"عقد من الانهيار" .. كيف تفاعل اليمنيون مع نكبة 21 سبتمبر؟
عشر سنوات مضت على انقلاب الـ21 من سبتمبر، ذلك اليوم المشؤوم الذي لا ينسى ، مع اساقط للدولة اليمنية.
في الذكرى العاشرة لأيلول الأسود أو يوم النكبة، تفاعل اليمنيون هذا العام بشكل لافت، مذكرين بالطابع السلالي العائلي الذي جعل اليمن يعيش أسوأ مرحلة في تاريخه السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي، منذ انطلاق العهد الجمهوري الذي تعاظم في نفوس اليمنيين عندما عاشوا نسخة الإعادة الإمامة القديمة الجديدة.
أفاق اليمنيون في الواحد والعشرين من سبتمبر 2014م على نكبة كبيرة أعادتهم عقودا إلى الوراء وأدخلتهم في حروب ودماء ودمار شامل للإنسان والبنيان، وقضت على دولتهم واستعانت بالخارج على حربهم، ودمرت المؤسسات والمكتسبات الوطنية بلا رحمة.
وتوالت ردود فعل اليمنيين على منصات التواصل الاجتماعي بشأن اليوم المشؤوم الذي حول يومياتهم إلى ما يشبه الأشغال الشاقة من الانقضاض على المؤسسات إلى تحويل اليمن الخاضعة إلى رهينة سياسية ومشروع جباية اقتصادية وكهنوت ديني سلالي تحت لافتة الدين، وجرعوا الشعب الويلات الكبار وشنوا حربًا على الاقتصاد؛ فأصبح المواطن لا يحصل على قوت يومه وهو الذي يعيش في بلد يمتلك العديد من الثروات.
يمنيون يصفون 21 من سبتمبر بأنه ذكرى إعادة نشر الجهل والتخلف والحرص على الأٌمية ونشر الشعوذة والقَطرَنة، والخَضرَنة، بالإضافة إلى الدجل والخُرافات وادعاء العِصمة والتمييز وإغراق الشعب اليمني مرة أخرى في وحل السيد والقبيلي والرفيع والوضيع والقنديل والزنبيل، والخادم والمخدوم.
بهذا الشأن يقول السياسي والدبلوماسي اليمني الدكتور ياسين سعيد نعمان إن "ذكرى ثورة 26 سبتمبر هذا العام تأتي ليكشف الحوثي بالدليل الملموس على أن معركته الحقيقية هي مع هذه الثورة".
وأضاف "لقد ظل يخفي هذه المعركة باستخدام عناوين مراوغة، راح من خلالها يصفي حساباته مع الثورة بأشكال مختلفة من الممارسات التصفوية الناعمة حيناً والعنيفة أحياناً كثيرة، وزاد من قناعته بأن معركته مع ثورة سبتمبر في طريقها إلى النهاية هو ذلك الانسحاب المثير للكثيرين، ممن عاشوا الرخاء في عهد سبتمبر، من مطارحها ليعيدوا ترتيب أوضاعهم في بوابات حراسة العهد الجديد للإمامة بصورة مباشرة أو عبر وسائط ظلت تعمل ليل نهار من مواقع سياسية وإجتماعية أبقت الأبواب مفتوحة أمام أي تطورات تأتي بها التسويات المرتقبة".
وتابع "لم يدرك الحوثي أن رهانه على هذه المتغيرات سيصطدم بدماء جديدة من الشباب أشد وفاءً لسبتمبر وأكثر استعداداً للتضحية من أجلها، مما يعني أن رهان المراوغة قد سقط، وأن عليه أن يخوض المعركة تحت عنوانها الحقيقي، أي مع ثورة سبتمبر مباشرة. ومن هذا المنطلق أقدمت آلته القمعية على اعتقال واختطاف العشرات من الشباب ممن قرروا الاحتفال بذكرى الثورة والزج بهم في السجون وأقبية التعذيب".
