برلين تجري «اتصالات مكثّفة» مع الإدارة السورية الجديدة
الرأي الثالث - وكالات
اجتمع قائد الإدارة الجديدة في سورية أحمد الشرع في دمشق، امس الجمعة، وزيري خارجية فرنسا جان نويل بارو وألمانيا أنالينا بيربوك، وذلك بعد اجتماعات عقدها الوزيران مع بعض الفعاليات المدنية والدينية، وزيارتهما سجن صيدنايا سيئ السمعة قرب العاصمة السورية.
وأظهرت لقطات قائد الإدارة الجديدة متوسطاً الوزير الفرنسي والوزيرة الألمانية، في أول لقاء على هذا المستوى يعقده الشرع مع مسؤولين غربيين منذ أطاح تحالف فصائل معارضة، تتقدمه هيئة تحرير الشام التي يتزعمها، رئيس النظام السابق بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024.
وقالت بيربوك من دمشق بعد اللقاء إن أوروبا لن تمول إنشاء هياكل إسلامية جديدة في سورية. وأضافت: "ستدعم أوروبا البلاد، لكن أوروبا لن تكون راعية لهياكل إسلامية جديدة".
ونقلت وكالة رويترز عن بيربوك قولها رداً على سؤال عن رفع العقوبات عن سورية: "هناك إشارات متباينة حتى الآن"، مشيرة إلى أن هذا سيعتمد على المضي قدماً في العملية السياسية.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي قبيل اللقاء مع الشرع التزام فرنسا بالوقوف إلى جانب ممثلي المجتمع المدني والمسيحيين في سورية، مشيراً إلى استمرار التواصل معهم "كما فعلت فرنسا خلال السنوات الثلاث عشر الماضية"،
معرباً عن أمله في أن تكون سورية دولة ذات سيادة، مستقرة وهادئة، معتبراً أن هذا الأمل "حقيقي لكنه هش".
وشدد بارو على ضرورة إسكات الأسلحة في كلّ أنحاء البلاد لتحقيق سورية آمنة من دون حروب واقتتال، معرباً عن صدمته من الظروف الوحشية التي كان يعيش فيها المعتقلون خلال زيارته إلى سجن صيدنايا، الذي كان مركزاً للقمع خلال فترة حكم بشار الأسد.
ودعا بارو قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلى تسليم السلاح والانخراط في الحياة السياسية، مؤكداً رفض فرنسا الإرهاب في سورية، ومعلناً عن مبادرة لإرسال خبراء لنزع الأسلحة الكيميائية إلى سورية، في إطار جهود فرنسا لتعزيز الأمن والاستقرار في البلاد.
وأكد بارو أنه لا يمكن تحقيق مصالحة في سورية من دون تحقيق العدالة، مشدداً على التزام فرنسا بمكافحة الإفلات من العقاب لرموز النظام السابق، لافتاً إلى عودة قريبة للبعثة الدبلوماسية الفرنسية إلى سورية في إطار دعم باريس تطلعات السوريين في انتقال سياسي سلمي.
ووصل بارو وبيربوك صباح اليوم الجمعة إلى دمشق، في أول زيارة لوزيري خارجية من الاتحاد الأوروبي إلى سورية منذ سقوط نظام بشار الأسد.
ونيابة عن منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس، تعتزم بيربوك وبارو إجراء محادثات مع ممثلي الحكومة السورية المؤقتة.
وجال وزير الخارجية الفرنسي ونظيرته الألمانية في سجن صيدنايا قرب دمشق الذي يشكّل رمزاً للقمع في ظلّ حكم بشار الأسد. وقال المتحدث باسم الحكومة السورية المؤقتة محمد الفيصل إنّ الجولة جرت برفقة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء".
شولتز: نجري اتصالات مكثفة مع الإدارة السورية الجديدة
في غضون ذلك، قال المستشار الألماني أولاف شولتز، اليوم الجمعة، إن برلين تجري اتصالات مكثفة مع الإدارة السورية الجديدة وتتواصل أيضاً مع فصائل المعارضة في البلاد، مشدداً على أهمية مشاركة الطوائف المختلفة في صياغة مستقبل سورية.
وأضاف شولتز للصحافيين خلال زيارة إلى مصنع لرولز رويس جنوبي برلين: "سننظر من كثب في كيفية تحقيق تقدم في تعزيز اتصالاتنا، وفي الوقت نفسه، جعل هذه العملية ميسرة لتحقيق مستقبل أفضل لسورية دولةً، ولمواطني سورية".
وشهدت سورية في الفترة الأخيرة حركة دبلوماسية نشطة حيث استقبلت العديد من الوفود الدبلوماسية العربية والدولية منذ سقوط الأسد، لتخرج من عزلة فرضت عليها منذ قمع الأسد التظاهرات الشعبية التي خرجت في عام 2011.
وكانت فرنسا أرسلت في 17 ديسمبر/ كانون الأول مبعوثين لدى السلطات الجديدة ورفعت علمها فوق سفارتها المغلقة منذ العام 2012 في دمشق.
وأرسلت ألمانيا، التي أغلقت كذلك سفارتها منذ العام 2012، مبعوثين في اليوم نفسه بهدف إقامة اتصالات مع السلطات الانتقالية.
مبلغ مالي وتكاليف مشروع تجاري
من جهته، أعلن متحدّث باسم وزارة الداخلية الألمانية اليوم أنّ «برلين تعتزم زيادة برنامج مالي للمواطنين السوريين الراغبين في العودة إلى بلدهم» في أعقاب سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
وأكد أنّ ألمانيا «تريد التوسّع في البرنامج في المستقبل لمن يرغبون بالرحيل طوعاً»، وذكر أن ألمانيا ستوفّر نفقات سفر بقيمة 200 يورو (205 دولارات) وتكاليف بدء مشروع تجاري بقيمة ألف يورو لكل بالغ يرغب في مغادرة ألمانيا،
وقال: «أعتقد أنّ الوضع لا يزال غير واضح تماماً بالنسبة لتحركات العودة بأعدادٍ كبيرة».
62 مليون دولار لسوريا
وفي وقت سابق هذا الأسبوع، أعلنت ألمانيا أنها «ستقدم 60 مليون يورو (62.70 مليون دولار) لدعم مشروعات في سوريا من أجل تعزيز التعليم وحقوق المرأة وقطاعات أخرى».
وأوضحت وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية سفينيا شولتسه أن «نصف المشروعات تقريباً تركز على التعليم، إذ سيتم توجيه 25 مليون يورو إلى وكالة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) وستة ملايين يورو لمنظمة آركي نوفا الإغاثية التي تدير مدارس تضم نحو ثلاثة آلاف طفل»،
مشيرةً إلى أن «19 مليون يورو أخرى ستذهب إلى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في حين ستحصل منظمات غير حكومية سورية على سبعة ملايين يورو وسيتم تقديم ثلاثة ملايين يورو إلى صندوق خاص للأمم المتحدة لدعم منظمات المرأة السورية».
(رويترز، فرانس برس)