حضرموت: الانتقالي يُعزز من انتشار قواته وكبرى شركات النفط توقف عملياتها
بينما أعلنت كبرى شركات انتاج النفط شرقي اليمن عن إيقاف شامل لعملياتها في سياق إجراءات احترازية، يتحرك التوتر في محافظة حضرموت، على مقربة من الانفجار، مع استمرار المجلس الانتقالي الجنوبي برفد قواته بأرتال جديدة من خارج المحافظة،
مع اجراء تعيينات وإقالات داخل هيكل القوات الموالية له في الساحل، وذلك بموازاة تحركات لألوية في سياق إعادة التموضع بالقرب من مراكز التماس من ناحية وتعزيز الانتشار في مديريات الوادي من ناحية أخرى.
قوات النخبة الحضرمية معززة بوحدات من (القوات المسلحة الجنوبية)، وصلت، أمس الاثنين، إلى مديرية دوعن في الوادي.
وأعلن ناشطون محليون أن قوات المليشيا المستقدمة بدأت بالانتشار في خطة تستهدف تأمين مديريات وادي حضرموت، في سياق الاستعداد لاستهداف قوات المنطقة العسكرية الأولى(الحكومية) بدرجة رئيسية.
وكانت مديرية شبام قد شهدت وصول قوات وعتاد إضافي رفدًا للواء المتموضع هناك من قوات المنطقة العسكرية الثانية الموالية للانتقالي.
بالتوازي، شهدت مدينة سيئون عاصمة الوادي، مساء أمس الاثنين، مواجهات بين المعتصمين من أنصار الانتقالي وقوات المنطقة العسكرية الأولى التي حاولت فض الاعتصام.
وأعلن المعتصمون أن اعتصامهم مستمر حتى تنفيذ مطالبهم، وفي مقدمتها اخراج قوات المنطقة الأولى من الوادي.
إلى ذلك، أكد موقع يومية «عدن الغد» المحليةـ نقلًا عن شهود عيان، أمس الاثنين، وجود تحركات عسكرية واسعة شوهدت في منطقة العيون، حيث كانت تتجه قوة كبيرة نحو هضبة حضرموت.
وحسب المصادر عينها فإن تلك القوات تستهدف مواقع حيوية في محيط شركة بترومسيلة، ضمن عملية يعتقد أنها تهدف إلى تغيير خارطة السيطرة هناك.
كما تواصل قوات النخبة الحضرمية حشد قوة عسكرية كبيرة تضم عدداً من الألوية والوحدات التابعة للمنطقة العسكرية الثانية، تم الدفع بها مؤخراً إلى معسكر الأدواس كقوة دعم وإسناد للقوة المتواجدة على مقربة من المنشآت النفطية بقطاع المسيلة.
وأكدّت قيادة المنطقة العسكرية الثانية، «أن قيادة هذه القوة تتحلى بأعلى درجات ضبط النفس، وتحرص على تجنب أي مواجهة مع أي قوة أو مكون حضرمي آخر، وذلك حفاظاً على وحدة الصف الداخلي، ومنع أي احتقان قد تستغله أطراف معادية لأمن واستقرار حضرموت».
التحشيد صوب الوادي
في المقابل، يستقبل حلف قبائل حضرموت كل يوم أعيانًا وحشودًا قبلية مناصرة لموقفه ومنظمّه لقواته، التي سيطرت على المنشآت النفطية لشركة بترومسيلة، السبت، في خطوة استباقية،
وذلك بموازاة إصراره وتمسكه بما اعتبره حقه في الدفاع عن حضرموت، وحماية ثرواتها، ممن وصفهم بالغزاة، الذين جاءوا من خارج المحافظة للسيطرة على ثرواتها، وفرض مشروع سياسي جديد.
أربك استباق قوات حماية حضرموت التابعة لحلف القبائل في السيطرة على المنشآت النفطية لشركة بترومسيلة، استعدادات قوات المجلس الانتقالي، الذي مازال يحشد من محافظات مجاورة إلى حضرموت، بجانب ما قد استقدمه خلال الفترة القليلة الماضية،
وبالإضافة ما تمثل له قوات المنطقة العسكرية الثانية والنخبة الحضرمية.
