الرضاعة الطبيعية تحمي من الوفاة وتمنح المواليد المناعة ضد الأمراض
أحدث دراسة تناولت فوائد الرضاعة للرضيع والأم، أوضحت أن الرضاعة الطبيعية يمكن أن تساهم في إنقاذ حياة الرضع من خطر الوفاة بسبب «متلازمة موت الرضع المفاجئ (SIDS)»، والوفاة عموماً، نتيجة للإصابة بأمراض شديدة الخطورة يمكن أن تنهي حياة الرضيع.
ونُشرت الدراسة في بداية شهر أغسطس (آب) الحالي بالنسخة الإلكترونية من «المجلة الأميركية للطب الوقائي (the American Journal of Preventive Medicine)».
- خفض عدد الوفيات
تتبع الباحثون بيانات نحو 10 ملايين من الرضع الأميركيين الذين وُلدوا بين عامي 2016 و 2018 في معظم الولايات الأميركية، من إحصاءات «مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)»، ووجدوا أن الرضاعة الطبيعية ساهمت بشكل كبير في خفض وفيات الرضع في السنة الأولى من حياتهم بنسبة تصل إلى 33 في المائة. وربما يكون ذلك بسبب دورها الكبير في منح الأطفال مناعة تحميهم من الإصابة بالأمراض الحادة والمزمنة؛ سواء الناتجة عن العدوى، وأمراض التمثيل الغذائي والبدانة والسكري.
أوضح الباحثون أن الرضاعة الطبيعية لأي مدة مهما كانت قصيرة خلال أول شهرين بعد الولادة تقلل من خطر حدوث «متلازمة موت الرضع المفاجئ (SIDS)» بنسبة تصل إلى 40 في المائة، وهذه النسبة يمكن أن تزيد لتصل إلى 60 في المائة إذا استُكملت الرضاعة لمدة تتراوح بين 4 و6 أشهر في العام الأول من عمر الطفل، خصوصاً لدى الأطفال المبتسرين (الخُدّج)، كما أنها تقلل بشكل كبير «التهاب القولون التقرحي (necrotizing enterocolitis)» وهو مرض خطر يهدد حياة الرضع.
أكد الباحثون أن فوائد حليب الأم التى تحمي من الموت لا تقتصر على قيمته الغذائية فقط أو الفوائد النفسية للأم والطفل الناتجة عن تلامس جلد الأم مع رضيعها، ولكن أيضاً تنشيط الجهاز المناعي للطفل نظراً إلى احتوائه على كثير من الأجسام المناعية المضادة «IgA» و«IgG» و«IgM» والميكروبيوم وكريات الدم البيضاء التي تدافع عن الجسم ضد أي غزو خارجي، وبذلك يتمكن الجهاز المناعي حديث التكوين من مقاومة أنواع العدوى المختلفة.
وأشارت الدراسة إلى أن التوصل إلى النتائج كان بعد تثبيت بقية العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً في الموت المبكر للأطفال، مثل العامل الجيني والعرقى، وعمر الأم، وإصابتها بأمراض معينة يمكن أن تؤدي إلى عيوب خلقية في الجنين تعجل من الوفاة، ودخل الأسرة.
وأيضاً وضع الباحثون في حساباتهم الموقع الجغرافي، والعامل البيئي، حتى يمكن الحكم بحيادية على نتائج التجربة والتركيز على عامل الرضاعة الطبيعية فقط.
- غذاء طبيعي
ووفق توصيات «الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (AAP)» و«منظمة الصحة العالمية (WHO)»، يجب أن تكون الرضاعة الطبيعية هي الغذاء الأساسي للرضع في أول 6 أشهر من الحياة؛ ما لم تكن هناك ضرورة طبية للاعتماد على الحليب الصناعي، مثل إصابة الأم بمرض معين (السل الرئوي) يمكن أن ينتقل لطفلها عبر الحليب، أو في حال تناولها أدوية معينة يمكن أن تؤثر على الرضيع بالسلب.
وبعد مدة الأشهر الستة تستمر الرضاعة الطبيعية مع الأغذية الأخرى بالتدريج، ويمكن أن تصل في بعض الأحيان إلى عامين كاملين.
وجدت الدراسة أنه كلما زادت مدة الرضاعة؛ زادت الحماية من الأمراض وقلّ خطر الوفاة. وعلى سبيل المثال، كانت الولايات الموجودة في شمال وشرق البلاد التي تحظى بعدد أكبر من الأمهات المرضعات، هي صاحبة النسبة الكبرى في الوقاية من خطر الموت بنسبة 44 في المائة، بينما انخفضت هذه النسبة لتصل إلى 21 في المائة فقط في ولايات الجنوب الشرقي حيث قل عدد الأمهات الجدد اللائي يرضعن أطفالهن.
نصحت الدراسة الأمهات بضرورة البدء في الرضاعة مبكراً كلما كان ذلك متاحاً؛ خصوصاً في الأسبوع الأول من عمر الطفل؛ لأن مخزون الحليب يتكون بشكل أساسي في أول 4 أسابيع بعد الولادة. وتبعاً لإحصاءات «الأكاديمية الأميركية»؛ فإن عدم الرضاعة الطبيعية عند الولادة كان مرتبطاً بشكل واضح بزيادة احتمالات مخاطر الوفاة من دون سبب بنسبة 14 في المائة أكثر لدى الرضع الذين لم يرضعوا من حليب الأم، مقابل أطفال الرضاعة الطبيعية.
من المعروف أن عملية الرضاعة نفسها تستلزم في الأغلب نوم الطفل بجوار أمه في الفراش نفسه، وهو الأمر الذي يحميه من حالة نادرة الحدوث ولكن شديدة الخطورة يمكن أن تؤدي إلى الوفاة بسبب توقف التنفس. ويحدث ذلك حينما ينام الرضيع على بطنه مما يتسبب في انسداد الأنف والفم، فضلاً عن أن الآلية نفسها تساعد على تنمية عضلات تجويف الفم والحلق، مما يساعد على إبقاء مجرى الهواء مفتوحاً ويحافظ على حياة الرضيع.
وأوصت الدراسة بضرورة الإرضاع فترات كافية وعدم الاهتمام بالآراء التي تقلل من أهمية الرضاعة الطبيعية في العام الأول بدعوى أنها مهمة في الدول الفقيرة فقط حيث لا يمكن الحصول على الحليب الصناعي الذي يحتوي على العناصر الغذائية اللازمة لنمو الرضيع بنسب متوازنة؛ لأن عملية الرضاعة تحمل فوائد كثيرة جداً لا تقتصر على مجرد الحليب، ففيها فوائد نفسية ومناعية وتساعد الطفل على النمو، وأيضاً تساعد الأم في التعافي من آثار الولادة بشكل سريع. وكذلك تلعب دوراً مهماً في حماية الأم من خطر الإصابة بسرطان الثدي وسرطان المبيض واكتئاب ما بعد الولادة.