إقبال «هائل» على التصويت عن بُعد: نحو سيناريو 2020 مكرَّر؟
الرأي الثالث - وكالات
مع الإقبال غير المسبوق على التصويت عن بُعد، بات في الإمكان القول إنّ ما كان في أحد الأيام «اليوم الكبير» بالنسبة إلى الأميركيين، قد تحوّل، هذا العام، إلى «موسم» انتخابي طويل نسبياً، بعدما امتنع الناخبون عن الانتظار، حتى اليوم، وسارعوا، طوال الأيام الماضية، إلى الإدلاء بأصواتهم.
فحتى نهاية الأسبوع، كان أكثر من 74 مليون شخص قد صوتوا بالفعل، وهو عدد يساوي نحو 47% من مجمل الأصوات التي تم الإدلاء بها في الانتخابات الرئاسية عام 2020، طبقاً لأرقام نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية.
وباستثناء عام 2020، الذي أُجبر خلاله الناخبون على التصويت عبر البريد، بسبب جائحة «كوفيد – 19»، ما جعل التصويت عن بعد يشكل نسبة 63% من مجمل الأصوات الانتخابية، فقد كانت تلك النسبة تستقر، عادة، عند أرقام أدنى؛
إذ بلغت، على سبيل المثال، في عامَي 2012 و 2016، حوالى 36% فقط من مجمل الأصوات الانتخابية.
وإذ لا يزال تقدّم كل من المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، والديموقراطية، كامالا هاريس، على بعضهما البعض، ضمن «هامش خطأ» استطلاعات الرأي جميعها تقريباً، على امتداد جميع أنحاء البلاد،
فقد دفع ذلك بهما إلى قضاء فترة عشية الانتخابات، والأيام التي سبقتها، في الولايات المتأرجحة، لمحاولة انتزاع أكبر عدد من الأصوات منها، وآخرها بنسيلفانيا، التي زارها كلا المرشحين أمس،
علماً أنّ الولاية المشار إليها هي الأكبر من بين الولايات المتأرجحة، وستكون قادرة، طبقاً لخبراء، على حسم نتائج الانتخابات،
في حين تُظهر استطلاعات الرأي الأخيرة، بما في ذلك استطلاع أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» بالتعاون مع كلية «سيينا»، أنّ المرشحَين متعادلان في الولاية بنسبة 48%، مع هامش خطأ يبلغ حوالى 3.5 في المئة.
وإلى جانب بنسيلفانيا، كان ترامب حاضراً، أمس، في كل من كارولينا الجنوبية وميشيغان.
وبالحديث عن الأخيرة، فقد برز، في الفترة الماضية، اسم صهر ترامب، مايكل بولوس، ذي الأصول اللبنانية، بعدما تحدثت وسائل إعلام أميركية عن أنّ ترامب كان «يعتمد» عليه أخيراً لاستقطاب الناخبين اللبنانيين والعرب، «المُحبطين» من آلية تعامل الإدارة الديموقراطية مع العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان.
وفي خضمّ احتدام المنافسة، أشار استطلاع «تايمز/ سيينا» إلى أنّ هاريس تتقدم على منافسها الجمهوري بـ8 نقاط مئوية، في أوساط الأشخاص الذين صوتوا عن بُعد،
فيما يكتسب ترامب في المقابل، هامشاً أوسع، في أوساط الناخبين الذين يعتزمون التصويت، إلا أنهم لم يقوموا بذلك بعد، بحسب الاستطلاع نفسه، الذي وجد أيضاً أنّ هاريس متقدمة قليلاً في ثلاث ولايات متأرجحة، إنما بنسبة ضئيلة، تجعل من الصعب تحديد الفائز قبل انتهاء الفرز.
على أنّ ترامب، من جهته، لا يعترف، حتى الآن، بأي استطلاعات رأي تُظهر تقدّم هاريس، وهو هاجمها مراراً، ولا سيما الاستطلاع الذي أجرته أخيراً خبيرة الاستطلاعات آن سيلزر، ونشرته صحيفة «دي موين ريجستر» السبت.
وفي الواقع، كشف الاستطلاع، الذي يتمتع بموثوقية عالية في ولاية آيوا، وكان قد «تنبأ» بفوز ترامب فيها في عامَي 2016 و2020، أن هاريس متقدمة على «ترامب» بفارق ثلاث نقاط (47% - 44%)، في تحوّل غير مسبوق في الولاية التي تُعد تقليديّاً معقلاً للجمهوريين.
وتنقل مجلة «نيوزويك» عن الخبيرة قولها إنّه «كان من الصعب أن يتخيل أحد حدوث ذلك. لقد قفزت هاريس بوضوح إلى المقدّمة».
وعلى الأرجح، فإنّ ما أكسب هاريس زخماً، في تلك الولاية، هو شعبيتها في أوساط النساء، ولا سيما اللواتي تجاوزن سنّ الـ65. وفي حين أنّه لا يمكن إدراج ولاية آيوا ضمن لائحة الولايات المتأرجحة، إلا أنّ عدداً من المراقبين يرون أنه في حال تمكنت هاريس من «استعادتها»، فهي ستكون قادرة على إعادة «تشكيل» السباق «بشكل جذري».
وسرعان ما خرج ترامب ليندد باستطلاع الرأي المشار إليه، معتبراً أنّ الهدف من نشره هو إحباط مؤيديه وجعلهم غير متحمسين للإدلاء بأصواتهم، فيما اعتبرت حملته أنّ مثل هذه النتائج لا تشكل نموذجاً صالحاً يمكن التعويل عليه.
وهجوم ترامب الأخير، جنباً إلى جنب تصعيده للخطاب الذي يركز على «الاحتيال وسرقة الانتخابات»، طوال الأسبوع الماضي، يستمر في تأجيج المخاوف حول إمكانية تكرار سيناريو الفوضى الذي طبع انتخابات عام 2020، ولا سيما أنّ ترامب قد جهز، طبقاً لخبراء، «الأرضية» لهكذا سيناريو، في أوساط ناخبيه، وتحديداً عبر الادعاء مراراً أنّ كل استطلاعات الرأي تصب لمصلحته، وأنّ أي نتيجة لا تعكس ذلك، ستكون «مزورة».
واللافت أنّ ترامب كان يدعو مناصريه، طوال الفترة الماضية، إلى جعل فارق النتيجة «كبيراً جداً»، إلى حدّ يجعل من الصعب «التلاعب» به، قبل أن يصل احتدام المنافسة إلى ما وصل إليه اليوم.