التحالف يواصل سحب معداته وقواته من شمال شرق سورية
الرأي الثالث - وكالات
هدّدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب باتخاذ موقف صارم مع حكومة سورية الجديدة، حيث أصدرت مطالب تتضمّن اتخاذ إجراءات صارمة ضد المتطرفين، وطرد المسلحين المنتمين إلى الفصائل الفلسطينية، مقابل تخفيف محدود للعقوبات، وفق ما ذكره مسؤولون أميركيون لصحيفة وول ستريت جورنال الجمعة.
وأشار المسؤولون إلى أن البيت الأبيض أصدر توجيهات سياسية في الأسابيع الأخيرة، تدعو الحكومة في سورية إلى اتخاذ خطوات تشمل أيضاً تأمين مخزون البلاد من الأسلحة الكيميائية، لافتين إلى أن واشنطن ستنظر في المقابل في تجديد إعفاء محدود من العقوبات، أصدرته إدارة جو بايدن السابقة، بهدف تسريع تدفق المساعدات إلى البلاد.
وقالت الصحيفة إن هذه التوجيهات تعكس شكوكاً في صفوف إدارة ترامب في الحكومة السورية،
مشيرة في سياق متصل إلى عدم وجود ذكر لروسيا في المخطط السياسي، مما يؤشر إلى كيفية تخفيف إدارة ترامب، على الأقل في الوقت الحالي، من الضغط الذي مارسته واشنطن في عهد بايدن، لحث دمشق على التخلص من القواعد العسكرية الروسية في سورية.
ويأتي هذا في وقت يتفاوض المسؤولون الأميركيون مع موسكو بشأن إنهاء الصراع في أوكرانيا.
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية قولها "لا تعترف الولايات المتحدة حالياً بأي كيان كحكومة سورية"، مشددة على أنه "ينبغي للسلطات السورية المؤقتة نبذ الإرهاب وقمعه تماماً".
ورفعت إدارة بايدن السابقة مكافأة مالية قدرها 10 ملايين دولار كان رصدها مكتب التحقيقات الفيدرالي للقبض على أحمد الشرع، الرئيس السوري الجديد، والذي كان مصنّفاً على لائحة الإرهاب الأميركية،
لكن إدارة ترامب تبدو غير راغبة في المضي قدماً من دون خطوات إضافية منه، ومن القوات التي يقودها، بحسب الصحيفة. ورفضت الحكومة السورية التعليق على مطالب السياسة الأميركية الجديدة التي أُبلغت بها.
ويأتي هذا في وقت بدأ الجيش الأميركي سحب مئات الجنود من شمال سورية مع استعداده لإغلاق ثلاث من أصل ثماني قواعد عسكرية في المنطقة، وفق ما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية الخميس.
وأشارت الصحيفة نقلاً عن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى، إلى أن هذه الخطة ستؤدي إلى خفض عدد الجنود الأميركيين في سورية من 2000 إلى 1400 جندي.
وفي السياق عينه، نشرت صحيفة "واشنطن بوست"، الخميس أيضاً، تصريحات عن مسؤول أميركي كبير في إدارة ترامب، قال فيها إن خطط واشنطن لتقليص وجودها العسكري في سورية تأتي ضمن إعادة تقييم شاملة للسياسات الأميركية في المنطقة.
وبحسب الصحيفة، فإن واشنطن طالبت دمشق بإعلان حظر على جميع المليشيات والأنشطة السياسية المرتبطة بحركات فلسطينية، كما طالبت بترحيل أعضاء هذه المجموعات، في خطوة تهدف إلى تهدئة المخاوف الإسرائيلية.
كذلك، تضمنت المطالب الأميركية دعم دمشق عملية "العزم الصلب" التي يقودها التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، في مؤشر على رغبة واشنطن في مواصلة محاربة الإرهاب ضمن شراكة أمنية جديدة مع الحكومة السورية.
وأشار المصدر الأميركي إلى أن الولايات المتحدة تنتظر من دمشق أفعالاً لا أقوالاً، في إشارة واضحة إلى ضرورة اتخاذ إجراءات ملموسة من قبل الحكومة السورية على الأرض.
وواصلت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، تنفيذ عمليات سحب تدريجية لمعداتها وقواتها العسكرية من مناطق شمال شرق سورية، في خطوة تعكس توجهاً متسارعاً نحو تقليص الوجود العسكري الأميركي في البلاد.
ونقلت قوات التحالف، خلال الساعات الماضية من فجر اليوم السبت، طائرتين عسكريتين محمّلتين بمعدات عسكرية ولوجستية من قاعدة "الشدادي" الواقعة في ريف محافظة الحسكة الجنوبي، باتجاه قواعد التحالف في إقليم كردستان العراق.
وتعد هذه العملية الرابعة من نوعها خلال الأيام الأخيرة، ضمن سلسلة تحركات شملت انسحاب أرتال كبيرة من الشاحنات من قواعد أخرى في سورية.
وسبق أن سحبت القوات الأميركية، قبل أيام، ثلاثة أرتال شاحنات محمّلة بمعدات عسكرية ولوجستية من قواعدها في دير الزور، حيث غادرت نحو 200 شاحنة من قاعدة حقل "كونيكو" للغاز في الريف الشمالي، تبعتها حوالي 50 شاحنة من قاعدة حقل "العمر" النفطي – التي تُعد أكبر قاعدة عسكرية تابعة لقوات التحالف في سورية – بالإضافة إلى رتل ثالث يضم نحو 100 شاحنة، انطلقت أيضاً من حقل "كونيكو".
وتأتي هذه الخطوات في وقت نقلت فيه وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، مساء أمس الجمعة، إعلانه نية الوزارة سحب نحو 1000 جندي من الأراضي السورية، في إطار مراجعة شاملة للانتشار العسكري الأميركي في الشرق الأوسط.
كما أعلن البنتاغون توحيد كلّ القوات الأميركية العاملة في سورية تحت مظلة "قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب"، ما يعكس توجهاً لإعادة هيكلة الوجود العسكري وتنظيمه في المنطقة.
وتثير هذه التحركات تساؤلات حول مستقبل الدور الأميركي في سورية، ولا سيما في مناطق الشمال الشرقي التي لا تزال تشهد توتراً أمنياً ونشاطاً لتنظيم "داعش" في بعض الجيوب، إلى جانب تعقيدات العلاقة بين القوات الأميركية والقوى المحلية والإقليمية الفاعلة في المشهد السوري.