الرمان... ثروة اليمن الزراعية الواعدة العابرة للحدود
خلال موسم الرمان أو "الثمر الأحمر" الذي يمتد من يوليو (تموز) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام تزخر الأسواق اليمنية بأصناف فاخرة منه وبأسعار تنافسية، مما يوفر فرصاً اقتصادية كبيرة لآلاف الأسر في البلاد التي تعاني آثار الحرب.
ويلاحظ المتجول خلال هذه الفترة وفرة الثمر الأحمر في المحال والأسواق الشعبية وحتى السيارات المتنقلة، إذ يعمل التجار والمزارعون على تصديره إلى أسواق دولية.
"البلاد السعيدة"
ويشتهر اليمن منذ القدم بإنتاج أصناف متنوعة من الرمان. وعرفت قديماً بـ"البلاد السعيدة" وذلك بسبب توافر خيراتها وجودة ثمارها وتنوع محاصيلها الزراعية.
ويشكل الرمان مصدر رزق مهم لآلاف الأسر اليمنية خصوصاً في مناطق زراعته المنتشرة في 15 نقطة جغرافية داخل البلاد تتصدرها صعدة في شمال البلاد، إذ يوفر فرص عمل لنحو خمسة في المئة من سكان المحافظة الحدودية مع السعودية.
أسعار تنافسية
ووفقاً للمزارع اليمني محمد الصعدي فإن "أسعار الرمان تتفاوت حسب الجودة والنوع".
وأوضح في حديثه أنه في بداية الموسم يكون سعر الكيلو الواحد من الرمان الصعدي الخازمي 500 ريال يمني (دولار واحد)، بحسب سعر صرف مناطق الحوثيين،
ومع انتهاء الموسم الذي يتزامن مع حلول شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، يتضاعف سعره إلى 1000 ريال يمني (دولارين)، وذلك بسبب تناقص الكميات في الأسواق المحلية وزيادة الطلب والإقبال عليه.
وبدوره، قال الصعدي إن "حركة البيع والشراء في الموسم الحالي أفضل بكثير من الموسم السابق" وإنه حقق أرباحاً جيدة.
مواطن الرمان
يزرع الرمان في المناطق ذات الطقس البارد المعتدل، وتعد مناطق صعدة (شمال البلاد) الأكثر إنتاجاً لمحصول الرمان حيث تستحوذ وحدها بما نسبته 80 في المئة، يليها محافظات عمران وذمار والحدا التي تقع شمال وجنوب صنعاء.
وأن هناك شواهد على زراعته بكميات قليلة جداً في نقاط مختلفة من الجغرافيا اليمنية منها تعز وصبر جنوب صنعاء، وبعض مناطق أبين جنوب البلاد.
ويرى متخصصون أن الرمان اليمني يواجه تحديات كثيرة منها إهمال العمليات الزراعية الملازمة لعملية نمو المحصول، والآفات الحشرية وعدم التسويق الجيد وانتشار زراعة القات ونقص التبريد والتخزين.
أنواع الرمان
وبحسب موقع "حلم أخضر" المتخصص في قضايا البيئة فإنه ومنذ عقود طويلة ثمانية أصناف من الرمان تزرع في اليمن منها، الخازمي والليسي والطايفي والبلدي والفحصم.
ويعد الرمان الصعدي "الخازمي" من أجود الأنواع المحلية، ويتم تصديره إلى خارج البلاد وتمتاز حباته بلون أحمر وحجم كبير وتكون نسبة اللب فيه عالية، أما قشرته الخارجية فهي صفراء فاتحة تتخللها نقاط حمراء.
ويعد الرمان "الأسود" من الأنواع النادرة على مستوى اليمن وهو رمان صحي ذو قيمة غذائية وطبية عالية، ويخصص لمرضى السكر. ويمتاز بحباته الحمراء المائلة إلى البياض ومذاقه المر، أما قشرته الخارجية فتكون حمراء داكنة مائلة إلى السواد ويزرع في صعدة.
ويزرع الرمان "الليسي" وهو صنف حامض في محافظات يمنية متعددة منها صعدة وصنعاء، ويزرع "العرقبي" في ذمار والحدا ويزرع "الطائفي" في مناطق البيضاء ورداع، أما الرمان "الخضراواتي" فتتم زراعته في تعز وصبر.
ووفقاً للمعلومات المتداولة حديثاً يصدر اليمن نحو 57 ألف طن من الرمان إلى الأسواق الخارجية، بما في ذلك الأسواق الخليجية والعراق وتركيا.
ويجري حالياً البحث عن أسواق جديدة عالمية لاستيعاب التدفق المتزايد للمنتج وبخاصة في ظل وفرة محصول الرمان والتوسع الملحوظ في الأنشطة الزراعية.
طموحات التسويق وتحديات التصدير
وقال مدير التسويق الخارجي للصادرات الزراعية اليمنية نايف عاطف إن "جهوداً كبيرة تبذل لإيصال الرمان بصورة تليق بجودته إلى دول العالم، وذلك لمنح فرصة لعشاق الفاكهة لتجربة ألذ أنواع الرمان في العالم".
وأضاف أن "الموسم الحالي كان أفضل من الموسم السابق إذ جرى التسويق للرمان اليمني بصورة جيدة، وزادت كمية الطلب عليه ووصل إلى أسواق جديدة".
وفي المقابل، يرى متخصصون أن عملية تصدير الرمان اليمني لا تزال في حاجة كبيرة لتجاوز العشوائية الحاصلة من خلال تنظيم عمليات التصدير بآليات ووسائل حديثه بما يخدم في رفع سعره في الدول التي يصل إليها.
ويعد الرمان ثروة اليمن الزراعية الواعدة، ومع ذلك يحتاج إلى دعم أكبر من الجهات الرسمية من خلال توفير التمويل اللازم لتطوير هذا القطاع وتقديم الدعم للمزارعين وتحسين البنية التحتية للتصدير، مما يعزز من حضوره ومكانته في الأسواق المحلية والعالمية.
وينتج اليمن من الرمان ما يزيد على 70 ألف طن سنوياً، في حين تشير تقارير سابقة صادرة عن إدارة الإرشاد الزراعي التابع لوزارة الزراعة اليمنية أن المساحة المزروعة للرمان تقدر بنسبة ثلاثة في المئة، أي ما يعادل 2.685 ألف هكتار من إجمال المساحة المزروعة لجميع الفاكهة.
محمد الخطيب - صحافي يمني