يحقق كل ما وُعِد به.
وقال براج خورانا، مدير المحافظ في شركة ويلينغتون مانجمنت: "هناك إشارات على وجود مشكلات في النمو، وهذا لا ينعكس في عوائد السندات"، وربما يكون هذا أحد أسباب تزايد حذر مستثمري الديون.
فقد اشترى مديرو صناديق الأموال عددًا كبيرًا من سندات التكنولوجيا في الأسابيع الأخيرة:
إذ باعت شركات "الحوسبة السحابية فائقة النطاق" سندات عالية الجودة بالدولار الأميركي بقيمة نحو 121 مليار دولار هذا العام، مقارنة بمتوسط 28 مليارًا سنويًا خلال السنوات الخمس الماضية، وفقًا لمحللين في بنك أوف أميركا.
وجاء نحو 81 مليار دولار من هذه الإصدارات منذ سبتمبر/ أيلول.
وقال برايان وونغ، مدير المحافظ في "كابيتال غروب": "هذا الحجم من الإصدارات أكبر بمقدار هائل مما شهدناه في السنوات السابقة. السوق بدأت تتساءل: من سيكون الرابح، ومن الخاسر، وما هو العائد المتوقع من هذا الاستثمار؟".
وظهر حذر المستثمرين بوضوح في مبيعات السندات يوم الاثنين، حين باعت شركة أمازون سندات بقيمة 15 مليار دولار، وجذبت طلبات بلغت ذروتها عند 80 مليار دولار.
لكن بعد إعلان الأسعار، انخفضت الطلبات إلى نحو 47 مليار دولار، أي بانخفاض أكثر من 40%. عادة لا تتجاوز نسبة الانسحاب 20%. وقد شهدت ثلاثة إصدارات أخرى انخفاضات مماثلة.
وتوجد مؤشرات مبكرة أخرى على الخوف. فقد ارتفعت عوائد أدنى السندات تصنيفًا (CCC) إلى 10.38% يوم الاثنين، وهو الأعلى منذ أواخر أغسطس/ آب.
كما اتسعت هوامش المخاطر إلى أعلى مستوى منذ نحو ثلاثة أشهر. وانخفض مؤشر Markit CDX للسندات عالية المخاطر إلى نحو 106.4، وهو أدنى مستوى منذ يونيو.
كمذلك تراجعت سندات أصدرتها شركة Applied Digital Corp. بقيمة 2.35 مليار دولار تستحق خلال خمس سنوات إلى 94 سنتًا للدولار، قبل أن تصعد إلى نحو 96 سنتًا. وقد بيعت في البداية عند 97 سنتًا.
ورغم هذه الإشارات، بلغ متوسط هامش عائد سندات الشركات الأميركية ذات الدرجة الاستثمارية 0.83 نقطة مئوية (83 نقطة أساس) يوم الاثنين، وفقًا لبيانات بلومبيرغ، وهو مستوى منخفض نسبيًا مقارنة بمتوسط العقد الماضي البالغ 1.17 نقطة.
وبالنسبة لبعض المستثمرين، هذه هي المشكلة: تقييمات السندات ما زالت مرتفعة لدرجة أنها لا تقدم فرصًا كبيرة لتحقيق مكاسب.
وقال مايكل كيلي؛ رئيس إدارة الأصول المتعددة في PineBridge: "نحصل على عائد منخفض للغاية من هوامش السندات، لدرجة أننا ببساطة غير مهتمين. نحن نعيش في عالم تكنولوجي مضطرب وسريع التغير".