سوريا تُطلق عملتها الجديدة وتبدأ استبدال الأوراق القديمة مطلع 2026
الرأي الثالث - وكالات
أعلنت السلطات السورية، اليوم الاثنين، إطلاق العملة السورية الجديدة خلال حفل رسمي أقيم في قصر المؤتمرات بدمشق
حيث كشف الرئيس السوري أحمد الشرع، اليوم الاثنين، عن العملة السورية الجديدة خلال حفل رسمي أقيم في قصر المؤتمرات بالعاصمة دمشق، بحضور حاكم مصرف سورية المركزي عبد القادر الحصرية، وعدد من المسؤولين والخبراء.
وأكد الشرع أن عملية تبديل العملة تمثل "عنواناً لأفول مرحلة سابقة لا مأسوف عليها، وبداية مرحلة جديدة يطمح لها الشعب السوري"،
مشدداً على أن حذف الأصفار لا يعني تحسناً اقتصادياً بحد ذاته، بل يهدف إلى تسهيل التعامل النقدي، فيما يبقى تحسين الاقتصاد مرتبطاً بزيادة الإنتاج وخفض البطالة وإصلاح القطاع المصرفي.
من جهته، أوضح حاكم مصرف سورية المركزي أن استبدال العملة هو "عملية تقنية لا تغيّر من قيمتها"، كاشفاً أن التنفيذ سيتم خلال 90 يوماً قابلة للتمديد، مع التسعير بالعملتين خلال المرحلة الانتقالية،
ومؤكداً أن العملية لن تؤدي إلى تضخم أو ارتفاع في الأسعار. وأُعلن خلال الحفل عن إطلاق العملة السورية الجديدة بفئات 10 و25 و50 و100 و200 و500 ليرة،
في تصميمات ترمز، بحسب وزارة الإعلام السورية، إلى القمح والزيتون والقطن والحمضيات والوردة الشامية والتوت الشامي باعتبارها رموزاً للهوية الاقتصادية والثقافية السورية.
وخلال كلمة له في الحفل، قال المستشار المهندس عبد الله الشماع إن فريقاً من المستشارين والخبراء السوريين تعاون مع كوادر مصرف سورية المركزي لتحليل الواقع النقدي القائم، والاطلاع على التجارب العالمية عبر زيارات ميدانية لبنوك مركزية ومؤسسات مالية دولية.
وأضاف أن ملامح استراتيجية تبديل العملة السورية تبلورت على أسس علمية تستند إلى أفضل المعايير العالمية، بهدف إعادة المصرف المركزي إلى "موضعه الطبيعي بين المصارف المركزية حول العالم".
وأوضح أن الرؤية اعتمدت على خمس ركائز مترابطة، تشمل السياسة النقدية والاستقرار السعري، وسوق صرف متوازن وشفاف، وقطاعاً مصرفياً سليماً، ونظام مدفوعات رقمية آمناً ومتكاملاً، إضافة إلى التكامل المالي الدولي والشمول المالي المستدام،
معتبراً أن مصرف سورية المركزي يُراد له أن يكون "الركيزة الوطنية للاستقرار والثقة".
الشرع: حذف الأصفار من العملة السورية لا يصنع اقتصاداً
وفي جلسة حوارية ضمن الحفل، شدد الرئيس أحمد الشرع على أن عملية تبديل العملة السورية خضعت لنقاشات طويلة، في ظل تجارب عالمية متعددة نجح بعضها وفشل بعضها الآخر،
مؤكداً أن العملية "دقيقة جداً" وتتطلب إدارة حذرة للمرحلة الانتقالية. وأوضح أن نزع صفرين من العملة القديمة لا يعني تحسناً اقتصادياً تلقائياً، بل يسهّل عمليات التداول فقط.
وأشار الشرع إلى أن تحسين الاقتصاد السوري يرتكز على زيادة معدلات الإنتاج وخفض البطالة، مؤكداً أن إصلاح القطاع المصرفي يمثل أحد أعمدة النمو، "فالمصارف كالشرايين بالنسبة للاقتصاد".
وحذر من أي حالة فزع بين المواطنين خلال مرحلة الاستبدال، داعياً إلى الهدوء وعدم التسرع في استبدال العملة القديمة، ومؤكداً أن المصرف المركزي سيتكفل باستبدالها وفق جدول زمني محدد.
