ثورة 14 اكتوبر..القبس المتوهج في ذاكرة الوطن
ونحن نعيش احتفالات الذكرى السنوية الـ 61 لثورة الـ 14 من أكتوبر 1963م المجيدة، لابد من استحضار التضحيات الجسيمة التي بُذلت من أجل تحقيق مبادئ وأهداف هذه الثورة العظيمة، التي مهدت لإنجاز الاستقلال اليمني في الـ 30 من نوفمبر 1967م، عن المستعمر البريطاني الذي جثم على صدور اليمنيين في جنوب الوطن لنحو قرن وأكثر من عقدين من الزمن.
كما تمثّل الثورة الأكتوبرية، امتداداً طبيعيا لثورة الـ 26 من سبتمبر 1962م الخالدة، ضد الحكم الإمامي الكهنوتي في شمال الوطن آنذاك، وتعد ثورة أكتوبر أيضاً حدثاً مهماً للشعب وبلدنا اليمن في التاريخ الحديث، كونها تعد من أهم الثورات التي غيرت حياة اليمنيين، ومجرى التاريخ في جنوب الوطن بشكل خاص واليمن بشكل عام.
وأضاءت ثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م بانتصارها دروب أبناء الوطن في جزء غال، وأنهت حقبة مظلمة من الإستغلال والإضطهاد والقمع.
ومثلت هذه الثورة الخالدة التي انطلقت من جبال ردفان الشامخة فعل خلاق وثورة إنسانية أستهدفت تحرير الإنسان واستهدفت بناءه والإهتمام به ورعايته وإطلاق العنان لتفجير طاقاته الإبداعية في كل مجالات الحياة والإسهام الفاعل في بناء الوطن وتنميته .
ولا تقتصر أهمية هذه الثورة المباركة في كونها كانت منطلق التحرر من الاستعمار ومخلفاته فحسب، ولكن تكمن أهميتها التاريخية في انها أنتجت الدولة بهوية موحدة، واستطاعت توحيد 23 سلطنة ومشيخة وإمارة، وتحقق بعدها العيد الوطني للجمهورية اليمنية، في الـ 22 من مايو 1990م، وهي ثمرة النضال للثورتين (سبتمبر وأكتوبر).
و أشار عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، على الصراري، إلى أن ثورة أكتوبر كانت ثورة وطنية شاركت فيها فئات واسعة من الشمال والجنوب، ولا يمكن حصرها في فئة معينة أو جهة بحد داتها، فهي كانت ثورة شاملة احتضنت الجميع وعملت من أجل الجميع.
وقال في حديث لوكالة الانباء اليمنية (سبأ) بمناسبة العيد الـ٦١ لثورة الـ ١٤ من اكتوبر الخالدة " إن ثورة أكتوبر كانت الثورة المعادية لركائز الاستعمار في الجنوب، وكان هذا هو التوجه الرئيس الذي توجه به كافة الثوار الأحرار وكل أفراد شعب اليمن الحر في الشمال والجنوب، وعندما بدأ العمل الفدائي وحرب التحرير الوطنية ضد الاستعمار وركائزه كما هو معروف شاركت به كل فئات الشعب في عدن التي كانت حينها مسرحا كبيرا للنشاط الفدائي البطولي الذي استهدف الوجود الاستعماري والركائز المحلية المرتبطة بالاستعمار".
ولفت الصراري، إلى تكوين فرق نضالية مسلحة من أبناء المناطق الريفية، وفرق كانت تتلقى التدريب والتسليح في أماكن معينة، وأنه كان هناك فرق تتلقى التدريب والتسليح في معسكر للجبهة القومية في مدينة تعز، وقد تدرب فيه مئات المقاتلين من أجل الحرية والسلام العادل، كما كانت مدينة إب أيضاً سباقة في مساعدة الثوار الأحرار، فقد كانت ترسل الدعم والمساندة للمقاتلين من أجل تحرير واستقلال جنوب الوطن، ولهذا فان ثورة 14 أكتوبر لم تكن ثورة محددة الأفق، بل ثورة واسعة الأهداف والمشاركة، ومحل اهتمام ومشاركة واسعة من قبل جماهير واسعه من اليمنيين.