وأردف نعمان "لم يدرك الحوثي أن سبتمبر ليست مجرد منظومة سياسية واجتماعية، في صورة نظام لم يستطع أن يخوض تحديات متطلبات الثورة بنجاح، وهي المنظومة التي كانت قد قلبت ظهر المجن لروح وقيم الثورة، وإنما هي أصالة الشعب اليمني في رفضه للامامة ونظامها البغيض، الذي يريد الحوثي أن يجسده مجدداً على أرض اليمن موظفاً "المظلومية" التي قدم بها نفسه الناس في ظروف كانت الدولة فيها تواجه تحديات ضخمة بسبب ما لحق بالمنظومة السياسية والاجتماعية من مضاعفات الحروب، وصراعات السلطة، وعدم الثقة، والخوف من تآمرات الأجنحة ، والتدخلات الخارجية".
وأكد سفير اليمن لدى لندن أن اليمن لن يتوقف عند الخيار الذي تعمل المليشيات الحوثية على فرضه كمستقبل لليمن أياً كان شكله أو لونه أو طعمه، ومهما راوغ بتسويات تنطلق من معادلات الواقع الخائبة حتى اليوم، فلن يكون أمام اليمنيين من خيار سوى أن يحسموا أولاً معركة إعادة الاعتبار لسبتمبر وأكتوبر في نضالهم الوطني من أجل استعادة الدولة".
المحلل السياسي، عبدالناصر المودع كتب "سيسجل التاريخ أنه في يوم 21 سبتمبر 2014، حدثت أكبر خيانة في التاريخ اليمني، حيث تأمر رئيس دولة" هادي "عديم الأخلاق والوطنية والكفاءة، مع مليشيا عنصرية متخلفة لاحتلال عاصمة البلاد التي يحكمها. وقد شاركه في الخيانة والتواطؤ، مبعوث أممي تافه وربما فاسد، وكثيرا ممن كانوا محسوبين على اليمن نخب سياسية وفكرية".
وقال "فبعد أن سُلمت العاصمة للعصابة الحوثية تم استقبالهم، كما يستقبل الفاتحون في القصر الرئاسي، من قبل الرئيس الكارثة، والذي ظهر منتشيا وسعيدا بجريمته الكبرى".
وبحسب المودع فغنه لم يكن ذلك الفعل المشين إلا نتيجة لمخطط خبيث لتدمير الدولة اليمنية، تم من قبل الحزب الاشتراكي، وحزب الرابطة، منذ ما بعد الوحدة، وبدعم واضح وخفي من أطراف خارجية.
وأضاف "فالوحدة تمت بالضد من رغبة الحزب الاشتراكي؛ فقد وجد نفسه مضطرا لقبولها بعد أن اقتراحها علي سالم البيض، لتكون طوق نجاة له جنبته التصفية من قبل رفاقه المشهود لهم بقتل قادتهم. وما أن أدرك الحزب بتراجع مكانته في الجمهورية اليمنية، حتى راح يخطط لتدميرها وهو ما تم له فيما بعد".
وطبقا للمحلل السياسي "أما الحوثي فإنه كان ولا زال أداة لتدمير الدولة اليمنية، وهي الوظيفة الوحيدة التي يتقنها".
الكاتب الصحفي، نبيل سبيع، تساءل: إذا كانت نَثْرَة 21 سبتمبر هي من أنقذت اليمن من الضياع، فمَنْ أضاع وضيَّعَ اليمن جُمْلَةً وتفصيلا؟
وقال ساخرا "لو سمحتوا، ممكن ترجّعوا لنا ضياعنا الجميل والرائع الذي أنقذتونا منه يا أنصار النَّثرَة الإمامية الكبرى، محتاجين شوية ضياع من حق زمان لو سمحتوا".
الكاتب مطيع دماج علق بالقول "حتى الابد ، ستحمل صنعاء ذكرى هذا اليوم كخجل عميق، هذا يوم لا للفرح ولا للحزن، هذا يوم للعار".
بدوره قال الكاتب الصجفي، فتحي بن لزرق، ليس من العدل تسمية ما حدث في اليمن في الـ 21 من سبتمبر 2014 "انقلابا"، تحدث الانقلابات حول العالم فيظل صرف المرتبات وتظل الأحزاب ويظل الدستور ولا يفر الشعب ويبقى الجيش والبلد".
