
تضارب القرارات بين فرعي البنك المركزي اليمني
حذر البنك المركزي التابع للحوثيين في صنعاء، البنوك وشركات الصرافة من تقديم أي طلبات للمصارفة أو تحويل قيمة السلع المستوردة إلى البنك المركزي في عدن، وفي حال حصول ذلك، تُتَّخَذ الإجراءات القانونية تجاه المخالفين.
وأثارت قرارات البنك المركزي الحكومي في عدن المتعلقة بإنشاء لجنة خاصة بتنظيم الاستيراد وتمويله، غضب سلطة صنعاء التي قالت إنها تأتي في إطار استمرار التصعيد الاقتصادي من قبل الحكومة في عدن، المتمثل بفرض قيود وأعباء إضافية في إطار الحصار على استيراد السلع.
وبينما يرى مراقبون ومعنيون أن إجراءات البنك المركزي في عدن حققت أحد أهدافها بعزل صنعاء ومحاصرتها مالياً وتجارياً ومصرفياً.
وفي إطار الصراع الاقتصادي المحتدم بين الطرفين، أكد الباحث المصرفي علي التويتي، أن الجهات المختصة التي تصدر القرارات في الحكومة بعدن تجهل كيف تمر الدورة النقدية، وعبر مَن، لذا هناك تخبط، وتناقض بين قرار وآخر.
وفي تعميم موجه إلى البنوك وشركات الصرافة كافة، العاملة في مناطق نفوذ الحوثيين، شدد بنك صنعاء على منع البنوك أو الشركات من تقديم أي طلب إلى أي جهة أو كيان في مناطق نفوذ الحكومة المعترف بها دولياً نيابة عن أي مستورد للحصول على موافقة بمصارفة وتحويل قيمة أي سلع واردة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة سلطة صنعاء.
وأشار المصرفي علي التويتي، إلى أن ما ورد في تعميم بنك صنعاء أمر طبيعي للغاية، فكلّ بنك يجب أن يمول قيمة السلع للتجار في منطقته، مشيراً إلى أن هناك أرصدة كبيرة في الخارج للصرافين لا تستدعي من التجار والمستوردين الذهاب إلى عدن لتمويل وارداتهم، بحيث يموّلها هو من الأرصدة التي يمتلكها في الخارج.
وكانت اللجنة الحكومية لتنظيم وتمويل الاستيراد في عدن، قد أعلنت الأحد 17 أغسطس/ آب، أول إجراء للمصارفة بموافقتها على 91 طلب استيراد بقيمة تصل إلى نحو 39.6 مليون دولار خلال الفترة 10 و14 أغسطس/ آب،
وذلك عبر 15 بنكاً وثلاث شركات صرافة، ضمن الآلية الجديدة الملزمة باستيراد السلع عبر النظام البنكي المعتمد في مناطق إدارة الحكومة المعترف بها دولياً.
ودعا اقتصاديون ومعنيون في صنعاء الحكومة في عدن إلى مراجعة سياساتها التي وصلت إلى حد إلزام البنوك وشركات الصرافة بتوريد عائداتها وأموالها والسيولة المالية يومياً إلى البنك في عدن، فما يجري محاولة للتحكم وخنق الأسواق والقطاع والاقتصاد الوطني.
وقال الباحث الاقتصادي في صنعاء رشيد الحداد، إن هناك إنحرافاً في ما يُسمى وفق تعبيره بالإصلاحات الاقتصادية في عدن، وأصبحت وسيلة للتصعيد الاقتصادي ضد اليمنيين، وضد القطاع الخاص الموجود في نطاق سلطة صنعاء.
وأشار إلى أنّ القطاع الخاص في مناطق نفوذ صنعاء يمول سوقاً كبيرة جداً يزيد حجمها على 77%، ومعظم مستورداتهم وبضائعهم تُسوَّق في مناطق سيطرة سلطة صنعاء.
فيما لا يزال ميزان المدفوعات السابق في صنعاء ثابتاً لم يتغير، حيث يجري الاستيراد عبر قنوات مصرفية من صنعاء دون عدن.
لذا، من الأجدى أن لا تطاول هذه الإجراءات القطاع الخاص، حيث لا تستطيع الحكومة في عدن تمويل مشتريات اليمنيين. وأكد الحداد أنّ مشتريات اليمنيين تصل شهرياً إلى ما بين 500 إلى 700 مليون دولار،
إذ استهلك السوق اليمني ما قيمته أكثر من 8 مليارات دولار خلال السنوات الماضية، وذلك لتغطية احتياجات ما يزيد على 40 مليون نسمة، إذ يعتبر اليمن من أقل الدول التي تستورد احتياجاتها بهذه الفاتورة.
واعتبر أنّ على الحكومة في عدن مراجعة سياساتها التي وصلت إلى حد إلزام البنوك وشركات الصرافة بتوريد عائداتها وأموالها والسيولة المالية يومياً إلى البنك في عدن،
فما يجري محاولة للتحكم وخنق القطاع المصرفي والاقتصاد الوطني، وكذا محاولة لخنق السوق بالسلع والمنتجات، وخلق أزمة تمويل من جانب، والتسبب بأزمة تموينية من جانب آخر،
فالموضوع أصبح عبارة عن تصعيد اقتصادي سيكون له تداعيات سلبية تطاول ملايين اليمنيين، وسيدفع صنعاء وفق حديث الحداد إلى القيام بتصعيد مماثل قد لا يتوقف عند حدود الجانب الاقتصادي والمصرفي، لأنّ ما يحدث يمسّ لقمة عيش جميع اليمنيين.
محمد راجح