و أضاف " طبعا كانت ثورة الـ 14 من أكتوبر متغير أساسي في حياة الشعب اليمني لإنهاء واقع الاحتلال، فبدأت تدك الأساس الذي كان يستند إليه الاستعمار البريطاني وركائزه المحلية، وبدأ يشعر الاحتلال بأنه لم يعد لديه وقت كبير للبقاء في الجنوب اليمني المحتل، وكانت الجبهة القومية حينها تقود هذا النضال في المدينة والريف بزخم كبير وبمشاركة جماهيرية واسعة من قبل العمال والموظفين بالذات في عدن التي كانت الحاضنة اليمنية الأولى، ولم تكن مجرد حاضنة تشهد تفاعلات سياسية بل كانت حاضرة الثورة وكانت المصنع الذي ينتج ثوار ومكافحين من أجل الحرية والاستقلال، كما كانت النتيجة الطبيعية لثورة أكتوبر الوصول إلى يوم 30 نوفمبر عندما تم إجبار الاستعمار البريطاني على الرحيل، ومعه رحلت الفلول السلاطينية والمشيخات التي كانت تعمل تحت إدارة الاستعمار البريطاني".
واختتم الصراري حديثه قائلا " إن ثورة الـ 14 من أكتوبر، كانت ثورة وطنية تحررية ذات آفاق واسعة لأنها كانت تطرح مشروعا وطنياً جديداً، هذا المشروع كان الأساسي الذي وحد 23 سلطنة ومشيخة وإماره في إطار دولة واحدة، وكانت هذه الدولة لديها طموحا في أن تكون رأس حربة لثورة تحررية في المناطق كلها، لتؤسس دولة في جنوب اليمن وفي اليمن بشكل عام بل في المنطقة العربية كلها، وحصلت على دعم ومساندة من قوى التحرر العربية والعالمية، وهذا هو الذي ساعدها في تحقيق الانتصار في 30 نوفمبر 1967م، وتحرير اليمن وطرد الاستعمار ونيل الحرية والاستقلال وبناء اليمن الجديد".
بدوره تحدث رئيس دائرة حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني في مكتب رئاسة الجمهورية علي هزازي، عن الاحتفال بثورتي الـ ٢٦ من سبتمبر الخالدة، والـ 14 من أكتوبر المجيدة..مؤكداً ان ثورة سبتمبر ليست مجرد ذكرى ولكنها علامة فارقة بين عهدين عهد الإمامة البغيض وعهد الثورة المجيد، وهي عيد الأعياد الوطنية وفاتحة الطريق إلى الحرية، وجدير بنا أن نفتخر بثوراتنا سبتمبر وأكتوبر لعظمتيهما، فالأولى خلصت اليمنيين من نظام عنصري سلالي عزل اليمن عن محيطه وجعلهم يعيشون في جحيم ثالوث الجهل والفقر والمرض، والثانية دحرت الاستعمار دون رجعة.
وعبر عن تطلعه الى تجاوز كل خلافات الماضي، وان نتسامى فوق جراحنا، وان نتنازل عن مشاريعنا الصغيرة، وان تتجه الجهود لدحر المليشيات الحوثية واستعادة الدولة وبناء يمن جديد يتسع للجميع، كون ثورتي سبتمبر وأكتوبر حققتا أهدافا في مختلف المجالات، ويجب على الجميع مواصلة النضال لتخليد نضالات رموز الثورتين، وأن يجعل الجميع أولوية استعادة الدولة من أيدي المليشيات الحوثية التابعة لإيران، والذين يريدون أن يعصفوا بكل النتائج والمكاسب التي حققها الشعب.