وأضاف "في اليمن حدث الانقلاب فغابت كل هذه الأشياء دفعة واحدة، فر الشعب ربعه أو أكثره، انعدمت الخدمات وحُجبت الرواتب وعاد زمن السادة والعبيد، قُطعت الطرقات، نهبت الحقوق، صودرت حرية الناس".
وتابع "رغم ذلك نسميه انقلابا ونظلم الانقلاب"، مستدركا بالقول "أعطني إنجازا واحدا حققه انقلاب الـ 21 من سبتمبر"، هل شق طريقا؟ هل فتح مدرسة؟ هل صرف مرتبا؟ هل وفر خدمة للناس..!؟ هل خفض أسعارا ؟ هل أشاع حرية؟ هل هدم سجناً؟ هل بنى مستشفى للناس؟
وأكد "لا شيء من هذا، فعلام تسمونه انقلابا، لا تسيئون للانقلابات رجاء، ليكن نكبة، نكسة، مأساة، طاعون ، لكنه ليس انقلابا ولن يكون"، حد قوله.
الناشط إبراهيم الاغبس كتب "أتعرفون قهر الرجال؟ نكبة ونثرة 21 سبتمبر ؛ واحدة من أشد أنواع القهر التي عاشها اليمنيون الجمهوريون الأحرار تلك الليلة ولا زالت".
الكاتب توفيق السامعي يرى أن 21 سبتمبر، نكبة اليمن وعودة الرسيين لغزوها وقال "لم يكن انقلاب المليشيات الحوثية الإرهابية على الدولة في يوم 21 سبتمبر من عام 2014، كما هو معلوم للجميع، فذلك اليوم لم يكن إلا غزو العاصمة وإسقاط الدولة بشكل نهائي؛ بل لقد كان انقلابهم على الدولة منذ أول يوم للحرب الأولى في صعدة عام 2004."
وأضاف "تلك هي البداية والانطلاقة الحقيقية للانقلاب، وسيطرتهم على محافظة صعدة في 20 مارس 2011 هي حجر الأساس للانطلاق نحو العاصمة صنعاء للانقلاب على الدولة؛ فعندي إن الدولة سقطت عند سقوط صعدة في مارس عام 2011".
وتابع "مثل سيطرة المليشيا الحوثية على صعدة عام 2011 أنموذجاً ينطلقون على إثره إلى بقية اليمن، شجعهم تراخي الدولة وصراعات مكوناتها على خطواتها الانقلابية النهائية، وهو ما سيكررونه تالياً في عمران والجوف وصنعاء، ثم بقية المحافظات".
وقال السامعي "وأنا أشاهد دخول المليشيا الحوثية إلى صنعاء يوم 21سبتمبر 2014 برز أمامي شبح دخولها من قبل عناصر ومرتزقة وقبائل الإمام أحمد عام 1948، فقد كان دخولاً رهيباً وهمجياً، يقضي على الأخضر واليابس، وتم نهب العاصمة صنعاء نهباً ذريعاً، وخراب بيوتها، وقتل الناس في الشوارع والاستيلاء على ممتلكاتهم".
وتابع "هي ذات الخطوة الحوثية كنسخة مُحدّثة لمن لم يعرف ما جرى لصنعاء عام 1948، فقط اليوم موثقة بالصوت والصورة، وبالأمس لم يكن هناك إعلام يوثق".
واستدرك السامعي "من يقرأ تاريخ الإمامة يشعر بكل ذلك الإجرام، وهو ما شعرنا به قبل غزو المليشيا الحوثية صنعاء بأعوام، وقد تحدثت عن ذلك في دراسات مختلفة لصحيفة، ومنها دراسة بعنوان (الحصار الثلاثون لصنعاء)، فأعادت صورة دخولهم صنعاء بتلك الصورة الغجرية والوحشية صوراً شتى من دخولهم مناطق اليمن ونهبها وتدمير قراها وحرق مزارعها وقتل وتشريد أبنائها".