الخارجية الإيرانية: لا هدف لنا في محادثات مسقط سوى تأمين مصالحنا الوطنية.
الدول تُبنى وتُدار على أساس المصالح، وفي مقدمتها المصالح الوطنية. وإيران، كما أكدت وزارة خارجيتها، لا يهمها سوى تحقيق مصالحها القومية، وتتعامل في محادثات مسقط مع الأمريكيين كوسيلة لتثبيت تلك المصالح.
أما ما دون ذلك من شعارات أو أدوات، فهي مجرد وسائل تُسخّر لخدمة هذا الهدف، دون اكتراث لما قد ينتج عنها من دمار أو حصار أو معاناة لشعوب المنطقة، ما دامت مصلحة الدولة الإيرانية محفوظة.
ليس من العيب أن تسعى الدول لتحقيق مصالحها، بل هذا جوهر العمل السياسي. فالسياسة هي لعبة المصالح وفن الممكن، ولا مكان فيها للعواطف.
وعندما تمتلك دولة ما فائضًا في القوة، وتجد أن محيطها الإقليمي يعاني الضعف والانقسام، فإن من حقها (وفق منطق القوة ) أن تُصدّر فائض قوتها وتستغل هشاشة الجوار كورقة ضغط على خصومها، مقابل مكاسب وطنية واستراتيجية.
المشكلة الحقيقية لا تكمن في الدولة التي تستغلك لتحقيق أهدافها، بل في أولئك الذين ارتضوا أن يكونوا أوراقًا سياسية في يدها.
أدوات تُستخدم متى شاءت، وتُقدَّم قرابين عند الحاجة. هؤلاء الذين تحولوا إلى أذرع بيد قوى إقليمية، يُستعملون كأوراق تفاوضية يمكن التنازل عنها أو حرقها حين تقتضي المصلحة.
هل يدرك أولئك الدخلاء على السياسة، الذين فرضوا أنفسهم بقوة الحديد والنار، أنهم ليسوا أكثر من بيادق تُحرَّك ضمن صفقات كبرى؟ هل يعلمون أنهم مجرد أدوات تستخدمها القوى الإقليمية لتحسين شروط تفاوضها مع القوى الكبرى؟
لقد قبلت الدولة الإقليمية (التي تتفاخر "بالممانعة" ) العودة إلى طاولة المفاوضات، وأذعنت لشروط الدولة العظمى، لأنها تدرك أن التمترس خلف السياسات المغلقة قد يجر عليها حربًا كبرى تقضي على ما بنته منذ قيام ثورتها. فاختارت التفاوض لأنه السبيل الأضمن لحماية مصالحها ومكتسباتها.
أما نحن، فنكابر. وندفع ببلادنا نحو صراعات دولية لا ناقة لنا فيها ولا جمل، ونغرق شعوبنا في الحروب، بينما نتجاهل أن المصلحة الوطنية يجب أن تعلو على كل الاعتبارات، سواء كانت دينية أو طائفية.
الدول تُقاس بقدرتها على حماية أمنها، واستقرارها، وتوفير الحياة الكريمة لشعوبها. أما تحويل الشعوب إلى وقود لحروب الآخرين، فليس من الوطنية في شيء.
* دبلوماسي وسياسي يمني