ولفت إلى أن فقدان الثقة بالليرة السورية خلال السنوات الماضية جاء نتيجة الانهيار في قطاعات عدة، وارتفاع سعر الصرف، ما دفع المواطنين إلى اكتناز العملة في المنازل بعيداً عن المصارف.
واعتبر أن شكل العملة الجديدة يعكس "هوية وطنية جديدة" ويبتعد عن تقديس الأشخاص، بالاعتماد على رموز مرتبطة بالواقع السوري، "فالأشخاص يذهبون ويأتون".
وأكد أن العملة الجديدة ستسهّل عمليات البيع والشراء، وتقلل الاعتماد على الدولار، وتعزز الثقة بالاقتصاد السوري على المدى الاستراتيجي، داعياً إلى تجريم المضاربات الوهمية وضخ السيولة تدريجياً بما لا يؤثر على معدلات التضخم.
كما أشار إلى أن تصميم العملة استعاد الذاكرة التاريخية للسلع التي تتوفر أساساً في سورية.
ورأى الشرع أن الاقتصاد السوري "يسير بخطوات مركزة"، وأن أسسه وُضعت خلال العام الماضي، مع الحاجة إلى مزيد من التأسيس، على أن تظهر النتائج تدريجياً.
وأكد أن الثقة بالاقتصاد السوري تنبع أيضاً من الموقع الجيوسياسي لسورية، ومن الإقبال الإقليمي والدولي المتزايد عليها،
مشيراً إلى التعاقد مع شركات عدة لتنفيذ عملية الاستبدال، وإلى إنشاء ما يشبه غرفة عمليات داخل المصرف المركزي للتعامل مع أي تطورات، مع التشديد على أن المصرف المركزي سيكون المصدر الرئيسي للمعلومات.
مصرف سورية المركزي: عملية تقنية لا تغيّر القيمة
من جانبه، قال حاكم مصرف سورية المركزي عبد القادر الحصرية إن رؤية المصرف تقوم على أن يكون الركيزة الوطنية للاستقرار، وإن قرار استبدال العملة يأتي في هذا الإطار باعتباره "عملية تقنية لا تغيّر من قيمة العملة، بل تقتصر على حذف الأصفار".
وأضاف أن من أهداف العملية تبسيط الإجراءات وتسهيل حياة المواطنين، وتحقيق قطيعة مع رموز الماضي، إضافة إلى ضبط الكتلة النقدية وحصر القيمة المتداولة فعلياً.
وأوضح الحصرية أن المصرف استفاد من تجارب دول نجحت في استبدال عملاتها، مثل التجربتين الفرنسية والألمانية، لا سيما أنهما جاءتا بعد حروب أو تحولات سياسية كبرى.
وكشف أن المصرف المركزي تسلّم مهامه في "حالة كارثية" نتيجة ممارسات النظام السابق، إلا أنه، رغم التحديات، تمكن من تحقيق قدر من الاستقرار. وأكد أن المصرف يعمل على ترسيخ الاستقرار النقدي، وبناء نظام مصرفي سليم، ونظام مدفوعات رقمي وشامل،
مشيراً إلى أن العملة الجديدة ستساعد على تنفيذ السياسات النقدية المقررة. وأضاف أن تبديل العملة لن يؤثر على سعر الصرف، ومن المتوقع أن يشجع المواطنين على استخدام الليرة السورية في تعاملاتهم اليومية.
وبيّن أن عملية الاستبدال ستجرى خلال 90 يوماً قابلة للتمديد وفق الحاجة، مع اعتماد التسعير بالعملتين القديمة والجديدة خلال المرحلة الانتقالية،
مؤكداً أن ذلك يهدف إلى استقرار الأسعار. كما أعلن عن حملة إعلامية سترافق العملية لشرح تفاصيلها، مؤكداً أن المصرف أخذ في الحسبان المخاطر المحتملة، وعلى رأسها ارتباك المواطنين، ووضع خططاً لمواجهتها.
ودعا الحصرية المواطنين إلى تعزيز الثقة بالليرة السورية والاطمئنان إلى آلية الاستبدال، مشدداً على أن المهل المحددة ضرورية لإنجاح العملية، ولا مجال لزيادة التضخم أو ارتفاع الأسعار،
كما دعا التجار والصرافين إلى الالتزام بالأنظمة والقوانين وعدم استغلال مرحلة تبديل العملة.