اضطر الانتقالي خلال اليومين الماضيين إلى اجراء تغييرات في قيادات بعض الوحدات داخل المنطقة العسكرية الثانية، بموازاة إعادة تموضع جديد لبعض الألوية، مع استمرار التمدد في الساحل، وبعض مناطق في الهضبة، مع سيطرة قواته على مصب النفط في الضبة وغيرها من المواقع الهامة على امتداد الساحل.
يأتي ذلك مع استمرار الانتقالي في التحشيد صوب الوادي، وآخرها تحريك لواء جديد من محافظة شبوه، شوهدت بعض آلياته على الطريق الصحراوي، وتقول مصادر محلية إن هذه القوات ستتجمع في آخر مناطق شبوة الصحراوية المحاذية لوادي حضرموت.
تحشيد كبير لم ينته، لكنه يؤكد أن الانتقالي يدرك أن معركته في حضرموت هي معركة مصير، وفي حال خسرها فسينكسر مشروعه السياسي، وسيدفع محافظات أخرى للخروج من تحت عباءته،
لكنه في المقابل يواجه رفضًا قبليًا واسعًا في حضرموت، وهو ما عبّر عن نفسه بوضوح في الدعم القبلي لقوات حماية حضرموت، التابعة للحلف، الذي يؤكد أنه يدافع عن أرضه وثرواته،
وبالتالي يدرك الحلف، أيضًا، أن المعركة هي معركة مصير أيضًا، مما يجعل الحرب في حال انفجارها جحيم يمني آخر لا يعرف المتابعون إلى أين سيذهب؟
التمركز في الساحل
وقال رئيس حلف قبائل حضرموت، رئيس مؤتمر حضرموت الجامع، الشيخ عمرو بن حبريش، في تصريحات تلفزيونية، أمس الاثنين، إن «حضرموت تتعرض لغزو خارجي من قبل قبائل من محافظات أخرى، وهي قبائل مسلحة دخلت المحافظة بحشود كبيرة، وسيطرت على مصب الضبة النفطي في البحر العربي،
كما سيطروا على مواقع كثيرة في الساحل، بالإضافة إلى تهديد قوات النخبة الحضرمية واستبدال بعض الألوية بقوات من خارج المحافظة».
وبينما اتهم أبوظبي بالوقوف وراء الانتقالي ومشروعه السياسي، ومده بكل العتاد العسكري الذي جاء به إلى حضرموت، طالب السعودية «التي هي قائدة التحالف وتربطنا بهم صلات كبيرة بالتدخل».
وفيما يتعلق بالتصعيد الأخيرة، أوضح: «نحن قمنا بخطوة استباقيه، وسيطرنا على المنشآت النفطية لشركة بترومسيلة وتعزيز حمايتها وأمنها».
كما أوضح أن «هدف المجلس الانتقالي الجنوبي من حضرموت هو السيطرة على المحافظة، وموارد النفط، والمواقع الاستراتيجية، وثانيًا: فرض مشروعهم السياسي بالقوة، فيما يُعرف بدولة الجنوب العربي، وهو مشروع مرفوض في حضرموت».
وأكدَّ: «نحن في حالة الدفاع عن أنفسنا، وسندافع عن بلدنا بكل ما أوتينا من قوة، فلدينا الإرادة وحق الدفاع عن أرضنا».
ونشطت محاولات وساطة خلال اليومين الماضين، لكنها وصلت إلى طريق مسدود في ظل تمسك كل طرف بموقفه.
مصادر تقول إن الحلف اشترط خروج كافة القوات المستقدمة إلى داخل المكلا قبل انسحاب قواته من محيط المنشآت النفطية، وهو ما رفضه الانتقالي.
إيقاف عمليات التكرير
جراء التصعيد، غرقت معظم مناطق وادي حضرموت، في الظلام، جراء انقطاع الكهرباء الناتج عن توقف امدادات الغاز نتيجة توقف عمليات شركة بترومسيلة، وهي كبرى شركات انتاج النفط في حضرموت واليمن.
وأعلنت مؤسسة الكهرباء بالوادي، «خروج منظومة الكهرباء عن الخدمة بشكل تدريجي ثم شبه كامل، عقب توقف المحطات الغازية في بترومسيلة والجزيرة نتيجة انقطاع إمدادات الغاز القادمة من شركة بترومسيلة».
