أميركا باقية في سوريا... كُرمى لإسرائيل
الرأي الثالث - الأخبار
مدّدت الولايات المتحدة حالة الطوارئ المتعلقة بسوريا، حيث ستُبقي على ما يبدو على قواعدها غير الشرعية المنتشرة بين منطقتَي شرق الفرات والتنف عند المثلث الحدودي مع العراق والأردن، وذلك بعدما نفت وجود أيّ ارتباط بين خطّتها للانسحاب مع العراق بحلول عام 2026، ووجودها العسكري في سوريا.
وأشار قرار تمديد «حالة الطوارئ» الذي أعلن عنه البيت الأبيض، أول من أمس، بشكل غير مباشر، إلى الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، ودور القوات الأميركية في سوريا، حين اعتبر أن «التطورات الأمنية تشكّل تهديداً غير عادي واستثنائي على الأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة. ولهذا السبب، يجب أن تستمر حالة الطوارئ الوطنية لعام آخر».
وزعم أن «الوضع في سوريا وفي ما يتّصل بها، يقوّض الحملة الرامية إلى هزيمة تنظيم (الدولة)، ويعرّض المدنيين للخطر، ويهدّد بتقويض السلام والأمن والاستقرار في المنطقة».
وليست حالة الطوارئ هذه أمراً جديداً على سوريا، إذ يعود تاريخ إقرارها إلى عام 2003، حين كان الأميركيون يتذرعون بالوجود العسكري السوري في لبنان، قبل أن تقوم واشنطن، عام 2006، بإدخال تعديلات عليها، وتوسعتها لاحقاً في عام 2011.
وفي عام 2019، فرضت أميركا حالة طوارئ جديدة متّصلة هذه المرة بمحاربة الإرهاب (تنظيم داعش)، وهو ما ظلّلت به وجودها العسكري على الأرض السورية، حيث قبضت على موارد البلاد النفطية (مناطق الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد شرق الفرات)،
وتموضعت في منطقة التنف التي تلعب دوراً بارزاً في تأمين إسرائيل، كونها توفّر لها قدرات استطلاعية مستمرة على الأراضي السورية، ومساحة للاختراق الجوي إلى البلاد، بالإضافة إلى محاولة قطع طرق إمداد المقاومة عبر الإشراف على طريق طهران - بغداد - بيروت.
وتستثمر الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا للضغط المستمر على حكومة هذا البلد، وعلى تركيا (عبر دعم الأكراد)، إضافة إلى عرقلة أيّ انفراجة سياسية في الأزمة السورية،
علماً أن فاتورة بقائها العسكري في هذا البلد بدأت ترتفع بعد السابع من أكتوبر، على وقع عمليات المقاومة ضد قواعدها العسكرية.
وفي موازاة إعلانها تمديد «حالة الطوارئ»، نقلت وسائل إعلام كردية عن الخارجية الأميركية، تأكيدها عدم ارتباط ملف وجودها في سوريا بالملف العراقي، وتمسكها بالبقاء في الأخيرة، بحجة محاربة الإرهاب.
ويأتي ذلك في إطار التطمينات المستمرّة للأكراد، بعدما أثار قرار جدولة انسحاب القوات الأميركية من العراق، قلق الإدارة الذاتية.
وفي هذا السياق، ترى مصادر كردية ، أنه وعلى الرغم من التطمينات الأميركية، ثمة حالة يقين في الأوساط الكردية بأن واشنطن متمسّكة بالبقاء في التنف، وليس في شرق الفرات، حيث قد تخرج وفق تفاهمات سياسية، أو بسبب تطورات ميدانية أو سياسية إقليمية، خصوصاً وأن بقاء هذه القوات سيصبح مع الانسحاب من العراق تحت الخطر.
وترى المصادر أن القرار الأميركي الأخير يوفّر للأكراد سنة جديدة يمكن خلالها التوصّل إلى اتفاق يمنع إنهاء مشروع «الإدارة الذاتية»، والذي يعيش على وقع تهديد وجودي في ظلّ محاولات التقارب السوري - التركي بدعم روسي - إيراني.
وإلى جانب الدور الكبير الذي تلعبه القوات الأميركية المتمركزة في التنف، دعماً لإسرائيل، فإنها تقدّم الدعم لتنظيم «داعش» عبر هذه القاعدة التي تمثّل بوابة جنوبية نحو البادية السورية، حيث تنشط خلايا التنظيم الذي أعلن في آخر حصيلة له، شنّ ثلاث هجمات خلال الأسبوع الماضي.
ومع ذلك، تمثّل تلك الحصيلة تراجعاً في نشاط الجماعة الإرهابية بعد حملة سورية - روسية مشتركة استهدفت نقاط تمركز بعض خلاياها، من بينها أربعة مواقع أعلنت روسيا تدميرها قرب قاعدة التنف الأميركية.
علاء حلبي