الرئيس الجزائري: سنطبع مع إسرائيل حال قيام دولة فلسطينية
الرأي الثالث - وكالات
قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إن بلاده مستعدة لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل في اليوم الذي تقوم فيه دولة فلسطينية كاملة.
وأضاف تبون، في حوار مع صحيفة لوبينيون الفرنسية نشر الليلة، أن "هذا يسير في اتجاه موقف أسلافي الرئيسين الشاذلي وبوتفليقة، وقد شرحوا بالفعل أنه ليس لديهم مشكلة مع إسرائيل. همنا الوحيد هو إقامة الدولة الفلسطينية".
وسبق لتبون أن قال إن الجزائر لا مشكلة لها مع إسرائيل، إلا لكونها دولة احتلال تمنع قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
وعلى صعيد آخر، كشف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أنه سبق أن وجه تحذيرات إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بشأن تغيير موقف باريس حول النزاع في الصحراء.
وأوضح تبون: "حذرتُ الرئيس ماكرون أنه سيرتكب خطأ فادحًا في قضية الصحراء الغربية"، بالنظر إلى أن فرنسا عضو في مجلس الأمن المعني بالقضية في إطار الأمم المتحدة،
وكان تبون يشير إلى التداعيات السلبية للقرار الفرنسي في يوليو/تموز 2024، والقاضي بتغيير موقفه إلى دعم مبادرة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء.
وأكد تبون، تعليقا على الأزمة الدبلوماسية الحادة بين الجزائر وفرنسا، أنه لا يسعى ولا يريد القطيعة مع فرنسا، ودعا إلى عدم إخفاء أي شيء في ما يتعلق بالتعاون بين البلدين، في مجال الذاكرة والتاريخ، معبرا عن أسفه لما وصفه بـ"المناخ غير الإيجابي ونحن نضيع الوقت"،
مشيراً إلى أن "وزير الداخلية برونو ريتيلو أراد القيام بانقلاب سياسي، عبر طرد المؤثر الجزائري (بوعلام) دوالمن"، والذي رفضت الجزائر استقباله قبل أسبوعين،
واضطرت باريس إلى إعادته ووضعه في مركز توقيف مؤقت لحين محاكمته في 24 فبراير/شباط الجاري، وقبل يومين ألغى القضاء الفرنسي قرار الداخلية بطرده.
وانتقد الرئيس الجزائري في السياق منح باريس "الجنسية أو حق اللجوء" لعدد من الجزائريين من النشطاء والمعارضين للسلطة، ممن تصفهم السلطات الجزائرية بـ"المجرمين والمخربين"، والذين تطالب الجزائر باريس بتسليمهم للقضاء الجزائري،
وتصنفهم في اللائحة الوطنية للإرهاب. ودان تبون استغلال اليمين الفرنسي لورقة اتفاقية عام 1968 التي تخص الهجرة وتنقل الأشخاص، ووصفها بأنها "قوقعة فارغة لحشد المتطرفين"، في إشارة منه إلى أن المراجعات الثلاث التي تمت لهذه الاتفاقيات لم تبق للجزائريين أية امتيازات جدية، مقارنة بباقي المهاجرين من دول أخرى.
وبشأن قضية الكاتب بوعلام صنصال، أكد الرئيس الجزائري أنه يستطيع التواصل مع عائلته ويخضع للعلاج وسيحاكم خلال المدة المحددة" دون التعليق على عفو محتمل،
مشيرا إلى أن قضية صنصال، تمثل مشكلة لأولئك الذين أنشأوها فقط، وتمثل قضية صنصال وجها من وجوه الأزمة مع باريس، والتي تسعى إلى التدخل في قضية صنصال بزعم أنه يملك جنسية فرنسية ثانية، منذ اعتقاله منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، على خلفية تصريحات اعتبرها القضاء الجزائري مساسا بالوحدة الوطنية.
في سياق آخر، شجب تبون حملة سياسية وإعلامية يتعرض لها المسجد الكبير في باريس، من قبل اليمين المتطرف، مجددا دعمه لعميد مسجد باريس شمس الدين حفيز.
كما جدد الرئيس تبون عزم الجزائر الحفاظ على علاقات متوازنة بين كل القوى المحورية في العالم.
وأضاف: "منذ استقلالنا وحتى يومنا هذا، كان لدينا دائمًا محور أساسي في السياسة الخارجية،عدم الانحياز. منذ أيام، استقبلت الجزائر أعضاء الحكومة الروسية وجرت تبادلات أمنية ودبلوماسية، واستقبلت على أعلى مستوى مع الولايات المتحدة وفدا من حلف شمال الأطلسي، ولدينا علاقات ممتازة مع جميع دول البحر الأبيض المتوسط.
نحن قوة استقرار في أفريقيا، لذلك عندما يقول بعض السياسيين الفرنسيين إن الجزائر بلد معزول، فإن هذا يجعلنا نضحك".
وحول أزمة العلاقات والقطيعة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب، قال الرئيس تبون: "نحن للأسف في رد الفعل"، مشيرا إلى أن قرار "حظر الرحلات الجوية من مجالنا الجوي لأن المغرب يجري مناورات عسكرية مشتركة مع الجيش الإسرائيلي على حدودنا، وهذا يتعارض مع سياسة حسن الجوار التي حاولنا دائما اتباعها".
وقال: "يتعين علينا وضع حد لهذا الوضع في يوم من الأيام".
ورداً على سؤال مبكر حول احتمال بقائه في السلطة بعد نهاية ولايته الثانية في عام 2029، قال تبون: "ليس لدي أي نية للبقاء في السلطة وسأحترم الدستور الجزائري"،
حيث يمنع الدستور الجزائري الترشح لولاية رئاسية ثالثة ويحدد العهدات الرئاسية بعهدتين فقط، ما يغلق الباب مبكرا أمام كل التأويلات السياسية التي تلمح إلى إمكانية أن يجد الرئيس تبون سبيلا إلى تعديل الدستور لفتح العهدات الرئاسية، على غرار ما فعل الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة عام 2008.
إلى ذلك، رد أكبر أحزاب المعارضة السياسية والإسلامية في الجزائر، سريعا، على تصريحات تبون بشأن التطبيع مع إسرائيل.
وأصدرت حركة مجتمع السلم، الأحد، بيانا أعلنت فيه "رفضها التام لكل مشاريع التسوية والتطبيع مع الكيان الصهيوني المعتدي، والتي سبق لرئيس الجمهورية أن وصفها بالهرولة المرفوضة نحو التطبيع مع معتدٍ غاشم لا يعترف بحق الشعب الفلسطيني ويسعى إلى تصفية قضيته وتهويد مقدسات الأمة".
وأكدت الحركة أنه "في ظل المحاولات المشبوهة والضغوط الممارسة من طرف حلفاء الكيان الصهيوني وخاصة أميركا الراعية لأمنه وتوسعه،
والصمت الدولي المتكالب على القضية الفلسطينية لجرّ الدول الصامدة ومنها الجزائر إلى مستنقع التطبيع مع الكيان، والرضوخ للضغوط السياسية والإعلامية الهادفة إلى اختراق المواقف السياسية والدبلوماسية الثابتة والمبدئية للدولة الجزائرية تجاه القضية الفلسطينية، فإنه يتحتم على الجزائر الثبات والاستمرار في الموقف الرافض للتطبيع والمنحاز إلى الحق الفلسطيني والمنتصر لقضيته العادلة".