وأوضحت المؤسسة أن «هذا التوقف المفاجئ أدى إلى خروج أكثر من 85% من القدرة التوليدية لمنظومة الكهرباء، ما تسبب في انقطاع التيار عن معظم مناطق الوادي».
وأكدت أن فرقها الفنية «في جاهزية تامة لاستئناف التشغيل فور عودة ضخ الغاز، ووصول الإمدادات اللازمة لتفعيل المحطات الغازية».
وكانت شركة بترومسيلة قد أصدرت بيانًا أوضحت فيه الأسباب التي أدّت إلى إيقاف عمليات الإنتاج والتكرير، وتوقف إمدادات الغاز لتشغيل محطات الكهرباء الغازية التي تخدم مناطق وادي حضرموت
وقالت إنها «قد اضطرّت إلى وقف عمليات الإنتاج والتكرير بصورة كاملة في حقول وآبار ومنشآت قطاع (14)، منذُ يوم السبت الموافق 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، نتيجةً لتدهور الأوضاع الأمنية حول منشآت القطاع».
وأضافت: «ويٌعد هذا الإجراء من أولويات قواعد الأمن والسلامة الأساسية والصارمة في الصناعة النفطية في الحالات الأمنية الطارئة، وذلك حرصاً من الشركة على أرواح العاملين والمجتمعات المجاورة وعلى سلامة المنشآت في القطاع والحفاظ على البيئة في المناطق المجاورة».
وقالت «إن تعرض المواد النفطية والغازية في الخزانات والمنشآت لأي حادث عرضي جراء أي اشتباكات مسلحة قد يؤدي إلى حوادث كارثية وخسائر هائلة، لا يُحمد عقباها».
وأوضحت: «حافظت شركة بترومسيلة على استمرار الحد الأدنى من العمليات الإنتاجية في قطاع (10) لغرض توفير كميات وقود الغاز الضرورية المصاحبة لإنتاج النفط لتشغيل محطة وادي حضرموت الغازية (75 ميغاوات) التي تشغلها الشركة ومحطة الجزيرة الغازية، حيث تولي هذا الأمر أولوية قصوى لتزويد المواطنين بالكهرباء».
وأردفت: «استمرت العمليات حتى الساعة الثامنة من مساء يوم الأحد الموافق 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025، حين اضطرت الشركة إلى وقف عمليات قطاع (10) أيضاً بعد امتلاء خزانات النفط الخام في القطاع، وعدم التمكن من ضخ الكميات المخزونة إلى قطاع (14) نتيجةّ تصاعد حدة الأوضاع الأمنية».
وقالت: «وبناء على تلك الظروف القاهرة، توقفت إمدادات وقود الغاز اللازمة لتشغيل المحطتين الغازيتين، وتم إجراء إطفاء تدريجي للمنشآت الغازية ومحطة كهرباء وادي حضرموت الغازية (75 ميغاوات)».
مواقف ومخاوف
الموقف السياسي اليمني إزاء حضرموت، يستمر في التحذير الصادر عن مكونات مختلفة، من مغبة تجاهل الوضع هناك.
فبينما أكد التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية أن ما تشهده حضرموت يذهب بالمحافظة من حالة الاستقرار إلى حالة الفوضى والانقسام المنذر بسفك الدماء،
أعرب تيار التغيير والتحرير عن قلقه «مما تتعرض له حضرموت من اعتداءات سافرة وغزو تقوم به قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، في محاولة لفرض واقع بالقوة وترويع أبناء المحافظة، وهو عمل مرفوض ومدان ولا يمكن القبول به تحت أي مبرر».
ودعا «القوى الوطنية إلى تحمل مسؤولياتها فورًا ورفض التصعيد العبثي والاصطفاف لحماية حضرموت، وصون سيادتها وحق أبناءها في إدارة شؤونهم بعيدًا عن السطوة والقسر».
ويتواتر صدور بيانات لزعامات قبلية في حضرموت تؤكد موقفها الرافض «لأي تدخلات خارجية في شؤون حضرموت، سواء عبر فرض الوصاية أو استقدام قوات من خارجها لتمكين أي مكوّن سياسي من السيطرة على قرارها أو مصادرة إرادة أبنائها».
أحمد الأغبري
القدس العربي