إعلام الإصلاح الإخواني في اليمن من هندسة الرأي إلى تزييف الوعي
في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها الإعلام اليمني استطاع حزب الإصلاح الإخواني أن يوظف الوسائط الرقمية الحديثة لفرض رؤيته السياسية والتأثير على الرأي العام من خلال هيمنة شبه كاملة على وسائل التواصل الاجتماعي والبودكاست والمساحات الصوتية عبر منصة إكس ..
حيث شكّلت هذه المنصات ساحة بديلة للإعلام الرسمي ومجالًا واسعًا لإعادة إنتاج الخطاب الإخواني بأساليب جديدة وفاعلة..
منذ سنوات كثّف الحزب حضوره في الفضاء الرقمي عبر بناء شبكة واسعة من الحسابات والمنصات والإعلاميين والناشطين الذين يروّجون لخطابه ويوجهون النقاشات العامة بما يخدم مصالحه السياسية والدينية..
وغالبًا ما تظهر نفس الوجوه والأسماء في المساحات والبرامج الصوتية حيث يديرون الحوار ويختارون الضيوف بما يتماشى مع توجهاتهم ويتم استبعاد أو إقصاء الأصوات المعارضة أو المستقلة بصورة ممنهجة.
تُصاغ السرديات المطروحة في هذه المنصات بطريقة تعكس موقف الحزب وتقدم رؤيته بوصفها الحقيقة الوحيدة بينما يتم تشويه أو تحريف مواقف الخصوم واتهامهم بالخيانة أو العمالة أو الطائفية..
كما يتم استخدام أدوات التأثير النفسي واللغوي لاستثارة عواطف الجمهور وتغذية الانقسام والتعبئة ضد الآخر دون السماح بأي نقد داخلي أو مساءلة ذاتية.
يحرص إعلام الإصلاح على استضافة ضيوف يشاركونه الخلفية الفكرية أو الموقف السياسي وغالبًا ما يُقدَّمون على أنهم خبراء أو مستقلون رغم ارتباطهم العملي أو الأيديولوجي بالحزب..
ويتم منحهم المساحة الأكبر للحديث بينما تُهاجم أو تُقصى الشخصيات التي تمثل أطرافًا أخرى حتى في المساحات التي يُفترض بها أن تكون مفتوحة وحوارية.
لا يقتصر النشاط الإعلامي الإصلاحي على الداخل اليمني بل يمتد إلى الخارج من خلال فضائيات عربية ومراكز أبحاث ومنصات بودكاست تنتج محتوى يتبنى سردية الحزب ويُقدَّم بواجهة أكاديمية أو إعلامية محايدة ..
كما يتم توظيف التقارير الحقوقية والمداخلات الإعلامية ضمن استراتيجية مدروسة لتبييض صورة الحزب وترويج رؤيته دوليًا في مقابل تشويه خصومه من خلال شبكات علاقات إقليمية ودعم مالي خارجي يهدف إلى تعزيز المشروع الإخواني في اليمن والمنطقة.
إن هذه الهيمنة الإعلامية تمثل خطرًا على التعددية السياسية والفكرية في اليمن وتسهم في تكريس خطاب الاستقطاب والاحتكار وتمنع نشوء فضاء عام حر ومتوازن يُعبّر عن مختلف الأطياف والآراء..
كما تعيق فرص الحوار الوطني الحقيقي وتعمّق الفجوة بين مكونات المجتمع اليمني في وقت يحتاج فيه البلد إلى إعلام مستقل ومسؤول يُسهم في إعادة بناء الثقة والسلم الأهلي بدلًا من توظيف المنصات الإعلامية كأدوات للإقصاء والسيطرة..
* سفير بوزارة الخارجية