وتابع هزازي " لم تقتصر مكاسب ثورة سبتمبر على تخليص اليمنيين من الحكم الإمامي البغيض في شمال اليمن، ولكنها ساهمت في تسريع وتيرة ثورة أكتوبر ضد المستعمر البريطاني، وكان هناك تعاون وثيق بين أحرار اليمن في الشمال والجنوب من أجل مواجهة القوى الظلامية ودحر المستعمر، وهذا تاريخ لا يمكن تجاوزه وحقائق لا يمكن إخفائها".
من جهتها اعتبرت الناشطة في مجال حقوق المرأة نور باعباد، أن ثورة الـ ١٤ من أكتوبر، حققت عدة إنجازات منها قيام دولة وطنية مستقلة أوصلت التعليم وفرص العمل وقيام العدل والمساواة بين أفراد المجتمع لكل المحافظات بروح اليمن الواحد، بصرف النظر عن الصراعات البينية، والتوجه السياسي الذي بقدر ما خدم فئات أضر بفئات أخرى، وهو قانون التأميم وخاصة المساكن.
وأكدت أنه من المهم الإشارة إلى تمكين المرأة في التعليم والعمل وقيام اتحاد نساء اليمن، وتواجد المرأة في مجلس الشعب والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني التي كانت قائمة آنذاك..لافتة الى ان ثورة أكتوبر كان شعارها وتوجهها الوطني هو اسم الدولة وقيام الوحدة اليمنية.
وقالت باعباد " مازالت ثورة ١٤ أكتوبر في قلب كل مواطن، والمتغيرات وهي سباقة في لم الشمل في مراحلها السابقة وصولاً إلى توحيد القوى وقيام الحزب الاشتراكي برغم الصراعات التي عاناها شعبنا، وأجدها فرصة ان نستلهم من ثورتنا المجيدة العبر والدروس لتجاوز الخلافات والجنوح إلى السلم والمصالحة، وتوحيد الوطن اليمني، والأخذ بالاعتبار التوجهات السياسية والمجتمعية، وقبول الآخر وبما لا يمس الدولة والوحدة".
واضافت " لابد أن يكون الحكم وطنيًا وعادلاً وصولاً لتنمية مستدامة بروح المساواة والحرص على ثروات وإيرادات الدولة والتوزيع العادل وتطوير الاقتصاد الوطني من زراعة ونفط وموارد معدنية وسمكية، وكذا السياحة والاستثمار وتوفير البيئة اللازمة، وكل ذلك يحتاج لتطوير الكفاءات البشرية، وأن كل ذلك لابد ان يحقق حماية الوطن وإخراجه من الحرب بدءا بحوار وطني أخوي يتجاوز الخلافات ويضع بالاعتبار أمن وأمان وسلام وتقدير بعضنا واتساع الوطن بروح الإخوة لنا جميعا".
وشددت الناشطة باعباد في ختام حديثها لوكالة الانباء اليمنية (سبأ) بمناسبة العيد الـ ٦١ لثورة الـ ١٤ ذكرى ثورة أكتوبر، على دور وتاريخ المرأة اليمنية، وتمكينها خاصة انها قد حصلت على فرص التعليم بمختلف مراحله، وان تتمكن من التواجد بمواقع صنع القرار، كون التهميش يحرم الوطن من واجب المرأة وحقها، ولا يخدم الوطن ويحرمه من الخبرة والكفاءة للرجل والمرأة".
وتظل رمزية ثورتي 26 سبتمبر و 14 اكتوبر المجيدتين حاضرتان في كل تفاصيل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية اليمنية، حيث احدثتا انتصارات كبيرة على الحكم الامامي في شمال اليمن، والاستعمار البريطاني في جنوب اليمن، وتمكنتا من تحقيق الوحدة الوطنية الشاملة لليمن والارض والانسان.
لقد سطرت ثورة اكتوبر الخالدة اروع الملاحم البطولية، وتوجت بالانتصارات الكبيرة، وسحقت كل الاحلام والاراجيف والخرافات وشيطنة الاستعمار، وحققت الاحلام التي كان يتوق لها ابناء الشعب اليمني شمالاً وجنوباً بعد ردحاً من الاستعباد والاستعمار، واحدثت نقطة تحول في تأريخ اليمن،